السؤال: أنا أعيش في أوربا، وعندنا صندوق يسمى: صندوق الضمان الاجتماعي، يغطي حاجة العامل عند البطالة، أو عند العجز عن العمل، والذي أسأل عنه: أن هناك بعض إخواننا من المسلمين يتقاضون إعانة البطالة هذه، وهو يعمل في عمل آخر خفية، حتى لا تقطع عنه إعانة البطالة، وحتى لا يدفع ضريبة عن العمل الذي يعمله، فهل هذا العمل جائز شرعًا؟

جواب فضيلة الشيخ:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

المسلم دخل هذه البلاد مستأمِنًا، على أن يحترم نظامها وقوانينها، وعلى هذا صُرِّح له بالإقامة هناك، فلا بد أن يحترم النظام والقوانينن، وما سأل عنه الأخ من أخذ بعض المسلمين إعانة البطالة وإخفاء أنه يعمل؛ لا يجوز، وهو مِن أكل المال بغير حق، ومِن أكل المال بالباطل، ويجب على المسلم أن يحترم القوانين المنظمة لتلك البلاد التي يعيش فيها، وألا يغش الناس، ولا يكذب عليهم، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (المائدة:1).

وأقول: هذا التصرف بالإضافة إلى أنه غش وخيانة وتدليس؛ يسيء إلى الإسلام ويظهر المسلمين لصوصًا يستحلون الأموال،  القرآن عاب على اليهود أنهم كانوا يستحلون أموال غيرهم، فقال: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (آل عمران:75-76).

يجب على المسلم احترام نظام البلد الذي يقيم فيه، إذا كان يعمل والدولة تأخذ ضرائب على الراتب عليه أن يدفع هذه الضرائب، إذا كان يتاجر يدفع ضرائب التجارة، كما يفعل غيره، كما يستفيد من أنظمة البلد، ويستفيد من خدماتها من تعليم وصحة ومواصلات وخدمات مختلفة عليه أن يدفع الضرائب التي عليه، البلد تؤدي خدمات كثيرة، وأنت تستفيد من تلك الخدمات؛ بدليل أنك لمَّا تعطلت عن العمل أعطوك راتبًا، ولمَّا عجزت أعطوك، تريد أن يكون لك الغُنم وليس عليك الغُرم؟! الغُرم بالغُنم، هذا هو العدل.

والإسلام يعلّمنا أن السرقة والغش وخيانة الأمانة والتدليس وأكل مال الغير بغير حق حرام، سواء أكان ذلك مع مسلم أم مع غير مسلم، ذمي أو مستأمن أو معاهد.

فأنا لا أجيز للمسلم أبدًا أن يأخذ معونة البطالة وهو يعمل، ولا أجيز له أن يتهرب من الضريبة.

وعلى جميع المسلمين الذي يعيشون أقلياتٍ في الغرب أو البلاد غير الإسلامية، أن يكونوا سفراء لإسلامهم، لا أن يصدوا الناس عن الإسلام، وكم من بلد انتشر فيها الإسلام بحسن أخلاق المسلمين، والتزامهم بقيم الإسلام وأخلاقه، فإندونيسيا أكبر بلد إسلامي من حيث السكان، دخلها الإسلام عن طريق التجارة، رأى الناس أخلاق التجار المسلمين، وصدقهم وأمانتهم، وحُسن تعاملهم، وحبهم الخير للناس؛ فدخل الناس في دين الله أفواجًا.