ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وصلاة وسلاما زاكيين دائمين على خيرة خلقك، وخاتم رسلك، ورحمتك المهداة للعالمين، سيدنا وحبيبنا وإمامنا وأسوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بسنته، وجاهد جهاده إلى يوم الدين.
(أما بعد)
فهذا هو العدد السادس من مجلة مركز بحوث السنة والسيرة، يصدر بتوفيق الله تعالى وعونه، بعد أن تأخر بعض الوقت لظروف طارئة، مما جعل كثيرا من القراء والمتابعين، والمكتبات الجامعية وغيرها في أكثر من بلد، يسألون عنه ويترقبون ظهوره، فمعذرة للجميع، ونرجو ألا يتكرر ذلك إن شاء الله.
يحفل العدد بجملة من البحوث الرصينة، حول السنة النبوية المشرفة، والسيرة المحمدية العاطرة، بأقلام عدد من أهل العلم والاختصاص، الذين أكرمهم الله تعالى بالوقوف على هذه الثغرة: خدمة السنة وتجليتها والدفاع عنها، بلسان أهل العصر، حتى يبينوا لهم، عسى أن يكونوا (الخلف العدول) الذين يحملون إلى الأجيال علم النبوة، وميراث الرسالة "ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" .
وقد استحدثنا بابا جديدا في هذا العدد، نأمل أن ينفع الله به، وهو: إلقاء أضواء على (أحاديث أسيء فهمها)، لننفي عنها "تأويل الجاهلين" الذي أشار إليه الحديث الشريف.
وذلك أن السنة لم تؤت من الأحاديث الموضوعة، فهذه قد عاش لها الجهابذة، وكشفوا عوارها، إنما أتيت في كثير من الأحيان من سوء الفهم والتفسير، الذي قد ينشأ من الجهل أو من اتباع الهوى، أو منهما معا.
ومهمتنا أن نصحح الأفهام، ونزيل الشبهات، ونرد على الأغاليط ما استطعنا، فإذا أصبنا فلله الفضل والمنة، ومنه العون والتوفيق، وإن أخطأنا فمن أنفسنا ومن الشيطان.
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[البقرة:286].
رئيس تحرير المجلة
ومدير مركز بحوث السنة والسيرة
أ.د يوسف القرضاوي
(1413هـ - 1992م)