د. محمد صالح المسفر
أريد فتوى من أهل العلم الذين جملهم الله بعلمهم وحبهم له وخوفهم من عذابه، أفتوني يا معشر العلماء في الإسلام، هل أنتم تعملون بأحكام الإسلام في مواجهة الكوارث السياسية والاجتماعية بما يرضي الله أم بما يرضي السلطان؟ هل كان منكم من يفتي بما يرضي الحاكم أو بما يرضي الله؟ هل فيكم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل الحاكم؟ إذا كان كذلك، فماذا لا تأمرون الحاكم المستبد الطاغية الظالم بالكف عن هدر دماء الناس كما يفعلون في اليمن وسوريا وليبيا وأماكن أخرى من وطننا العربي؟ لماذا لا تأمرونهم بالتنحي عن السلطة طبقا لرغبة أغلبية الأمة الذين يتعرضون لأذية الحاكم وزبانيته؟ أليس من المنكرات المحرمة في الإسلام قتل الناس لأنهم يعبرون عن رغبتهم في ألا يحكمهم فلان أو فلان لأنه فاسد ظالم مستبد ؟ أليس قتل المسلمين المطالبين بالإصلاح في أي دولة عربية أمرا منكرا؟ ألم يكن نهب المال العام وتبذير ثروات الأمة في غير صالحها أمرا منكرا؟ ألم يكن ما يفعله علي عبدالله صالح في اليمن وبشار الأسد في سوريا وغيرهم أمورا منكرة؟ يجب على علماء الإسلام أمر الناس بالخروج عن طاعتهم لأنهم طغوا وتجبروا وقتلوا أنفسا بريئة من أجل البقاء في السلطة ولو على أسنة الرماح ؟
(2)
في كل مصيبة تحل بأمتنا العربية والإسلامية بأسباب فساد الحاكم واستبداده وجبروته وطغيانه وعدم إشراك الأمة في أي قرار بالحرب أو بالسلم أو التفاوض مع الأعداء يظهر علينا علماء الحاكم بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان مستندين على أحاديث تحتاج إلى تدقيق ومراجعة فقهية. يقول العالم المجرب الشيخ القرضاوي: "إن الفقه الرجعي الذي يسير في ركاب الحكام وإن ظلموا أو جاروا ينبغي أن يختفي أمام الفقه الثوري الذي يعمل على تقوية الشعوب وينقي الحكم من مطامعه ومساوئه " جاء هذا القول في رد العالم الشيخ القرضاوي على فئة من " جمعية علماء اليمن " الذين أفتوا قبل أيام بتحريم خروج الشعب على علي عبدالله صالح بالقول أو الفعل. ويؤكد القرضاوي أن استدلال بعض الفقهاء بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " في غير محله مؤكدا أن طاعة ولي الأمر تجب إذا ما تحققت بطاعة الله ورسوله وقيامه بتنفيذ شرعه وما تم الاتفاق عليه بينه وبين الشعب " وأضيف وما أجمعت عليه الأغلبية من الشعب، وفي حالة اليمن فإن غالبية الشعب اليمني لم يعد يصدق أو يقبل بعبد الله صالح حاكما بعد كل ما صنع به على مدى 33 عاما من الشقاء والفتن والحروب وغير ذلك .
(3)
أصدر الشيخ محمد الرفاعي عضو جمعية علماء اليمن " الموالية لصالح وحاشيته بيانا يعلن فيه رفضه للبيان والتبرؤ من الفتوى الصادرة باسم علماء اليمن والتي مؤداها " أنها أباحت لعلي عبدالله صالح ونظامه حق استخدام القوة والعنف ضد القوى الثورية المناوئة للنظام باعتبارهم خارجين عن طاعة الحاكم وأنه يحق للنظام جهادهم " لأن قتلهم يعتبر جهادا في سبيل الله ضد كل من يعارض الرئيس .
والسؤال إلى كل فقهاء الأمة، هل ما يقوم به نظام عبدالله صالح وحاشيته ضد الشعب اليمني يعتبر من أعمال الجهاد في سبيل الله طبقا لفتوى فقهاء السلطة السياسية في اليمن. اتقوا الله فينا يا معشر فقهاء السلطة، ابتغوا الله بعملكم لا رضا الحاكم عليكم، وإلا ستكونون مذمومين في الدنيا والآخرة.
(4)
الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ما برحت تدور في حلقة مفرغة في الشأن اليمني وما برحت تعتقد أن مبادرتها بهذا مازالت سارية المفعول في الوقت الذي أعلنت فيه جميع الأطراف أنها لم تعد تتناسب والتصعيد المسلح الذي يمارسه عبدالله صالح وحاشيته ضد الشعب اليمني وقد استخدم سلاح الطيران وجميع أنواع الأسلحة ضد المتظاهرين المسالمين في كل مدن وقرى اليمن المطالبين برحيل النظام عن السلطة. سكرتارية مجلس التعاون عليها أن تقدم تقريرها الواضح إلى أعضاء المجلس الأعلى تبين فيه استعصاء الحل في وجود عبدالله صالح وعائلته في اليمن وعلى رأس السلطة السياسية. وأن على دول الخليج التخلي عن مبادرتها وتطالب عبدالله صالح بالتنحي الفوري عن القيادة، وإلا فإنها ستواجه عواقب ليست في صالح المنطقة .
آخر القول: مطلوب فورا من مجلس التعاون المبادرة بدعوة الرئيس عبدالله صالح لتسليم القيادة فورا لقوى التغيير قبل أن تطلب أمريكا ذلك وتجبر المجلس على السير في ركابها وتفقد القيادات الخليجية أو بعضها هيبتها أمام مواطنيها والشعب العربي عامة كما يحدث في الشأن السوري .
------
* عن صحيفة الشرق القطرية، 4/10/2011