محمود سلطان
قررت السلطة يوم أمس الأول 12/5/2014، التحفظ على أموال الصحفي أحمد منصور، والداعية يوسف القرضاوي!!
منصور صحفي وإعلامي بارز في واحدة من أشهر القنوات العالمية "الجزيرة".. والقرضاوي أحد أشهر الدعاة، وينزله الثقاة من أهل العلم منزلة أحمد بن حبل وابن تيمية.. اللذين أسسا لتيار "اجتماعي ـ ديني" ممتد ومتدفق عبر الأجيال المتعاقبة، ولايزال يقض مضاجع الطغاة في العالم الإسلامي رغم وفاتهما منذ قرون : الأول توفي عام 241 هـ والثاني توفي عام 726 هـ.
ولا ندري معنى الرسالة التي شاءت السلطة أن تبرقها إلى العالم من قرار اعتدائها على الممتلكات الخاصة لشخصيتين كبيرتين يمتلكان أدوات شديدة تأثير على الرأي العام وتوجيهه صوب أي هدف يحددانه سلفا؟!
إن مصادرة أموال شخصيتين معارضتين للنظام، رسالة بالغة السوء ليس فقط للداخل، وإنما أيضا للخارج، الذي لن يتساءل فقط عن درجة النضج السياسي لصناع القرار في القاهرة وحسب إنما أيضا عن رد فعل أصحاب الأموال الأجانب وغيرهم الراغبين في استثمارها بمصر. السلطة تتصرف بـ"غل العامة" أمام الخصوم.. وليس بـ"رصانة الدولة" التي من المفترض أن تترفع عن الدخول في علاقات ثأر أقرب إلى "نزق" المراهقين.. وليس إلى حكمة "البالغين".
كيف سيطمئن المستثمر الأجني على أمواله، في حين يرى السلطة تصادر أموال المعارضين بجرة قلم.. وما الذي يمكن أن يعصمه من مثل هذا المصير الأسود حال اختلف مع الدولة.. وما الذي يمنع السلطات من مصادرة أمواله حال خرج عن رضاها وأثار سخطها وغضبها عليه؟!
المدهش أن الدولة بررت إصدار قانون يمنح العقود التي تبرمها مع المستثمرين من أية محاولة للتقاضي والطعن عليها من الأفراد والمحامين ومنظمات حقوق الإنسان.. وتعتبرها عقودا مقدسة وتغل يد القضاء عن النظر فيها.. بررت ذلك بقولها إن القانون على هذا النحو، يحول دون لجوء المستثمر إلى القضاء الدولي.. في حين يصدر منها ما يشجع ويبرر المواطنين، اللجوء إلى المحاكم الدولية.. على نحو ما حدث يوم أمس الأول من مصادرة أموال المعارضين المقيمين في الخارج!!
السلطة المؤقتة تنتقي من التصرفات ما يسئ إلى سمعتها وإلى سمعة البلد، بشكل يطرح سؤالا بشأن مؤهلاتها وقدرتها على حماية الأمن القومي المصري وما إذا كانت أمينة على المصالح الوطنية العليا، .. وهو سؤال لا يستفسرعن مؤهلات السلطة الحالية التي باتت على وشك الرحيل بعد الانتخابات الرئاسية.. وإنما يستفسر عن قدرة النظام الذي سيرثها، خاصة وأنه هو الذي يدير البلاد فعلا، وينتظر فقط برتوكولات ترسيمه رسميا في اليوم التالي من إعلان نتائج الانتخابات.
ـــــــــ
- عن صحيفة المصريون،15/5/2014