د. أيمن الهاشمي
يتمتع الشيخ يوسف القرضاوي بمكانة خاصة في قلوب وعقول مئات الملايين من المسلمين في مختلف انحاء العالم, ليس فقط بسبب باعه الطويل في علوم الفقه والشريعة (اكثر من ستين كتاباً) وإنما أيضاً بسبب مواقفه السياسية الصلبة الداعمة للمقاومة وتحرير الاراضي والمقدسات الاسلامية, وهي مواقف عرضته لحملات شرسة من الاسرائيليين, و"لوبياتهم" النشطة في اوروبا والولايات المتحدة الاميركية, نجحت في منعه من دخول دول عديدة باعتباره "شخصاً غير مرغوب فيه ويدعم "الارهاب".
الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي, علم من أعلام الأمة ورائد الوسطية الإسلامية الحق, تعرض ويتعرض بسبب مواقفه الصريحة وقتاويه الجريئة في الحق والتي تُغضب البعض فيلجأون إلى أحط الأساليب للطعن فيه, ظنا منهم أنها سوف تنال من همة وسمعة وعزيمة الشيخ الجليل. ونتذكر كيف أن الشيخ تعرض منذ أعوام إلى حملة شعواء شنتها عليه قوى اللوبي الصهيوني في أوروبا وأميركا, وحاولت منع دخوله إلى بريطانيا لإلقاء محاضرة حيث أعلنت جماعات يهودية بريطانية أن وجود القرضاوي يهدد العلاقات بين أصحاب الديانات المختلفة في بريطانيا. وقدم مجلس نواب اليهود البريطانيين لائحة اتهامات ضد الشيخ القرضاوي. ولا يزال الشيخ الجليل بسبب مواقفه المبدئية الثابتة يتعرض للحملات الظالمة.
وفي الوقت ذاته تعرض الشيخ القرضاوي, ولايزال, إلى حملة إيرانية صفوية للنيل من سمعته لكونه أفتى بوقف حملات تشييع أهل السنة.
الشيخ القرضاوي وانطلاقاً من فهمه الشرعي الواسع كان نصيراً لثورات الربيع العربي, ونشعر بالأسف والحزن العميق, ونحن نتابع تهجمات وتطاولات تنال الشيخ القرضاوي لآراء وفتاوى شرعية أصدرها.
أفتى الشيخ القرضاوي بحرمة زيارة القدس على العرب والمسلمين. وجدد تأكيده على هذه الفتوى, التي كان قد أطلقها في وقت سابق, ردا على دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارة العرب والمسلمين للقدس. وأوقف القرضاوي تحريمه المدينة الفلسطينية على غير الفلسطينيين, وقال: "إن من حق الفلسطينيين أن يدخلوا القدس كما يشاؤون, لكن بالنسبة إلى غير الفلسطينيين, لا يجوز لهم أن يدخلوها". وأوضح أن تحريم الزيارة يأتي "لعدم إضفاء شرعية على المحتل", مشددا على أن "من يقوم بالزيارة يضفي شرعية على كيان غاصب لأراضي المسلمين, ويجبر على التعامل مع سفارة العدو للحصول على تأشيرة منها".
فتوى الدكتور القرضاوي ليست مخالفة للسنة النبوية وكتاب الله عز وجل, مثلما قال وزير الاوقاف الفلسطيني محمود الهباش بل منسجمة معهما تماما, لأنهما يطالبان, اي السنة والقرآن الكريم, ببذل كل الجهود لتحرير الارض واستعادة المقدسات. لا بد ان الرئيس عباس, وهيئة اركان سلطته, قد اطلعوا على رد فعل مصلين في بعض مساجد الضفة, ورفضهم الصلاة خلف أئمة السلطة احتجاجاً على تهجمهم الاهوج على الشيخ القرضاوي, بل والاعتداء على هؤلاء مثلما نقلت وكالات الانباء العالمية.
لا يجوز لأحد التطاول على علماء الأمة, ومنهم القرضاوي, الذي عهدناه يدافع عن قضايا الأمة الإسلامية في كل مكان, ولا يترك أزمة تواجه الأمة أو بعض أفرادها إلا كان في مقدمة المجاهدين بالكلمة والفتوى, والمحاضرة والندوة عبر مختلف الوسائل. إنه رجل مخلص لله ولأمته, ولكل أقطارها من دون تمييز, شخصية الشيخ القرضاوي تقزم كل من يتطاول عليها. وإن الأمة لتفخر اليوم بأنها أنجبت الشيخ القرضاوي في هذا الزمن العربي الرديء. وكل مسلم شريف لابد أن يكون فخورا بالشيخ القرضاوي الذي لا تلين له قناة, ولا يهاب في الحق لومة لائم" فهو المدافع العنيد عن السنة والمتصدي لكل الفتن والضلالات. وعلى جميع من تورطوا, أن يسارعوا للاعتذار من الشيخ القرضاوي, لمكانته العلمية, وجهاده في خدمة الإسلام والمسلمين فهو من العلماء الذين جعلهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) ورثة الأنبياء, ووزن مدادهم بدماء الشهداء, إن الشيخ القرضاوي هو ثروة للأمة في هذا الوقت العصيب.
سبق للشيخ القرضاوي أن تعرض لحملة ظالمة من جريدة إماراتية معروفة, فما كان للشيخ القرضاوي إلا أن يلجأ إلى القضاء الأماراتي, لإقامة دعوى ضد الصحيفة وحصل على حكم لصالحه فيها, عقب نشرها أكثر من مقالة وافتتاحية تهاجم الشيخ القرضاوي وتتهمه بإصدار فتاوى تبيح قتل المدنيين, المحكمة الإماراتية قضت بالحكم على الصحيفة بدفع تعويض قدره مليون ريال قطري لصالح القرضاوي.
..........
- عن صحيفة السياسة الكويتية،24/3/2012م.