الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتنزل الخيرات وبتوفيقه تتحق الغايات، وصلوات الله وتسليماته على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، البشير النذير، والسراج المنير، معلم البشرية، وهادي الإنسانية، سيدنا وإمامنا، وأسوتنا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه، الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون. ورضي الله عمن دعا بدعوته، واهتدى بسنته، وجاهد جهاده إلى يوم الدين.
(أما بعد)
فهذا هو العدد الثامن من مجلة مركز بحوث السنة والسيرة، يظهر كالعهد به، حاملا ثمار الأقلام المؤمنة بكتاب ربها وسنة نبيها، حاويا للبحوث العلمية الأصيلة، التي تدور حول محور السنة والسيرة خصوصا، وحول الإسلام والقرآن عموما، مجتهدة في أن تقدم السنة النبوية الجامعة، والسيرة النبوية الفارعة، للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، في الصورة المشرقة التي تجسد الإسلام حيا، وتبرزه عملا وتطبيقا، وتبينه قولا وفعلا وتقريرا.
كما أن من رسالة هذه المجلة الدائمة: أن تذود عن ميراث النبوة وتحمله بأمانة وإخلاص حمل الخلف العدول، الذين ينفون عنه: تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وفي هذا العدد أنبه على أمرين جديدين تميز بهما:
الأول: أننا ننشر بحثا قام به باحثاتنا المتدربات بالمركز، عن الأحاديث الصحاح والحسان المتعلقة بصحة الإنسان، ورعاية الأبدان. وهو جهد مقدور، قمن به كله تبويبا للموضوع، وترتيبا لمادته، واختيارا للأحاديث، ورجوعا للمصادر، وتوثيقا للأحاديث بالتصحيح والتحسين، اعتمادا على الأئمة من أهل هذا الشأن، وترك بعض الأحاديث التي يثبت ضعفها. ولم يكن مني إلا الإرشاد وإنارة المصباح أمامهن، ليمضين في الطريق ببصيرة وثقة، ثم المراجعة لهذا العمل بعد تمام أجزائه أولا بأول، ثم المراجعة النهائية. فكان بحمد الله عملا علميا جديرا أن ينشر وينتفع به.
والثاني: أننا ابتكرنا هنا بابا ننشر فيه مختارات مهمة مما نشر من قبل، على نطاق غير واسع ليتسع النفع به في دائرة أرحب.
وقد اخترنا في هذا العدد رد الأستاذ ماهر المنجد على الكتاب المشبوه الذي روَّج له مروجون لأغراض معروفة، ولحساب جهات معلومة، وهو المسمى (الكتاب والقرآن). والحق أنها دراسة قيمة يجب أن يطلع عليها في مجلتنا من لم يطلع عليها في المجلة التي نشرتها أولا، وهي مجلة (عالم الفكر) بالكويت.
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العدد كما نفع بما سبقه من أعداد، وأن يسدد خطانا في خدمة دينه، وأن يهيئ لأمتنا من أمرها رشدا، وأن يجعل لها من ضيقها فرجا، ومن محنتها منحة، ومن عُسرها يُسرا، آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رئيس تحرير المجلة
ومدير مركز بحوث السنة والسيرة
أ.د يوسف القرضاوي
(1415هـ - 1995م)