القرضاوي ومشعل في الملتقى |
أطلق خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مبادرة لحل الأزمة الفلسطينية الحالية بين فتح وحماس ترتكز على بناء الأجهزة الأمنية على أساس وطني وتشكيل حكومة وفاق وطني، معتبرا في الوقت نفسه أن اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس ما زال صالحًا.. جاء ذلك ضمن فعاليات اليوم الأخير من "ملتقى الإمام القرضاوي مع التلاميذ والأصحاب" بالعاصمة القطرية الدوحة.
وأعلن مشعل في كلمته أمام الملتقى اليوم الإثنين عن مبادرة لحل الأزمة الحالية "ترتكز على محورين وتكون تحت رعاية جهات عربية إسلامية"، بحد قوله.
ويتعلق المحور الأول "بوجود أجهزة أمنية تراعي مصلحة الوطن فقط لا تتبع حماس ولا فتح، أما الثاني "فيرتبط بتشكيل حكومة وفاق وطني مركزية يضمن لها كل السلطات التي تمكنها من تسيير الأمور"، بحسب مشعل.
وشدد رئيس المكتب السياسي لحماس على أن المشروعية للمؤسسات المنتخبة وهي الرئاسة والحكومة والمجلس التشريعي. وقال: "لا مشروعية لمؤسسات تقليدية عفا عليها الزمن"، في إشارة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يرى المراقبون أن رئيس السلطة محمود عباس يسعى حاليا لتفعيل دورها بعد غياب حتى تكون مرجعية بديلة لمرجعية المجلس التشريعي الذي تحظى فيه حركة حماس بالأغلبية.
مكة الأساس
وأضاف: "لا نجادل بأن اتفاق مكة ما زال هو الأساس الذي توافقنا عليه وما زال صالحًا لذلك، وأي صلاحيات منحت أو مؤسسات قامت بعد ذلك تعد مخالفة للدستور والقانون".
يذكر أنه بعد سيطرة حماس على الأجهزة الأمنية الرئيسية بغزة منتصف يونيو الماضي حل الرئيس عباس حكومة الوحدة برئاسة إسماعيل هنية، وشكل حكومة طوارئ برئاسة سلام فياض في الضفة الغربية المحتلة. ولا تعترف حماس بهذه الحكومة، وتعتبرها غير شرعية.
ووضع اتفاق مكة المبرم في فبراير الماضي أساسًا للتوافق بين حركتي فتح وحماس ولتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
دور القرضاوي
وكان مشعل قد فاجأ جمهور "ملتقى الإمام القرضاوي مع التلاميذ والأصحاب" بالحضور مساء أمس الأحد. حيث حيّا الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وقال مشعل في كلمته: "لقد عايشت الشيخ خلال 20 سنة.. اقتربت منه فيها في أثناء زياراتي للدوحة أو في مقابلاتي معه في الملتقيات والمؤتمرات، ووجدنا دائماً منه اهتمامًا ومواكبة لكافة الأحداث والمتغيرات التي طرأت على القضية الفلسطينية برغم كثرة مشاغله وهمومه".
وأضاف: "كنت دائماً أرى حرصه على معرفة التفاصيل وهو على وعي كامل بمستجدات القضية الفلسطينية، إذ يؤكد في كل مناسبة أنها القضية المركزية لكل العرب والمسلمين، وهو ما يظهر في موقف الشيخ في كل المحافل والبرامج التليفزيونية التي يظهر بها خاصة برنامجه "الشريعة والحياة" على قناة الجزيرة القطرية.
وأجمل مشعل دور الشيخ القرضاوي تجاه القضية الفلسطينية في ست محطات هي:
1- دعم الانتفاضة الأولى والثانية والجهاد على أرض فلسطين، حيث كان يجهر بدعمه لفصائل المقاومة دون خجل أو مواربة في وقت كان المزاج العالمي وعلى المستوى العربي لدى أصحاب القرار غير مؤيد لها.
2- فرق الشيخ بين المقاومة والإرهاب والعنف، فبعد 11 سبتمبر أصبح هناك لبس عند بعض المفكرين، ناهيك عن الحكومات، لكن الدكتور القرضاوي ظل على موقفه في تأييده للعمليات الاستشهادية على أنها حق للفلسطينيين المعتدَى عليهم الذين اغتصبت أراضيهم، رافضاً إرهاب الآمنين المسالمين غير المحاربين.
3- جاء دعم الإمام بالعمل والجد وليس بالرأي أو الفتوى فقط، متمثلاً في مشروع "ائتلاف الخير من أجل فلسطين" الذي استطاع أن يدعم الفلسطينيين بمئات الملايين من الدولارات.
4- سعى لإقامة مؤتمر عالمي من أجل القدس وفلسطين وبرغم رفض العديد من الدول العربية والإسلامية إقامته على أراضيها، فقد استطاع الخروج إلى النور أخيراً، وانبثقت عنه "مؤسسة القدس العالمية".
5- كان للشيخ مواقف سياسية واضحة حاسمة، والأمر اللافت للنظر هو استقرار منهاج الشيخ مهما كانت العواصف.
6- دعم الشيخ لمحاولات الوفاق والتوفيق بين كل الفصائل الفلسطينية وطوائف المجتمع الفلسطيني.
وختم مشعل كلمته بقوله: "لم أتتلمذ على يد شيخنا تَتلمُذَ الدارس، ومع ذلك أعتبر نفسي من ثمرات الشيخ، وأعتز به وبمنهجه الوسطي".
وشارك قرابة مائة داعية وباحث في "ملتقى الإمام القرضاوي مع التلاميذ والأصحاب" الذي بدأت جلساته السبت بالدوحة واختتم اليوم الإثنين.. وأشرف على تنظيمه: كلية الشريعة بجامعة قطر، ومركز إسهامات المسلمين في الحضارة بقطر، والمركز العالمي للوسطية بالكويت.
واستعرض المشاركون في الملتقى أكثر من خمسين بحثا وورقـة عمل تتناول جهود الإمام القرضاوي العلمية والعملية التي اشتغل بها (كتابـة وخطابـة وعملا) قرابة سبعين عاما من عمره.