القاهرة - ألقاب كثيرة ارتبطت دائمًا باسم الشيخ العلامة يوسف القرضاوي فهو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس مجلس الإفتاء الأوروبي، وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة أوكسفورد وغيرها من الألقاب الكثيرة.. لكن مساء السبت 9-2-2008 كان هناك لقب إضافي للعلامة وهو "أبو العريس".

وقف "أبو العريس" على أبواب القاعة يستقبل الحضور في حفل زفاف نجله الأصغر أسامة، حيث كان حريصًا على مصافحة كل شخص بنفسه وبدا في حالة صحية جيدة، ولم تفارق الابتسامة وجهه طوال الحفل الذي أقيم في قاعة صغيرة بأحد فنادق القاهرة، وجمع نخبة من المفكرين والساسة والأصدقاء والمحبين.

وانقسم الحفل إلى قسمين الأول، حفل رسمي اقتصر على ضيوف الشيخ القرضاوي من الساسة والمفكرين ورجال الدين، في حين ضمت قاعة أخرى كبيرة أقارب العروس وباقي أصدقاء وأقارب العريس. وعلى مائدة واحدة جمعت رفقاء الدكتور القرضاوي اصطف المرشد العام مهدي عاكف الذي كان من أوائل الحضور، وكذلك الدكتور عبد الوهاب المسيري المنسق العام لحركة كفاية، والدكتور سيد دسوقي، والدكتور محمد عمارة، وفهمي هويدي، والدكتور مصطفى الفقي عضو الحزب الوطني الحاكم ورئيس لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان المصري.

مرح في الفرح

ومثلما لم تفارق الابتسامة وجه الشيخ القرضاوي، لم يفارق الجو المرح والنكات بين الحضور الذي جاءوا من شتى الاتجاهات السياسية والفكرية.

فقد كان الدكتور عبد الوهاب المسيري المنسق العام لحركة كفاية المعارضة نجم "الفرح" بنكاته. وحين داعبه المهندس أبو العلا ماضي مؤسس حزب الوسط عن رأيه في مدينة "القاهرة الجديدة" هذا المكان الذي ألقته فيه قوات الأمن الشهر الماضي؛ لمنعه من المشاركة في مظاهرة ضد غلاء الأسعار، رد المسيري ضاحكًا: "والله أنا أشكرهم (رجال الأمن)؛ لأنهم سمحوا لي أن أشم هواء نقيًّا بعيدًا عن التلوث وسط العاصمة!".

ووسط تعالي الضحك على دعابة المسيري، تدخل مرشد الإخوان المسلمين مهدي عاكف بالقول إن المسيري ليس وحده من يجيد النكات الساخرة قائلاً: "إحنا كمان ولاد نكتة".

وحتى الدعابة لم تخلُ من طلب الفتوى من الشيخ، فحينما علم الحضور أن والد العروس هو الدكتور محمد سعيد عبد المنعم الموسيقار المعروف وأستاذ الموسيقى بمعهد الكونسفتوار سابقًا قبل أن يتجه للتجارة، داعب الدكتور سيد دسوقي أستاذ هندسة الطيران بجامعة حلوان بالقاهرة الدكتور القرضاوي بالسؤال: "هي الموسيقى حلال أم حرام؟".

ذكريات وسياسة

وكان للذكريات أيضًا مكانها في الحفل، فتحدث عصام العريان القيادي بجماعة الإخوان عن معرفته الأولى بسيد أمام منظر جماعة الجهاد الإسلامي -الذي أصدر مراجعات فكرية للجماعة مؤخرًا- خلال دراستهما في كلية الطب.

وروى العريان أنه التقى إمام لأول مرة عندما كان الأخير يؤم الطلاب في الصلاة، ولاحظ العريان لافتة مكتوبًا عليها "صلاة المنفرد باطلة"، فدخل معه في نقاش لإقناعه بأنها ليست باطلة وربما تكون مكروهة، لكن إمام تمسك بموقفه وكانت بداية "غير مشجعة" للصداقة بينهما، على حد وصف العريان.

وحضر الكاتب فهمي هويدي متأخرًا صافح أغلب الحضور واتجه للجلوس على نفس طاولة الشيخ القرضاوي، حيث اتخذ مكانًا بجوار الدكتور أحمد العسال رئيس الجامعة الإسلامية في إسلام آباد، والدكتور محمد عمارة، والدكتور زغلول النجار، وعدد من أقارب وتلاميذ الشيخ.

وهناك على الجانب الآخر جلس الإعلامي حسين عبد الغني مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة، وعلى نفس الطاولة الدبلوماسي القطري محمد المالكي مندوبًا عن السفارة القطرية بالقاهرة، كما اختار أن يجلس معهم إبراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين العرب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين.

الكتب حاضرة

الحفل الذي استمر لساعتين فقط كان فرصة للحصول على أخبار جديدة، حيث كشف الدكتور عبد الوهاب المسيري لهشام جعفر رئيس تحرير شبكة "إسلام أون لاين.نت"، عن كتاب جديد يعكف على الانتهاء منه ويحمل عنوان "من هم اليهود وما هي اليهودية؟".

وهو عبارة عن رد على كل الاستفسارات بشأن يهودية إسرائيل، خصوصًا بعد إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش في زيارته الأخيرة للمنطقة بأنه يؤيد يهودية إسرائيل.

كما يعكف على كتاب آخر يحمل عنوان "أسلحة الدمار الناعم" يدور حول استخدام إسرائيل الجنس كسلاح لتسويق نفسها في العالم الغربي، وأيضًا لتدمير خصومها..

وروى المفكر الكبير نبذات من حياته الأولى بناء على طلب المشاركين قائلاً: "خرجت من مصر إلى أمريكا ملحدًا صهيونيًّا، ثم تعلمت ما هي مخاطر الصهيونية والإلحاد على الإنسانية".

كما قرّر الدكتور صلاح عبد الكريم الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن يقوم بتوزيع هدايا على الحضور تتمثل في نسخ من كتابه الجديد "الديمقراطية في الإسلام"، وكانت النسخة الأولى للشيخ القرضاوي.

وطغى على الحديث بين الحضور نبأ سفر الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين إلى إيران؛ وذلك لتسلم وسام من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تكريمًا له على جهوده في التقريب بين المسلمين.

ومع دقات التاسعة همّ الحضور في الانصراف، وبينما آثر الدكتور القرضاوي البقاء في القاعة الصغرى، بدأت القاعة الكبرى في الاستعداد لاستقبال العروسين والتي جمعت أصدقاء العروس وأهالي العروسين، واستمر الحفل حتى وقت متأخر من الليل وسط أنغام الموسيقى.

وكان القرضاوي قد وصل إلى القاهرة يوم الإثنين الماضي؛ لإعداد حفل زفاف نجله أسامة على العروس إلهام محمد عبد المنعم، وقام بعقد الزواج بنفسه يوم الثلاثاء الماضي وسط حضور الأهل فقط.