د. أكرم رضا مرسي |
"منهج الدكتور يوسف القرضاوي في تجديد الفقه الإسلامي" تحت هذا العنوان نال الباحث "أكرم رضا مرسي" درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية من قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، يوم الأربعاء الموافق 26 شوال 1428 هجريا، 7/11/2007 ميلاديا.
الرسالة أشرف عليها الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية بالكلية، وناقشها كل من الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية ووكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة، والدكتور إبراهيم محمد عبد الرحيم أستاذ الشريعة الإسلامية بدار العلوم ووكيل الكلية، وتمت مناقشة الرسالة بقاعة الشيخ أحمد زكي يماني بكلية دار العلوم.
وفي بداية المناقشة العلمية أكد الدكتور أحمد يوسف سليمان المشرف الأهمية البالغة للرسالة؛ "لأنها تستمد أهميتها من أهمية وعظم العلامة الدكتور القرضاوي"، معتبرًا أن فضيلته من أعظم وأجل العلماء المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، مؤكدا في الوقت نفسه أنه "لم يعد في الساحة الإسلامية من يتفوق عليه أو حتى يضاهيه في العلم".
وأشار إلى أن هذا البحث دعوة إلى إثراء المناهج التجديدية المعاصرة في الفقه الإسلامي، بما يناسب تلك النهضة التي انطلقت في الأمة للعودة إلي دينها.
لماذا القرضاوي؟
من جانبه أوضح الباحث أن سبب اختياره لموضوع منهج العلامة القرضاوي في تجديد الفقه الإسلامي يرجع إلى عدة أمور أهمها:-
(1) - أهمية الموضوع أصوليا وفكريا، حيث يعالج قضية التجديد في استنباط الأحكام الشرعية، مراجعا تلك الأصول التي استقر عليها علم أصول الفقه في استنباط الأحكام.
(2) - قلة الدراسات والمؤلفات التي تناولت موضوع التجديد الفقهي وخاصة مجال «أصول استنباط الأحكام وقواعده» كما سيتبين عند عرض الدراسات السابقة.
(3) - الرد العملي على من يتهم الفقه بالجمود والتقليد، ويتهم الفقهاء بغلق عقولهم على القديم وتعطيل الاجتهاد في الأمة، وأيضا على من يريدون فتح باب الاجتهاد بلا ضوابط، ليلج منه كل أحد بلا ضابط أو شرط.
(4) - الانتشار الواسع للدكتور يوسف القرضاوي، سواء على مستوى مؤلفاته، أو أحاديثه المذاعة والمرئية، وفتاواه أو أعماله المتعلقة بالفقه، سواء على مستوى المجامع الفقهية أو المؤسسات التي تهتم بالفقه وأصوله؛ مما جعل دراسة منهجه في التجديد حرثا في حقل خصب، تؤمل ثماره، وينتظر خيره إن شاء الله تعالى.
وعن علة اختياره للعلامة القرضاوي ومنهجه في تجديد الفقه علي الرغم مما هو مستقر عليه في الرسائل العلمية من عدم الكتابة عن الأعلام المعاصرين، تبعا للحجة المشهورة في ذلك "أن الحي لا تؤمن عليه الفتنة". أكد الباحث على أن عدة عوامل أسهمت في خرقه لذلك العرف.
أولها: محاولة تجميع آراء القرضاوي المختلفة، ومنهجه المتكامل في علم أصول الفقه في سياق واحد، في شكله التجديدي الذي ينطلق منه تجديد الفقه في واقعنا المعاصر، وخاصة أن الشيخ مع غزارة علمه وكثافة مؤلفاته وتعدد موضوعاتها فإنه لم يؤلف كتابا مفردا في أصول الفقه أو طرق استنباط الأحكام، وتناثر الموضوع في العديد من مؤلفاته ما بين كتاب كامل، وبحث في كتاب، وفقرات في بحوث.
ثانيها: توافر ميزة مراجعة الدكتور القرضاوي فيما يمكن أن يقف أمام الباحث أو ما اعترض عليه من آرائه المعترضون، مشيرا إلى مناقشاته مع الدكتور في الكثير من المسائل والتي أجاب فضيلته عن كثير من هذه المسائل مما أفاد الباحث في إعادة صياغة البحث.
