د. يوسف القرضاوي

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : «.. مَن نسي وهو صائم فأكل وشرب؛ فليُتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه».. وفي لفظ للدارقطني بإسناد صحيح: «فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه..»، وفي لفظ آخر للدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والحاكم: «مَن أفطر من رمضان ناسيًا؛ فلا قضاء عليه ولا كفارة». وإسناده صحيح أيضًا قاله الحافظ ابن حجر.

وهذه الأحاديث صريحة في عدم تأثير الأكل والشرب ناسيًا على صحة الصوم، وهو الموافق لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (البقرة: 286)، وقد ثبت في الصحيح أن الله أجاب هذا الدعاء. كما ثبت في حديث آخر: "إن الله وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه"، فعلى الصائم الذي أكل وشرب ناسيًا أن يستكمل صيام يومه، ولا يجوز له الفطر.

كذلك ومَن أفطر مكرهًا لا يفطر، سواء أدخل المكره الطعام إلى جوفه بغير فعل من الصائم أم أُكره الصائم على أن يأكله هو بنفسه على الصحيح؛ لحديث: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استُكرِهوا عليه» (رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي بأسانيد صحيحة من رواية ابن عباس، كما قال النووي في المجموع - 309/6).

هذا ما رجحه الإمام النووي من مذهب الشافعي، وقال الأئمة الثلاثة: يبطل صومه، وإن كان مكرهًا.

.....

- المصدر: "فقه الصيام" لسماحة الشيخ.