أحد المصابين إثر وقوع مصادمات في باكستان |
القاهرة - حذر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي من مؤامرات تحاك ضد المسلمين، وخاصة في آسيا، معتبرا أن إطلاق الحريات العامة وتغليب الحوار هو الحل للخلافات داخل تلك الدول.
ووجه نداء خاصا إلى الباكستانيين.. دعاهم فيه إلى إجراء المصالحة الوطنية وتحكيم صناديق الاقتراع، كما دعا اللبنانيين إلى الوحدة والتوافق على ملء الفراغ السياسي واختيار رئيس يمثل إرادتهم.
وفي بيانه الصادر أمس 21-11-2007، طالب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "باكستان حكومة وشعبا بضرورة المصالحة الوطنية وتحكيم صناديق الاقتراع دون أي تدخل من الدولة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع الإقامات الجبرية عن ممثلي المعارضة".
وحذر الاتحاد في البيان الذي حمل عنوان "بيان من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول ما يحدث في آسيا الإسلامية.. باكستان - إيران - تركيا - لبنان" من وجود "مخطط يستهدف إحداث العداوة بين شعب باكستان المسلم ببث الطائفية بينهم، وشدد على أن ما يقع من ظلم وقتل واستبداد وكبت للحريات يدفع نحو مزيد من الرفض الجماهيري والقتال الداخلي".
تنبيه للمعارضة
ومن جانب آخر حث البيان المعارضة "على ضرورة مراعاة الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة، والمؤامرة الكبيرة التي تحاك ضد باكستان وما تمثله من قوة إسلامية مهمة من أجل تفتيتها في نزاعاتها داخلية".
وكان الرئيس الباكستاني برويز مشرف قد أعلن حالة الطوارئ في البلاد وتعليق العمل بالدستور في 3 نوفمبر الجاري، وشهدت البلاد بعد ذلك حملة قمع شنتها السلطات ضد المعارضة، حيث تم وضع زعماء سياسيين رهن الإقامة، إلا أنها رفعت عنهم لاحقا بعد ضغوط أمريكية.
وتوجه الاتحاد بنداء آخر وجه للشعب اللبناني بكل أطيافه حثهم فيه "على أن يتوافقوا على ملء الفراغ السياسي واختيار رئيس يمثل إرادة الشعب اللبناني بأسرع وقت ممكن، وأكد أن أي تأخير ليس لمصلحة هذا الوطن الغالي المهدد والمعرض لأبشع أنواع المؤامرات".
كما حذرهم في الوقت نفسه "مما يحدث على أرض لبنان حاليا، وأكد أنه يهدد وحدته واستقراره، وعودته لا سمح الله إلى مربع الحرب الأهلية التي كان قد ذاق ويلاتها لما يزيد عن 15 عامًا".
ويعيش لبنان منذ أشهر أزمة سياسية بين المعارضة والأغلبية بسبب انتخاب رئيس خلفا للرئيس الحالي إميل لحود والذي تنتهي ولايته يوم 23 نوفمبر المقبل، فيما أرجأ مجلس النواب (البرلمان) اللبناني جلسة اختيار الرئيس 4 مرات بسبب عدم توافق المعارضة والأغلبية على مرشح، وتقرر عقد الجلسة قبل ساعات من انتهاء ولاية لحود يوم الجمعة المقبلة.
ويثير إطالة التأجيل في أمد الأزمة السياسية مخاوف الكثيرين من أن تؤدي إلى تشكيل حكومتين متنافستين، وقد تنزلق الأمور نحو العنف في بلد لا يزال يتعافى من حرب أهلية استمرت بين عامي 1975 و1990.
الأزمة التركية العراقية
وتطرق الاتحاد أيضا إلى الأزمة التركية العراقية، وطالب في هذا السياق أنقرة "بتغليب المعالجة السياسية للمشاكل الداخلية والمضي في الخطوات التصالحية، وتفويت الفرصة على من يريد الزج بها في حرب داخلية قد تأتي على ما حققت من نجاحات شهد بها الجميع".
ولفت إلى الاستقرار الذي تشهده تركيا مؤخرا وقال: "إنه في ظل حكومة العدالة والتنمية، فقد شهدت طيلة السنوات الأخيرة حالة من الاستقرار والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبخاصة ما تعلق بالتعديلات الدستورية الأخيرة التي سيكون لها أثر مهم في مزيد من نشر الحرية والديمقراطية للمواطن التركي ودعما لهذا المسار المبارك".
وتابع: "مع ذلك فإن هناك دفعًا لحرب داخلية، هدفها إشغال هذه الحكومة - وهي تتهيأ لبدء مرحلة نيابية جديدة - عن مسار التنمية والاستقرار الاقتصادي الذي حققته في المرحلة السابقة، كما أنها نذير لعدم استقرار في المنطقة بصفة عامة".
إيران وقوى الشر العالمي
وفيما يتعلق بالأزمة بين إيران والغرب، حذر الاتحاد من أن سعي من وصفها بـ"قوى الشر العالمي" - في إشارة إلى الولايات المتحدة والقوى المتحالفة معها - بطرق خبيثة وماكرة إلى توريط بعض الدول الإسلامية للمشاركة فيما يحاك من عدوان ضد إيران سيزيد في تشرذم هذه الأمة وبث العداوات والفرقة بين الحكام ومنهم إلى الشعوب، بحسب ما جاء في البيان.
وأكد البيان أن "هذه المؤامرات التي تصاعدت وتيرتها ضد بلد إسلامي وبشكل متسرع يستهدف ما تبقى لهذه الأمة من أمن واستقرار، ومن ثم قطع الأمل في أي عملية نهضة جديدة، وذلك في ظل قناعة أعداء هذه الأمة بأن السبيل الوحيد لاستعادة دورها الحضاري في قيادة البشرية هو العودة للاستعمار المباشر، وإن كلفهم ذلك ما كلفهم".
ووجه الاتحاد نداء عاجلا إلى جميع الحكام والشعوب الإسلامية بأن يتنبهوا لهذه المخاطر، وأن لا يتحولوا من حيث لا يشعرون إلى خدمة هذه الإستراتيجيات والمؤامرات من خلال إشعال المصادمات والتوترات بين أقطارها وأبنائها.
وطالب بضرورة البحث عن معالجة الإشكاليات القائمة بطرق تحفظ أمن الأمة ووحدتها، مؤكدا أن المسئولية الكبرى في هذا الباب تلقى على عاتق الحكام أكثر منها على الشعوب والأطراف السياسية المعارضة.
وشدد الاتحاد على أن أفضل سبل تحقيق الاستقرار والوحدة في الدول الإسلامية هي بسط الحريات العامة وتغليب وسائل الحوار والتفاوض لحل الخلافات فيما بيننا وبعث الأطر والمؤسسات التي من خلالها يمكن للمواطن أن يعبر عن رأيه ويمارس حقه في النقد وطرح الأفكار وممارسة حرية الاختيار لمؤسسات الدولة.
وتأسس اتحاد علماء المسلمين عام 2004، ويهدف إلى أن يصبح إطارا واسعا للعلماء، الذين لم تعد هناك من وسيلة للقائهم واجتماعهم وإعرابهم عن موقف جماعي من قضايا المسلمين والعالم، ويضم الاتحاد علماء سنة وشيعة إثنا عشرية وزيدية وإباضيين، وهي المجموعات التي تشكل الأغلبية الساحقة من المسلمين، ما يمثل عملا غير مسبوق في التاريخ الإسلامي.
ونشط الاتحاد منذ نشأته في تقصي حقائق الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ويعرب عن مواقفه تجاه الأحداث والتطورات المختلفة في تقارير وبيانات وفتاوى.