ثالثها: فتح الباب لبيان مناهج العلماء خاصة الأحياء منهم كنوع من أنواع مدارسة المنهج، في حياة صاحبه لمراجعته، وإرساء دعائمه وترسيخه، وإيجاد تلاميذ له فلا يموت المنهج بموته وينسى إذا لم يتناول بالبحث.
رابعها: يؤكد الباحث أن الانتشار الواسع للشيخ جعله كسائر البشر، له محبون ومنتقدون، لذا أراد الباحث أن تكون الدراسة محاولة لوضع الأمور في موضعها، لتخفيف الغلو في الرجل، سواء على مستوى المعارضين غير المنصفين في اعتراضهم، أم على مستوى الموافقين المغالين في حب الشيخ.
نتائج البحث
وقد أكد الباحث على أنه قد توصل من خلال بحثه لمجموعة من النتائج أهمها:
1- أن تجديد الفقه الإسلامي خصيصة أساسية من خصائصه، كما أنه ضرورة يتطلبها العصر بمستجداته وتحدياته.
2- كذلك أوضح الباحث أن علم أصول الفقه علم غير قطعي، بل هو علم قابل للتجديد؛ لأن الفقه لن يتجدد دون تجدد طرق استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، والدكتور القرضاوي رجح أن أصول الفقه علم غير قطعي، مخالفا للشاطبي ولكثير من الفقهاء، موضحا أن منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني.
3- الدكتور القرضاوي استكمل مقومات الاجتهاد وتوافرت فيه شروطه، حتى استطاع أن يدلي بدلوه في كافة القضايا، مستنبطا مباشرة من الكتاب والسنة، من غير اعتماد على مذهب معين أو عالم محدد.
4- من أجل تيسير الاجتهاد على العلماء ودفع الكثير منهم لاستكمال عدته، قام العلامة القرضاوي بضبط مصطلح الاجتهاد وتيسير شروطه بقدر ما يسعه التيسير، وضبط حكمه، كما أنه يرى أن الاجتهاد يتجزَّأ، ويرفض التعصب المذهبي والتقليد لمن توافرت في درجة النظر.
مآخذ على الرسالة
الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أشاد بموضوع الرسالة لتعلقها بالداعية الكبير والفقيه المجدد والمجاهد العظيم العلامة القرضاوي، إلا أنه لفت نظر الباحث إلى كثرة المصطلحات الأدبية، والتي لا تتناسب مع الرسائل العلمية المتعلقة بالشريعة الإسلامية.
أيضا فقد أشار عوضين إلي وجود بعض المصطلحات التي تعرض لها البحث، والتي كانت تحتاج منه إلي بيان وإيضاح لمعناها، مثل "فقه النوازل؛ وفقه الواقع؛ وفقه الأولويات".
كما لفت إلى اعتماد الباحث في المقام الأول على مراجع الدكتور القرضاوي أو من كتب عنه، وأن النظرة المحايدة كانت تقتضي عرض أفكار وآراء الشيخ في كتب الفقهاء القدامى، لبيان مدى المطابقة ومدى المخالفة، مؤكدا على حق فضيلته في المخالفة والترجيح عند تعدد الآراء، مشيرا كذلك لقلة المراجع الشرعية الأصلية في الرسالة.
وحذر عوضين الباحث من استخدام كلمة "التراث الفقهي" لأن معناها الكتب القديمة المهملة والمندثرة والتي عفا عليها الزمان، ودعا الباحث إلى عدم الاعتماد على كتب المعاصرين فقط، وترك كتب العلماء والفقهاء الأوائل والمتأخرين والتي لا غنى لطالب العلم عنها.
أما الدكتور إبراهيم عبد الرحيم أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم فقد أوضح في تعليقه أن هناك تمايزا واضحا بين عنوان الرسالة وبين مضمونها، فالعنوان يتحدث عن منهج الدكتور القرضاوي في تجديد الفقه الإسلامي، بينما المضمون يتناول منهج الدكتور القرضاوي في تجديد أصول الفقه الإسلامي، وهناك فرق بين العلمين، مشيرا إلى أن الأصح هو أن يكون عنوان الرسالة معبرا عن مضمونها.
وطالب عبد الرحيم أن يضمن الباحث رسالته بعض التطبيقات الفقهية، حتى يحدث نوعا من التوازن في الرسالة، بحيث تشتمل على الفقه وأصوله.
اقرأ أيضاً: