د. يوسف القرضاوي

المؤمن بعقيدة الإسلام نفذ إلى سر الوجود فأحب الله واهب الحياة، ومصدر الخلق والأمر، والإيجاد والإمداد.

أحبه حب الإنسان للجمال، فقد رأى في كونه أثر الإبداع والإحكام "مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ" (الملك: 3)، "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" (النمل: 88)،  "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ" (السجدة: 7).

وأحبه حب الإنسان للكمال، وهل هناك - في الحقيقة - إلا كماله سبحانه؟ وكل ما نرى من مظاهر الكمال النسبي إن هي إلا ذرات مستمدة منه، ومفتقرة إليه.

وأحبه حب الإنسان للإحسان، فالنفوس مجبولة على حب من أحسن إليها. وأي إحسان كإحسان من خلقه من عدم، وجعله بشراً سوياً، واستخلفه في الأرض، وسخر له الكون جميعاً منه: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا" (البقرة: 29)، "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" (لقمان: 20).

أحبه لهذا كله ولأكثر منه، حباً يفوق حب الإنسان لأبويه، بل لولده بل لنفسه، وأحب كل ما يجيء من قبله وكل ما يحبه سبحانه، أحب الكتاب الذي أنزله ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وأحب النبي الذي أرسله رحمة للعالمين، وأحب كل إنسان من أهل الخير والصلاح الذين يحبهم ويحبونه، وجعل دعاءه ما كان يدعو به محمد رسول الله: "اللهم ارزقني حبك وحب من يحبك واجعل حبك أحب إلى من الماء البارد".

..............

- عن كتاب "الإيمان والحياة" لفضيلة الشيخ.