من معالم الوسطية: الاعتراف بحقوق الأقليات الدينية ـ يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو غيرها ومعاملتهم بما أوجبه لهم الإسلام من تركهم وما يدينون، وعدم التدخل في شؤونهم العقدية أو التعبدية، أو أحوالهم الشخصية، والتأكيد على أنهم من "أهل دار الإسلام" بإجماع فقهاء الأمة، ومقتضى هذا: أنهم بلغة عصرنا "مواطنون" لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، إلا ما اقتضاه التميز الديني، فلا تفرض عليهم عبادة إسلامية، ولا تقاليد إسلامية، ولا تضييق عليهم فيما يحله لهم دينهم، وإن كان الإسلام يحرمه مثل أكل الخنزير وشرب الخمر. وتسميتهم"أهل الذمة" ليس بلازم دينا، فقد أسقط عمر رضي الله عنه: ما هو أهم من الذمة، وهو كلمة "جزية" المذكورة في القرآن، حين عرض بنو تغلب، وهم عرب نصارى: أن يدفعوا ما يطلب منهم ـ ولو مضاعفا ـ باسم الزكاة التي يدفعها المسلمون، لأنهم عرب يأنفون من كلمة "جزية" فقبل منهم عمر.
ولم ينهنا القرآن أن نبر هؤلاء، ونقسط إليهم ما داموا لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يظاهروا على إخراجنا .
الإمام يوسف القرضاوي