السؤال: فضيلة شيخنا الأستاذ/ يوسف القرضاوي ... حفظه الله
يعاملني زوجي معاملة سيئة جدًا وهجرني من سنوات عديدة ولم يقربني إلا نادرًا، وعلى ما أعتقد أنه متزوج من أخرى وإن قال لي أنه طلقها، إلا أنني أشك في ذلك.
فهو لا يجامعني إلا في السنة مرتين، أي كل ستة أشهر.
فهل أعتبر مطلقة، وهل أجالسه وآكل معه وأشرب معه أم لا؟
وهو إذا جامعني يعزل، وهذا برضاء مني ومنه.
وابتعاده عني أنا راضية به، فهل علي إثم؟
أرجو أن تبينوا لي الحكم الشرعي في ذلك، جزاكم الله خيرًا.
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
(أما بعد)
فلا حرج على الرجل شرعًا أن يتزوج بأخرى إذا كان قادرًا على أعباء الزواج من النفقة والإحصان، وكان واثقًا من العدل بين زوجتيه، وإلا حرم عليه الزواج بأخرى. قال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} (النساء:3) ، والعدل المطلوب هنا هو العدل في الأمور الظاهرة مثل المأكل والمشرب والمسكن والكسوة والمبيت، لا في الميل القلبي الذي لا يملكه الإنسان، وفي هذا يقول تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلّقة} (النساء:129) ، والمعلقة هي المهجورة من زوجها، فلا هي مزوجة، ولا هي مطلقة.
وسواء كان الزوج متزوجًا بأخرى أم غير متزوج، فلا يجوز له شرعًا أن يهجر زوجته هجرًا طويلاً، بحيث تكون كالمطلقة. وكما أن للرجل حقًا على زوجته ألا تهجر فراشه فإن للمرأة حقًا على زوجها ألا يهجرها، ما لم ترض هي بذلك منه، وتسقط حقها باختيارها. وقد ترضى بعض النساء بذلك بديلاً عن الطلاق.
على أن الزوجة مهما طال هجرها، فهي لا تعتبر مطلقة، وهي زوجة لها كل حقوق الزوجية، إنما تطلق بطول الهجر، في حالة واحدة وهي حالة الإيلاء، إذا حلف ألا يقربها أبدًا، أو لا يقربها مدة أربعة أشهر فصاعدًا. وهي التي جاء فيها قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم. وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} (البقرة: 266، 267) .
ويجوز للزوج إذا جامع زوجته أن يعزل عنها، ولكن برضاها وإذنها، فقد جاء في الحديث النهي عن العزل عن الحرة إلا بإذنها. فما دامت الأخت السائلة راضية بذلك فلا إثم عليه ولا عليها. وبالله التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.