حمل فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي بشدة على كلام وزير الثقافة المصري فاروق حسني بشأن الحجاب وزعمه أن ارتداء الحجاب عودة إلى الوراء والتخلف. وتساءل فضيلته لماذا يريدنا الوزير أن نرجع لعصر التبعية الذليلة والاستعمار ونترك الحجاب؟ وقال إن المرأة حينما تلتزم بأمر ربها تنتصر على النوازع والإغواء وتحصل على التحرر الحقيقي. مشيراً إلى أن هناك من يريد منا العودة إلى التخلف والتقليد الأعمى للحضارة الغربية.
وقال فضيلته " فوجئت اليوم بما نشرته الصحف على لسان وزير الثقافة المصري يحمل على الحجاب الشرعي ويزعم أن ارتداء هذا الحجاب عودة إلى الوراء، إلى التخلف ويقول إن شعر النساء أشبه بالورود والأزهار الجميلة فلماذا نغطي هذه الورود؟ لا يجوز أن نحجبها عن أعين الناس.. ويقول: قد كانت أمهاتنا في الزمن الماضي يكشفن رؤوسهم ويذهبهن إلى المدارس والجامعات ولا يسائلهم أحد ولا يطالبهم بتغطية الرؤوس، وهذا عجيب جدا أن يصدر في بلد مثل مصر بلد الأزهر، بلد العلماء، بلد الدعوة الإسلامية، بلد الصحوة الإسلامية التي انطلقت أول ما انطلقت من مصر، بدء الصحوة كان في مصر وأنا أقول دائما مصر تصدر الخير وتصدر الشر: تجد في مصر أفضل قارئ للقرآن، أفضل عالم من علماء الشرع، أحسن أديب من الأدباء، وتجد أيضا فيها أحسن رقاصة تطلع منها، وأعظم فرعون يطلع من مصر، هناك الخير وهناك الشر، ومصر بلد الصحوة والدعوة والأزهر وقبلة الثقافة الإسلامية.. كيف يقال فيها مثل هذا؟
وتابع: أقل ما يقول هؤلاء الناس: اتركوا النساء يفعلن ما يشأن.. حركة الحجاب حركة نسوية خالصة، النساء اللاتي قمن بها، الفتيات المسلمات هن اللاتي ارتدين الحجاب من أنفسهن، لم يجبرهن على ذلك أب ولا زوج، وجدت بعض الآباء ضد بناتهم، وبعض الأزواج ضد نسائهم، لكنهن أصررن على أن يلبسن الحجاب امتثالا لأمر الله عز وجل، الحجاب ليس بدعة، الحجاب أمر أمر به القرآن الكريم (قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن) في سورة الأحزاب (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) حتى تعرف المرأة المتوقرة الملتزمة من المرأة اللعوب والعابثة فلا يؤذين.. ولكن أنت لا تجد امرأة محجبة يعاكسها بعض الشباب، إذ هي أعلنت عن نفسها بهذا الحجاب.
وفي رده على الوزير بأن الحجاب عودة إلى الوراء قائلا: لماذا لا نرجع إلى الوراء، إلى عصر محمد صلى الله عليه وسلم، إلى عصر الصحابة والتابعين، إلى عصور الحضارة الإسلامية، بل ظل المسلمون طوال ثلاثة عشر قرنا لا يعرف فيهم امرأة كشفت رأسها وأبانت شعرها، إلا منذ دخل الاستعمار بلاد المسلمين فأسفرت الطبقة الراقية الأرستقراطية إلى العري، وظل الأمر يتسع شيئا فشيئا ويقلد الناس بعضهم بعضا، بحكم التقاليد والإعلام، وبحكم الممارسة اتسع هذا الأمر، حتى كان في وقت من الأوقات لا يكاد الإنسان يجد امرأة محجبة في الشارع، ثم جاءت الصحوة الإسلامية فقلبت الأمر رأسا على عقب، فأصبح الملايين من البنات يرتدين الحجاب طوعا لا كرها.. لماذا يريد الوزير أن نرجع إلى عصر الاستعمار؟ الذي تأثرت فيه المسلمة بالمرأة الأجنبية.
وأوضح: المرأة حينما تلتزم بأمر ربها وتنتصر على النوازع وعلى الإغواء، على من يقول لها لماذا تعيشين عصرك بالمكياج والنمص والتنمص والمستوصلة؟ المرأة انتصرت على هذا، وهذا هو التحرر الحقيقي للفتاة المسلمة والمرأة المسلمة.. هؤلاء يريدون منا العودة للتخلف الحقيقي، إلى التقليد الأعمى للحضارة الغربية، الحضارة التي استغرقت في اللذة البهيمية، التي خالفت تعاليم الأنبياء: موسى وعيسى ومحمد، هذه الحضارة التي أجازت زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، التي أجازت العرى المطلق، التي أباحت الزنا والشذوذ، يريدون أن نكن جزءا منها، ونحن لسنا جزءا من أي حضارة، نحن حضارة مستقلة لها فلسفتها ولها عقيدتها ولها شريعتها ولها قيمها ولها وجهتها (لكم دينكم ولي دين.