السؤال: فضيلة شيخنا الكريم الشيخ القرضاوي، نود التحقق من التعامل مع بنك البركة الإسلامي في الجزائر.. جزاكم الله خيرا. مسلم جزائري
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..
فمن بركات الصحوة الإسلامية؛ إنشاء بنوك لا تعمل بالفائدة التي هي الربا الحرام كما أجمع العلماء على ذلك.. فكانت هذه البنوك بديلا شرعيا عمليا للبنوك القائمة على أساس الفوائد الربوية التي لم يبتكرها المسلمون، وإنما ورثوها من عهود الاستعمار في أوطانهم، كما ورثوا القوانين الوضعية، وغيرها. وبهذا بطلت دعوى الذين قالوا: لا تحلموا ببنوك بلا فائدة، والفوائد عصب البنوك. وقد توسعت هذه البنوك ودخلت جل أقطار المسلمين، ولا تزال تزداد. وسميت: بنوكا إسلامية.
ولكن مما ينبغي معرفته أن المراد بالبنوك الإسلامية ليس مجرد الاسم، بل المراد به انضباط هذا البنك بالضوابط الشرعية في تعاملاته، وأن تقوم على معاملاته لجنة رقابة شرعية تشرف على تعاملات البنك، ولجنة أخرى للمراقبة على تنفيذ تلك الأعمال وفق ضوابط الشرع.
ونحن لا ننكر أن في البنوك الإسلامية أخطاء تصغر أو تكبر، وتقل أو تكثر، ما بين بنك وآخر، فمن الظلم أن نحكم على البنوك الإسلامية كلها حكماً واحداً، فهي لا شك تتفاوت تفاوتاً كبيراً. فبعضها بلغ مرحلة عالية من التدقيق الشرعي والالتزام بضوابط الشرع. وبعضها يطور معاملاته، ويتخلص بالتدرج من بعض الشوائب التي اضطر إليها، وبعضها لم يدخل في المعاملات التي كثر حولها الكلام، مثل بيع المرابحة، وسوق السلع والمعادن الدولية.
ومهما يكن الأمر، فلا ريب أن البنك الذي ينص قانون تأسيسه ونظامه الأساسي على وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاته، والابتعاد عن المحظورات الشرعية فيها من الربا والغرر الفاحش والظلم والاحتكار والغش وغيرها .. ويفرض عليه وجود رقابة شرعية تعتبر قراراتها ملزمة واجبة التنفيذ بلا تردد .. مثل هذا البنك وإن ظهر في ممارساته بعض الخلل: أفضل من بنك لا يلزمه قانون ولا عرف برعاية أحكام الشرع.
وبناء على اختلاف هذه الأحوال من بنك إلى آخر، فإن غَلَبَ على الظن توفر هذه الضوابط في أي بنك، جاز ولا حرج إن شاء الله الاستثمار فيه، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة:2)
وأما إن عُرف البنك بالتجاوزات، والتساهل في تطبيق وتمرير الأحكام الشرعية، فلا يجوز التعامل معه، إلا في استثمارات عُرِف قطعاً أنه يجريها حسب الضوابط الشرعية. ومن شك في شيء من ذلك، فيجب أن يَطَّلِع على طريقة إجراء البنك للصفقات، أو يعرضها على أهل الاختصاص في الفقه الإسلامي.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.