د. محمد النشائي
في عام 2006 كان لي شرف أن تدعوني جامعة قطر لإلقاء عدد من المحاضرات. منذ اللحظة الأولي لوصولي إلي قطر شعرت بالمودة لشعبها الكريم وجو عام من الاستقرار يدعو للتفاؤل.
في قسم الطبيعة في الجامعة تعرفت علي الأستاذة الدكتورة إلهام القرضاوي وكان لها يد في دعوتي وشكرتها وتأكدت أنها ابنة فضيلة الإمام الشيخ يوسف القرضاوي.
منذ هذه اللحظة كان همي الأول ألا أرحل من قطر قبل أن أحظي بمقابلة فضيلة الإمام.. لم أفصح فورا عن هذه الرغبة غير المتواضعة خجلا وانتظرت أن تحين الفرصة إذا حانت، كما يعرف كثير ممن لهم علم حقيقي بحياتي الإيمان الفلسفي بما يسمي في الرياضيات البحتة أكبر لا نهائي ويسمي في الأديان السماوية بالله سبحانه وتعالى يلعب دوراً أساسياً في تكويني لا أسعي للحديث عنه بكثرة خوفا من سوء الفهم المستمر الذي ليس من السهولة تجنبه في هذا الوضع.
أقرب شخص أعرفه لوضعي هذا قد يكون الفليسوف الفرنسي «اندراه موريالك» كان «مورياك» وجودياً مثل جان بول سارتز تماما ولكنه مع ذلك كان كاثوليكياً شديد التدين.
ربما كان صعوبة فهم هذا الموقف هو ما دعا في البداية بعض الناس في مصر والعالم العربي أن يعرفوني بطريقة فعلا مضحكة علي أني شيوعي من الإخون المسلمين ولم أستطع وقتها ولا أستطيع ليومنا هذا بعد مضي 15 سنة أن أرد علي هذا الادعاء الفريد من نوعه بعد أن القيت عدداً من المحاضرات عن النانوتكنولوجي وكذلك عن نظريتي الخاصة بفراغ الزمان الكنتوري وكذلك عن دور المقطع الذهبي في نظرية الكم وبعد أن شعرت بنوع من التقدير من جانب الأستاذة الدكتورة إلهام عزمت علي أن أطلب مقابلة فضيلة الإمام ولكني مع ذلك ترددت لأنه طلب غير متواضع وأنا ليس لي من قريب أو بعيد أي نشاط في الدعوة ولا أي علاقة بالأبحاث الإسلامية وبشكل عام معلوماتي في الدين وتاريخ العالم الإسلامي في تصوري ضعيفة بشكل أنا نفسي أشعر أنه لا يدعو بتاتا إلي الفخر.
فجأة جاء بعض زملائي من الأساتذة المصريين الذين يعملون في جامعة قطر وأحدهم عالم رياضيات وطيوغرفيا وهو الأستاذ الدكتور شكري ندى والأستاذ الدكتور محمد الشيخ وأخبراني أنه في خطبة الجمعة ذكرني فضيلة الإمام يوسف القرضاوي بالخير سعدت طبعا سعادة أن اسمي المتواضع ذكر من فضيلة الإمام ومما لا شك فيه لا بد أن الدكتورة إلهام ذكرتني بالخير وهنا طلبت فورا مقابلة وكانت في منزله العامر وكما ذكرت في مقابلة مع الكاتب الموهوب نشأت الديهي كانت هذه أول مرة أقابل فضيلة الإمام وكانت هذه أول مرة في حياتي أقبل رأس شخص من باب الاحترام عدا والدي المرحوم اللواء صلاح الدين النشائي.
اهداني فضيلة الشيخ كتاباً هو الآن أمامي وأنا اكتب هذه الكلمات وكتب كلمة رقيقة لي أرجو من الله أن استحقها ونهاها بالخالص الود والتقدير والدعاء لي وهو أكبر خير وأكبر شرف حصلت عليه حتي يومنا هذا في حياتي.
أجلس الآن أمام التليفزيون في منزلي في لندن وأشاهد فضيلة الإمام يوسف القرضاوي يصلي بالجموع في ميدان التحرير لقد ظلم فضيلة الإمام وهو مصري الأصل وسجن في مصر ولكن قلبه كله حب ومودة للناس جميعا وها هو يؤم الناس ومئات الآلاف منهم في قلب القاهرة عاصمة العالم العربي - سبحان الله يعز من يشاء ويذل من يشاء والله علي كل شيء قدير، الإمام القرضاوي يصلي بالناس جميعا في ميدان ثورة 25 يناير هل هناك مثال واحد في التاريخ بثورة بيضاء تنتهي بإمام أمة كاملة تصلي في سلام في ميدان الثورة.
بعد ثورة الشباب في ألمانيا وفرنسا التي عاصرتها وبعد دراسة تاريخ جميع الثورات التي تأكل أبناءها لم أعد أحب كلمة ثورة حكم علي القدر طول حياتي أن أسبح ضد التيار واسمحوا لي أن اختلف مرة أخري مع كل من يحاول أن يجامل شباب التحرير علي أحسن فرض وأن ينافق الأوضاع علي أسوأ فرض.
اسمحوا لي أن أقول رأيي المتواضع وعكس الرأي السائد أن ما حدث في 25 يناير ليس ثورة. أنها شيء أرقي كثيرا من ثورة بسبب عدم وجود كلمة مناسبة في الوقت الحالي ربما سميت ثورة ولكنها ليست ثورة من النوع الأوروبي والآسيوي العنيف، قد تكون كلمة بعث أفضل ولكن حزب البعث في العراق ربما أفسد هذه الكلمة وإلي أن أجد الكلمة المناسبة دعنا من الكلام ويكفي الدعاء ألا يستولي محترفو الكلام والنفاق والإعلام المغرض علي انجازات 25 يناير تحيا مصر ويحيا شعب مصر وجيش مصر.
- المصدر: صحيفة روزاليوسف المصرية،21/2/2011