الرئس السوداني عمر البشير |
الدوحة - استنكر العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما بثه التلفزيون الإسرائيلي من إساءة للرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم والمسيح عيسى عليه السلام وأمه مريم البتول، كما دعا العالم الإسلامي والعربي والأحرار إلى الاحتجاج على مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير والتي تطالب باعتقاله ومحاكمته.
وفي خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد عمر بن الخطاب أول أمس استنكر فضيلته ازدواجية المعايير لدى الغرب، متسائلا " لماذا لم يحاكموا هؤلاء الصهاينة المجرمين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم" في غزة ؟ "ولماذا لم يحاكم بوش الذي هاجم العراق واحتل أرضه بناء على معلومات مزيفة كاذبة"؟.
واستنكر القرضاوي ما بثته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي من إساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد إساءتهم لسيدنا المسيح عيسى عليه السلام ولأمه مريم العذراء الطاهرة البتول، موضحاً أنه يستنكر الأمرين؛ التطاول على المسيح عيسى ابن مريم، الذي أثنى عليه القرآن أبلغ الثناء ولأمه مريم الصديقة العذراء، والتطاول على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وتابع: هذه الطاهرة البتول يتهمها الرجل في شرفها وعفتها ، هذه التي قال عنها القرآن في محكم آياته "إذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين"، ثم زاد الطين بلة أن تطاول على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصورة سافلة وبذيئة، هذا الرجل المجرم الحقير الكلب ويشير إلى حذائه ويقول هذا محمد، هذا الحقير الكلب يستهزئ بخير الخلق وخير الرسل بصفوة العالم كله محمد صلى الله عليه وسلم، هؤلاء هم اليهود؛ هؤلاء هم سفلة الناس الذين لا يرعون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يرقبون لأحد عهد ولا حرمة، يستهينون بكل المقدسات ويستخفون بكل الحرمات.
محاكمة البشير مؤامرة دولية
وحول موقف المحكمة الجنائية الدولية من الرئيس السوداني عمر حسن البشير دعا فضيلته العالم الإسلامي والعربي والأحرار إلى الاحتجاج على مذكرة توقيفه، والتي تطالب باعتقاله ومحاكمته لأنه ارتكب جرائم بما يزعمون في دارفور، وثمن دعم دولة قطر للمصالحة بين السودانين معتبراً أن محاكمة البشير مؤامرة دولية لإجهاض جهود المصالحة التي تبذلها قطر ومجموعة من الدول للتقارب بين الحكومة والفصائل الأخرى في السوادن، وتريد تلك الدول أن تؤجج النار بين الأخوة بعضهم البعض ، وكلما تقاربوا واصطلحوا كلما أفسدوا تلك الدول هذه المقاربة.
وأضاف: ما حصل للبشير جريمة ، جاءت نتيجة هواننا على أنفسنا.. أصبحنا هدفاً لكل من يريد أن يضرب فينا سهماً، هنا على أنفسنا فهنا على الناس؛ من يهن يسهل الهوان عليه، وإذا كانت هناك جرائم ومحاكمة فنحن من نحاكم وليست القوى الدولية الغاشمة التي تريد أن تستعبد العالم و كأننا أنعام ننساق ويريدون هم أن يتحكموا فينا.
ازدواجية المعايير
وتابع: وكأن هؤلاء موكلون من العالم ليقيموا العدل في زعمهم ، وإذا كانوا غيورين على العدل - كما يزعمون - فلماذا لم يحاكموا هؤلاء الصهاينة المجرمين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم.. جرائم الحرب وجرائم الإبادة ضد الإنسانية في غزة، وقد جاءت الوفود من بلاد شتى ورأوا بأعينهم أثار الدمار وأثار الخراب وأثار الدماء، لماذا لم يحاكم هؤلاء، لأنهم عندهم ازدواجية في المعايير، ولماذا لم يحاكم بوش الذي هاجم العراق واحتل أرضه بناء على معلومات مزيفة كاذبة كما اعترف هو في أواخر مدته وأن مخابراته أعطته معلومات كاذبة وخاطئة؛ بناء عليه دخل العراق وقتل ما قتل ودمر ما دمر لماذا لا يحاكم بوش واعوان بوش ورجال بوش؟ لماذا لا يحاكم الذي ارتكبوا ما ارتكبوا في سجن أبوغريب؟ ولماذا لا يحاكم الذين ارتكبوا ما ارتكبوا في سجن غوانتانامو؟ يقولون انهم غير مرتبطين بالمحكمة لأنهم لا يعترفون بها، والسوادن أيضاً لم يعترف بالمحكمة، وهؤلاء يزعمون ان البشير ارتكب جرائم هناك، هذه أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان ولا قام عليها من برهان ، ونحن زرنا كاتحاد عالمي لعلماء المسلمين السودان في أول القضية من عدة سنوات، وقابلنا عدة مسئولين سودانيين من مختلف الاتجاهات؛ وذهبنا إلى الفاشر في دارفور ولم نجد هذا الذي زعموه، دارفور بلد القرآن وهم الذين علموا السودان القرآن وعلموا أفريقيا القرآن، ولقد قلنا في نهاية تقريرنا :إن هناك ديات يجب أن تدفع ديادتهم.. وهناك حقوق لابد أن ترد على أهلها.. وهناك جرائم ارتكبت لابد أن يحاكم أهلها، ولكن تحاكم أمام قضاء عربي إسلامي عادل وليس أمام محكمة ظالمة تفرق بين الناس حسب الأهواء.
