الأستاذة ماجدة شحاتة
باسم الله.. والحمد لله وحده.. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وعلى آله وصحبه.. وبعد!
إنه لمن دواعي السعادة والفخر أن أنال شرف الحديث عن شيخنا فقيه العصر، وإمام الأمة: فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي..
الفقيه الواقعي الذي عاش مسيرة الأمة في كل أحوالها على مدى أكثر من نصف قرن، يلامس همومها، ويعيش آلامها، آخذًا بها نحو استعادة دور حضاري، يعيد على الأسماع قصص النبل والرقي، ضاربًا المثل ومعطيًا النموذج والقدوة والمثال على واقعية وعملية الاجتهادات التي يخرج بها للأمة.
إنه مرشد الصحوة الذي ضبط المسار، حتى لا تقع بين جحود أو تطرف، وكانت لموازناته وأولوياته وتجديدات خطابه الدعوي انطلاقًا من وسطية لم يندَّ عنها، وفقه اعتمد التيسير ركيزة، في مراعاة لمقتضى العصر دون إخلال بضوابط التنزيل وإعمال النصوص، اقتحم كل قضايا الأمة بفقه أحاط علمًا بكل جوانب القضايا وزواياها الخفية، مستلهما لماض ومستقرئا لواقع، استشرافا لمستقبل أكثر اقتدارا على إدارة شأن الأمة بما يحقق مصالحها أفرادًا ومجتمعات، في اتزان نفسي وانطلاق فكري واع وأكثر نضجًا. وفي سبيل ذلك لاقى من التشويه، وحورب من كل التيارات، وكثير من الحكومات، لكنه ظل شامخًا كالطود، يذود عن مدرسته وفلسفته في الفتيا وتنزيل الأحكام، يلبي حاجة الأمة فيما استجدَّ من قضايا ملتبسة، في كل مكان على طول الأرض وعرضها، في الشرق أو في الغرب، ولكل كانت نوازله وكانت اجتهاداته التي تثير عليه الدنيا، تقيمها ولا تقعدها، إما استنكارًا أو اندهاشًا بجرأة فضيلة الشيخ على القول بما لم يقله سابق، غير أن الأحداث وتسارعها، والأيام وتواليها، جعلت الأمة كلها تنزل على آرائه واجتهاداته تسليمًا بسبقه وريادته، وتدليلًا على أنه اقتحم صعبًا بأدواته، فلم يتردد بل كان يشمر لكل مستجد، ويتصدر لكل حاجة.
ولعل جرأة شيخنا في قضايا المرأة، أسَّس لحراك نسائي فاعل في حركة الحياة، ومن بعض ثماره ذلك الحراك الثوري الذي غلب عليه خروج المرأة، ومشاركتها في صناعة مستقبل الأمة، بعد أن كان السائد فقهًا لا يرى للمرأة دورًا، في نظرة هي إلى العرف أقرب ألبسها الكثيرون لباس الشرع، مما كرَّس وضعية مهينة للمرأة، أساء الرجل توظيفها واستغلالها كون المرأة مجرد تابع ذليل لا رأي له ولا وجود..
إن تصدُّر فضيلة الشيخ لقضايا المرأة كان بداية التحرير الحقيقي للمرأة من براثن فقه منغلق، ومنظمات دولية تعمل ليل نهار من أجل تدميرها.
لقد قدم شيخنا الفقه للأمة من غير تعقيد، فرؤي الإسلام كما هو سمحًا رحيمًا، وليس فظًّا غليظًا.. متحركًا فاعلًا فلا ركود أو جمود.
إن المرأة في كل أصقاع الدنيا تدين لفضيلته بالفضل فيما وصلت إليه من وعي وتصدر وشهود أحداث الأمة والمشاركة الفاعلة في التوجيه.
إن فضيلة الشيخ العلامة يقف في زمن اصطناع شيوخ وعلماء السلطة والشرطة، يقف شامخًا كالطود متفردًا في نبل مواقفه وجرأة فتاواه في معارك الحقوق والحريات لا يخاف في الله لائمة ولا سوء عاقبة من كلمة حق في وجوه سلطات جائرة..
حفظ الله الشيخ الإمام صحة وعمرًا وعقلًا وفكرًا حتى يفتح الله على الأمة بنصر وتمكين، فمثل شيخنا وعلامتنا هو صمام أمان للحق في معارك تغييبه وتلبيسه.. والحمد لله في الأولى والآخرة