السؤال: هل نجاسة الكلب التي توجب الغَسل سبع مرات، هل هي من لعابه فقط، أو هي من جسمه كله أيضًا؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
الوارد في الحديث هو اللعاب، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفِّروه الثامنة في التراب"(1).
وقد ذهب الجمهور إلى نجاسة الكلب بجميع أجزائه، وذهب الحنفية في الأصح عندهم إلى نجاسة سؤره وطهارة بدنه، وذهب المالكية إلى طهارة سؤره وبدنه، فالإمام مالك يرى طهارة الكلب، وطهارة سؤره، ويرى غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبعًا والثامنة بالتراب مسألة تعبدية، واحتج المالكية لذلك بقول الله تعالى في الكلاب المعلّمة: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة:4]، وأن القرآن لم يذكر غسل موضع إمساكها، وبحديث ابن عمر رضي الله عنهما ما قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك(2). ذكره البخاري في صحيحه. ويرى الحنفية أن النجس سؤره أما جسمه فليس نجسا. وهو ما أراه، فالكلب طاهر، إلا لعابه، خصوصا إذا ولغ في الإناء.
لكن ليس معنى هذا أن نقتني الكلاب؛ لأن اقتناء الكلاب أمر آخر، منع منه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "من اقتنى كلبًا لا يغني عنه زرعًا ولا ضرعًا؛ نقص كل يوم من عمله قيراط"(3). فاقتناء الكلب حرام، إلا من اقتناه لحاجة، مثل كلب الغنم، يحرس الغنم من الذئب، أو كلب الزرع والحرث، وكذلك كلب الصيد، أجازه القرآن، فالله تعالى يقول: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة:4]. ومثل كلب الزرع كلب الحراسة بصفة عامة، لو فرض أن واحدًا له منزل في أطراف المدينة، ويخاف من اللصوص وقطاع الطريق، فجاء بكلب للحراسة، فلا مانع من هذا، أما من غير هذه الأسباب فلا يجوز اقتناء الكلاب، كما يفعل الأوربيون، كل واحد يقتني كلبًا أو كلبين، ويجلسه معه على طاولة الطعام، ويصطحبه معه في حله وترحاله، يفعلون ذلك مع الكلاب، ولا يفعلون ذلك مع الأناسي، مع بني آدم.
..................
(1) رواه مسلم في الطهارة (280), وأحمد (16792) ، عن عبد الله بن المغفل.
(2) رواه البخاري في الوضوء (174) ، وأحمد (5389) ، عن ابن عمر.
(3) متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (3325) ، ومسلم في المساقاة (1576) ، عن سفيان بن أبي زهير.