تفجيرات الجزائر الأخيرة أوقعت أكثر من 60 |
القاهرة - استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجرائم التي وقعت خلال الأسبوع الماضي في الجزائر والعراق ولبنان، والتي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، واعتبرها "إفسادا وليست جهادا كما يدعى القائمون بها".
واعتبر الاتحاد – الذي يترأسه فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي - في بيان له صدر الخميس 13-12-2007 أن ما حدث هو "نوع من المجازر البشعة التي يعد أصحابها مدعين، وأن الجهاد منهم براء".
وأوضح البيان أنه: "لما تنفطر له القلوب أن الناس لا يكادون يلتقطون أنفاسهم من هول مجزرة يُقَتَّل فيها ويُذَبَّح عشرات بل مئات الأبرياء من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، إلا ويفتحون أعينهم على مجزرة أخرى أبشَعَ وأشنع، ثم تُلقى تهمتها أو يتبجح مرتكبوها بأنها جهاد في سبيل الله، كأنما كُتِب على هذه الأمة أن يكون بأسُها بينها شديدًا، وأن يرجع أفرادها هؤلاء {كفارًا يضرب بعضهم رقاب بعض}، وهو ما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير".
في الأشهر الحرم
وشدد البيان على أن ما يزيد في فظاعة هذه الجرائم وفُحشها، أن ترتكب في الأشهر الحُرم التي حرَّم الله سفك الدماء فيها يوم خلق السماوات والأرض، وأحْدثها تلك المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها في الجزائر في غُرَّة شهر ذي الحجة الحرام، فئة لم تُبالِ بانتهاك حرمة الشهر الحرام، ولا حُرْمة الأنفس البريئة، التي حرَّم الله قتلها.
وشهدت العاصمة الجزائرية انفجارين قويين بسيارتين مفخختين الثلاثاء 11-12-2007، ليخلفا أكثر من 60 قتيلا، بينهم 11 عاملا جزائريا بالمفوضية العليا للاجئين للأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، إضافة إلى 177 جريحا. وتبنى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" (الذي حل محل الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية) التفجيرين اللذين نفذا في وقت واحد بشاحنتين مفخختين.
ويعتبر خبراء جزائريون هذين التفجيرين بمثابة ردة فعل انتقامية من القاعدة على الضربات الأمنية المتتالية التي تلقاها مؤخرا، وفي الوقت نفسه إعلانا عن استمرار حضور التنظيم بالجزائر.
ولفت بيان الاتحاد إلى أن الفئة التي قامت بالجرم هي فئة متبجحة قائلا: "إن تلك الفئة أخذت تتبجَّح بأنها أزهقت هذه الأرواح البريئة، وقتلت عددًا من العاملين في عدد من المنظمات الدولية، الذين دخلوا بلاد المسلمين وأقاموا فيها بعهد الله وعهد المسلمين، وفعلت كل ذلك بدعوى الجهاد في سبيل الله وابتغاء مرضاته، فكانت من الأخسرين أعمالا (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : 104]".
ابتلاء العنف
وفى سياق متصل اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن ما وقع في عدد من مدن العراق هو ابتلاء ثان بجانب ابتلاء الاحتلال الأجنبي الجاثم على صدره، حيث ابتلي بهؤلاء الذين يمارسون فيه القتل والتفجير وإرهاب الآمنين دون أن يرقبوا في مؤمن إلا ولا ذمة.
وأشار البيان إلى أن الاتحاد أدان في بيانات عديدة سابقة تلك الأعمال التي تجري في العراق، وأهاب في كل مرة بالشعب العراقي أن يكون بأسه في مواجهة عدوه، وأن يحافظ بعضه على دماء بعض ومقدساته وحرمات بيوته وأفراده.
وأضاف الاتحاد أنه يعلن براءته وبراءة الإسلام من جميع الجرائم التي ارتكبت وترتكب "ضد الأبرياء العزل وضد غير المقاتلين من الأجانب العاملين في المنظمات الدولية والمؤسسات الإغاثية والإعلامية وغيرهم ممن لا ناقة لهم في دعم الاحتلال ولا جمل".
وأعرب الاتحاد عن أمله أن يتغلب الباقون من أهل العقل والحكمة على ذوي الصوت العالي ممن يستبيحون ما حرم الله من الدماء والأموال.
اغتيالات لبنان
كما استنكر الاتحاد الجريمة البشعة التي راح ضحيتها العميد فرانسوا الحاج، مدير العمليات في الجيش اللبناني البطل ورفاقه الذين قضوا معه في هذه المجزرة الإجرامية. وقال: "إن الجيش اللبناني وقيادته الوطنية، وقد كان العميد فرانسوا الحاج أحد أعمدتها الرئيسة، قد وقفوا مواقف بطولية في مواجهة العدو الصهيوني خلال العقدين الأخيرين، ولاسيما في أثناء حرب تموز / يوليو 2006".
والعميد الحاج كان أحد عسكريين مرشحين لخلافة قائد الجيش العماد ميشال سليمان في حال التوافق على توليه رئاسة الجمهورية، ويتوقع مراقبون أن يحدث اغتياله بلبلة بشأن اختيار خليفة لسليمان، ومن ثم استفحال أزمة الرئاسة.
ويكابد لبنان أزمة سياسية طاحنة بلغت ذروتها مع اختلاف نواب المعارضة والموالاة حول مرشح لخلافة رئيس الجمهورية إميل لحود الذي انتهت ولايته يوم 24-11-2007.
وحتى الآن لم تتبن أي جهة اغتيال الحاج الذي سبقه اغتيال ثمانية من الشخصيات الهامة في لبنان، كان آخرهم النائب البرلماني أنطوان غانم، بانفجار سيارة ملغمة في سبتمبر الماضي.
وأكد الاتحاد في ختام بيانه ثقته الكاملة في أن الشعوب العربية في الجزائر والعراق ولبنان سوف تكون دائمًا في صف الحق والعدل وفي مواجهة المخربين أيًا كانت هويتهم ومهما تكن ادعاءاتهم، مصداقا لقول الله تعالى: "كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ" [الرعد : 17].
اقرأ أيضاً:
الاتحاد العالمي يحذر من مخطط يستهدف آسيا الإسلامية
الاتحاد: تفجيرات الجزائر عدوان غاشم على المدنيين