العلامة القرضاوي

أكد فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على اطمئنانه على أحوال تلاميذه من الباحثين ومدى استيعابهم لمنهجه. جاء دلك عقب عرض عدد من الباحثين لأوراقهم البحثية خلال الجلسة الأولى في "ملتقى الإمام القرضاوي.. مع التلاميذ والأصحاب"، المقام في العاصمة القطرية الدوحة في الفترة ما بين 14-16 يوليو 2007.

كشفت الجلسة الأولى – بعد الافتتاحية – والتي ترأسها المفكر الإسلامي راشد الغنوشي عما يمكن أن نطلق عليه المدرسة القرضاوية، حيث أظهرت الأبحاث المقدمة استيعاب شباب الباحثين الجيد لفكر الشيخ ومنهجه ضمن ما يعرف بفكر الوسطية.

وكان أبرز الأبحاث المقدمة بحث عن المرأة في كتابات القرضاوي فكرا وفقها للباحثة الجزائرية وسيلة خلفي، كشفت فيه عن أن المنظومة الفقهية الإسلامية استقرت على مجموعة من الموضوعات خرجت منها بعض القضايا التي أخذت لدى المفكرين حجما كبيرا في حين اختصرت عند الفقهاء في أحكام جزئية مفصولة عن بعضها البعض.

وقد رصدت الباحثة نظرة الشيخ القرضاوي للمرأة كمفكر له أفكاره المتزنة، والتي ولدت فتاوى منسجمة مع هده الأفكار؛ حيث تحدث القرضاوي عن المرأة كإنسان قبل أن تكون أنثى انطلاقا من أنها مشمولة بخطاب القرآن والسنة كله، وبالتالي لا معنى لإقصائها بحجة سد الذرائع أو الاحتياط، كما يفعل البعض في العصور المتأخرة.

كما أشارت الباحثة إلى أن الكثير من المقولات الموجودة عن المرأة في أدبياتنا المعاصرة تتضمن احتقارا للمرأة كالإشارة إلى أنها صنو إبليس أو أن كلها شر، أو كونها فتنة أو متاعا، رغم أن معظم هده المقولات إما ضعيف إسنادها لرسول الله وإما مكذوب عليه، وإما آراء موقوفة على بعض الصحابة.

وقد بينت الباحثة رؤية الشيخ التصحيحية للموقف من المرأة في الإسلام، ومنها أنه لا ينبغي تصدير مثل هده المقولات التي تشوش على الصورة الصحيحة للمرأة في الإسلام.

وأضافت قائلة: "إن القوامة والميراث أحكام لها محال معينة، فلماذا إذن تصدر في الواجهة".

وأكدت الباحثة على ضرورة التفريق في الفتوى بين ما ثبت بالوحي، وما أقرته الأعراف، حيث إن العرف له حكمه في بيئات مختلفة فلماذا إذن يعطى العرف كل هذا السلطان للدرجة التي تجعله يطغى على عموميات النصوص، مع ملاحظة أن هناك بعض الأعراف ينبغي الحفاظ عليها حال إذا وجدناها مناسبة على أن تظل دائما محل نظر المجتهد إدا كانت تحقق مصلحة تضمن للأسرة الاستقرار، وتدخل ضمن أطر الحفاظ على المرأة.

الباحثة الجزائرية وسيلة خلفي

وفي الختام طالبت الباحثة بضرورة الجمع بين فقه النص وفقه الواقع، وأنه ينبغي فهم النص كما ورد في سياقه حتى لو كنا متأكدين تماما من صحته.

وفي تعقيبه على هذه الورقة قال الدكتور عبد الستار أبو غدة إنه إن كانت المنظومة التقليدية للفقه ليس فيها السياسة الشرعية ككيفية اختيار الحاكم وتسيير الشأن العام، لكن هناك من كتب في هده الموضوعات في كتب مستقلة.

وفي ردها على هده النقطة أشارت إلى أن هناك سؤالا منهجيا وهو لمادا بقيت تلك الموضوعات مفصولة عن جسم الفقه، وأنه من الأفضل إرجاع هده المسائل إلى كتب الفقه؛ لأنه من الموضوعات التي ينبغي علاجها فقهيا.

وفي تعقيبه على المقولات السلبية عن المرأة في أدبياتنا الإسلامية كوصف المرأة بالمتاع أشار الدكتور القرضاوي إلى أن الحديث وإن كان صحيحا إلا أنه لا ينبغي على المسلم إدا سئل عن وضع المرأة في الإسلام أن يبدأ بهذا القول؛ حتى لا يشوه الصورة الحقيقية للمرأة في الإسلام.

وقد تناولت الجلسة عدة أبحاث أخرى، فقد قدم مسعود صبري- بالمركز العالمي للوسطية بالكويت- بحثا ناقش فيه منهج القرضاوي في الفتوى كضابط لعملية الاجتهاد في الفتوى، بالإضافة إلى ما يضم تراث الشيخ من تطبيقات عملية لهدا المنهج الوسطي الذي يعد الشيخ رائدا فيه.

كما أظهرت الورقة البحثية المقدمة من الباحث وليد هادي حول فقه التيسير عند القرضاوي أن التيسير الذي نادى به الشيخ لم يكن دعوة لمخالفة النصوص المحكمة ولا ليا لأعناق الدلالات الواضحة ولا اجتراء على قواعد الشرع الراسخة ولا أخدا بالأقوال الشاذة والمهجورة التي ليس لها مستند.

وفي ورقته المقدمة حول القرضاوي والاجتهاد التنزيلي بين الباحث فريد شكري كيف جاءت اجتهادات الشيخ مرتبطة بقضايا الأمة، كاشفا عن أن هناك عدة عوامل ساعدت على ذلك منها الثقافة الموسوعية لفضيلة الشيخ، وكثرة تنقلاته بين العديد من بلدان العالم، إضافة إلى أنه يترأس عدة مجالس عالمية، وأخيرا انتصاره للفطرة مند بداية عمله في الفتوى.

وفي نهاية الجلسة عقب الدكتور القرضاوي بكلمة شكر فيها كلا من الباحثين والمعقبين وأوضح بعض النقاط التي أثارها النقاش بين الحضور.