من معالم الوسطية: حث دعاة الإصلاح والتغيير على مقاومة التخلف والفساد, فالتخلف يعطل عقل الأمة, والفساد يعطل ضميرها, وهو أول عائق للتقدم: الفساد السياسي, والفساد الاقتصادي, والفساد الإداري, والفساد الأخلاقي. وعلى هؤلاء الدعاة أن يتعاونوا لإقامة إصلاح حقيقي؛ يشمل هذه المجالات كلها.

ولا يكون الإصلاح حقيقيا إلا إذا تم بإرادتنا وبأيدينا, ومن منظورنا, ولتحقيق أهدافهم, ولينفذ بأيديهم أو أيدي عملائهم, فيستحيل أن يكون إصلاحا.

ومدخل كل إصلاح هو إصلاح الأنظمة السياسية المستبدة التي تحكم شعوبنا, وتتحكم في مصائرها, وتخرس كل لسان حر, وتكسر كل قلم حر, وتسجن كل داعية حر, وتزوّر الانتخابات, وتقهر الخصوم بقوانين أحكام الطوارئ, والمحاكم العسكرية. فلا علاج لهذا الفساد إلا بتغيير جذري, يأتي بحكام يختارهم الشعب بكل حريته, ويستطيع أن يحاسبهم ويسائلهم, ويقوّمهم ويعزلهم إذا تمادوا في السوء. وأساس كل تغيير هو تغيير الإنسان من داخله, فهو يقاد من باطنه لا من ظاهره, ومن عقله وضميره لا من أذنه أو رقبته, وشعار الإصلاح هنا: قوله تعالى: ".. إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ..".

الإمام يوسف القرضاوي