الدوحة- نفى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي-رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- وجود أي تصادم بين الدين والعلم في الاسلام، وقال فضيلته ردا على سؤال لـ الشرق حول كيفية تنظيم الاسلام للعلاقة بين العلم والدين، قال فضيلته انه ليس عندنا في التراث الاسلامي ولا في الثقافة الاسلامية ولا في التاريخ الاسلامي مشكلة في العلاقة بين العلم والدين، ولم يحدث عندنا صراع تاريخي كما حدث في المسيحية ومحاكم التفتيش وهذه الاشياء.
وقال فضيلته: إن الدين عندنا علم والعلم عندنا دين، وكثير من العلماء علماء الطب والعلوم الطبيعية مثل الفيزياء والجبر والرياضيات كانوا علماء دين ومنهم الخوارزمي مخترع الجبر الذي اخترع الجبر وهو يؤلف رسالة في فقه الوصايا والمواريث، ونجد مثل ابن رشد الفيلسوف وهو اكبر شارح لأرسطو وعن طريق شروحه لأرسطو تعلم الغرب فلسفة ارسطو وهو الذي اشار اليه الاخ نضال قسوم صاحب كتاب فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال وكانوا يعبرون عن العلم والدين بالشريعة والحكمة او الفكر والعقيدة حيث ان بينهما اتصال معروف وكان ابن رشد فيلسوفا وطبيبا صاحب الكليات في علم الطب وفقيها صاحب كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد وهو من فقهاء المالكية وكان قاضيا معروفا.
واضاف فضيلته: انه لم يكن عندنا في تاريخنا أي صراع بين العلم والدين فالعلم يقوي الدين والدين يقوي العلم، والدين عندنا يطلب العلم ويعتبر بعض العلوم فرائض كفاية يجب ان تتحقق في الامة، والعلم ايضا يخدم الدين ولدينا بعض الكتب العلمية التي تخدم الايمان ولدينا كتابان مشهوران هما كتاب العلم يدعو الى الايمان وألفه رئيس اكاديمية العلوم في نيويورك وكتاب آخر هو «الله يتجلى في عصر العلم» ألفه ثلاثون عالما كل واحد في اختصاصه في العلوم الكونية والرياضية والعلوم الانسانية وكل واحد منهم يقول كيف اهتدى الى الله عن طريق تخصصه.
واكد فضيلته اننا كمسلمين لا نجد أي صراع بين العلم والدين وخصوصا وان الدين عندنا يقوم على العقل، وأعظم حقيقتين في الوجود هما حقيقة وجود الله وحقيقة اثبات الوحي والنبوة وهاتان الحقيقتان ثبتتا عن طريق العقل وليس عن طريق الوحي، لأن الوحي لايثبت نفسه ولا بد ان تثبته بالعقل، ولذلك فان العلماء يقولون ان العقل اساس النقل ولو انهار العقل ينهار النقل وينهار الدين نفسه.
وحول أثر الدين على العلم قال فضيلته: إن الغرب قد ساد العالم بما ملك من علوم الدنيا، من الفيزياء والفلك والكيمياء والجيولوجيا والبيولوجيا وغيرها، وأنشأ ثورة بل ثورات في العلوم ولاسيما في مجال الإلكترونيات والفضائيات والذرة والهندسة الوراثية وغيرها، وفي مجال الأسلحة والأدوية ونحوها.
وقد أدى انفصال الإيمان عن العلم في الغرب أن أصبح هذا العلم في الجانب العسكري خطرًا يهدد العالم بأسلحة الدمار الشامل: النووية والكيماوية والجرثومية.
كما أصبح مجالاً لصناعة أدوية غير مأمونة، بل غير مشروعة، يروجها أناس لا يخشون خالقًا ولا يرحمون مخلوقًا.
وكذلك أمسى الناس يخافون من تطور علم الجينات وتقدم الهندسة الوراثية، والقدرة على استنساخ الحيوان: أن يدخل لك عالم الإنسان.
واضاف فضيلته: انه لا علاج لذلك إلا أن يكون العلم في حضانة الإيمان، وأن يدور في فلك القيم والأخلاق، وهذا ما يوفره الإسلام لأهله: حيث يوجب على المسلم أن يكون العلم نافعًا للناس لا ضارًّا بهم، وقد استعاذ النبي الكريم من علم لا ينفع.
وقال فضيلة الدكتور القرضاوي ان الدين عندنا ليس امرا وجدانيا، وليس عندنا مقولة «اعتقد وانت اعمى» بل عندنا «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين»، وايمان المقلّد غير مقبول عند محققي العلماء ولابد ان يكون مؤمنا عن بصيرة وعن حجة وبرهان وان يكون على بينة من ربه وعلى بصيرة من أمره، وهذا ما يدعو اليه الاسلام.
_________
نقلا عن جريدة الشرق القطرية