مكارم خير الخلق
وفي خطبته الأولى تحدث القرضاوي عن خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وماخص الله به من المكارم والفضائل في كل جوانب الحياة، وقال: نتحدث اليوم عن محمد الحاكم العادل أو الإمام العادل، فلا شك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان إماماً ثم أن الفقهاء والأصوليين تحدثوا عن تصرفه عليه الصلاة والسلام بوصف الإمامة، فقد كان يتصرف بوصف النبوة وبوصف التبليغ عن الله وبوصف الفتوى وبوصف البشرية وبوصف الإمامة أي رئاسة الدولة، فقد كان عليه الصلاة والسلام هو الرئيس الأعلى للدولة التي أقامها، وإذا كانت هناك بعض الأديان أو كانت هناك بعض الرسل والأنبياء لم يتمكنوا من إقامة دولة يقيمون فيها احكام شريعتهم، وكما روى عن المسيح أنه قال كما أورد الإنجيل دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
وتابع: لم يقبل محمد صلى الله عليه وسلم أن تقسم الحياة بين الله وقيصر، لم يقبل الشركة مع الله لابد أن تخضع الحياة كلها لله، فقيصر وما لقيصر لله الواحد الأحد.. لله من في السموات ومن في الأرض وما في السموات وما في الأرض ، كل شيء يجب أن يخضع لأمر الله، كما قال الله تعالى لرسوله "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"، الحياة كلها يجب أن تكون لله، ولذلك سعى النبي صلى الله علبه وسلم منذ اوائل بعثته إلى أرض يقيم دولة الإسلام وسلطان الإسلام، وكان يعرض نفسه على قبائل العرب في مواسم الحج والعمرة حتى يستطيع أن يهاجر عليهم ويقيم داراً للإسلام إلى أن وجد الأوس والخزرج وهاجر إليهم في يثرب المدينة وأقام فيها ما يسميه العلماء دار الإسلام التي قاموا فيها شريعة الإسلام ويحكم الإسلام فيها معلناً عقائده مظهراً شعائره مطبقاً احكامه مربياً أمته على قيمه وعلى مفاهيمه، ولقد كانت المدينة دار الإسلام ودولة الإسلام التي اقامها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
كلمة الإيمان
وأضاف: حين مكن الله للرسول صلى الله عليه وسلم وأعلى كلمته على كلمة الطواغيت والجاهلية وحقق الله نصره حين قال عز وجل "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر"، هذه مهمة الدولة الإسلامية إقامة الصلاة إشارة إلى المعنى الرباني إلى تحقيق الإيمان في الأرض مهمة رسل الله أن يحققوا الإيمان في الأرض وأن يعلو كلمة الإيمان على كلمة الشرك وعلى كلمة الكفر وعلى كلمة الطواغيت لتكون كلمة الله هي العليا، لابد أن يتوطد الإيمان في الأرض وأول مظهر من مظاهر الإيمان إقامة الصلاة ولذلك كان أول عمل عمله النبي صلى الله عليه وسلم في دار الإسلام في دولة المدينة إقامة المسجد وهو أول مشروع اهتم به النبي صلى الله عليه وسلم، فبنى المسجد وشارك بنفسه وأصحابه يحملون الأشعار ويقيمون هذا البناء على تقوى من الله ورضوان.
أمة الصلاة
وأكد فضيلته أنه لا توجد أمة كأمة الإسلام تهتم بالصلاة، وقال الصلاة الإسلامية متميزة عن جميع الصلاوات في جميع الأديان كل الأديان فيها صلاوات ولكن الصلاة في المسيحية عبارة عن ابتهال ودعاء أما الصلاة في الإسلام فلها شروط الطهارة.. والطهارة من الإحداث والطهارة من الأخباث وطهارة الثوب والبدن والطهارة بالغسل والطهارة بالوضوء، ومنها استقبال القبلة وستر العورة؛ ومنها صلاة الجماعة؛ وهو التجمع الإسلامي، كما أن الصلاة في اليوم عبارة عن خمس مرات يكون المؤمن على موعد مع ربه في اليوم الواحد خمس مرات، ولايوجد ذلك في أي دين من الأديان حتى يظل الإنسان موصولاً بربه جل وعلا مهما غرق في مشاغل الحياة وأعراض الدنيا لابد أن تنتزعه الصلاة من مشاغله اليومية