السؤال: ما موقف الدين من فتاة عربية مسلمة طلبها شاب خليجي للزواج، ولكن أهلها رفضوا، مع أنه لا يعيبه شيء في خلق ولا دين، ومع العلم بأنهم مسلمون متدينون؟

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:

والله للأسف ما زال عند الكثيرين منا مقاييس ليست هي المقاييس الإسلامية، يقيسون الشخص بما يملك من مال، وبمركزه الاجتماعي، وبنسبه وحسبه، إلى آخر هذه الأشياء، مع أن المقياس الأول الذي ينبغي أن نقيس الناس به هو الدين والخلق، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكُن فتنة في الأرض وفساد عريض"(1).

وليس معنى ذلك، عدم النظر إلى كفاءة المتقدِّم لخطبة ابنتي أو أختي، لا، فليس المعنى أن أزوِّج الجامعية لأمي لا يقرأ ولا يكتب؛ لأنه صاحب دين، فلا بد أن يكون هناك تقارب في المستوى التعليمي، والثقافي والاجتماعي، حتى يحدث التفاهم والتقارب.

وينبغي على ابنتنا السائلة أن تسمع من أهلها وجهة نظرهم؛ لأنه قد تكون عندهم أحيانا اعتبارات معينة، فمثلًا قد يكون هناك اختلاف في العادات والتقاليد، أو اختلاف في الثقافة، الخاطب من بلد غير بلدها، ومن جنسية غير جنسيتها، ولكل منهما مشربه، ولكل منهما ذوقه، فمثل هذه الأمور يجب أن تراعى، حتى تقوم الحياة الزوجية على أسس متينة.

رضا الولي في الزواج:

والإسلام اشترط في صحة الزواج رضا الولي، كما هو رأي الأئمة الثلاثة؛ موافقة الأب، أو الولي الذي بعد الأب، قد يكون الأخ الأكبر أو العم أو الجد، وأيضا نبه الإسلام إلى أن الأم تستشار في زواج ابنتها، حتى تقول رأيها، ربما يحتاج الأب إلى هذا الرأي، لأن الأم أدرى ببنتها من أبيها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمِرُوا النساءَ في بناتهن"(2).

كل هذا لتقوم الحياة الزوجية على أساس متين، ولا تتعرض للهزات والانهيار بسرعة، كما يحدث- للأسف- حين يتم الزواج دون دراسة، فتكون النتيجة الخلاف والشقاق، وربما الطلاق، والإسلام يتشوف إلى استقرار الحياة الزوجية، وأن يكون السكن والمودة بين الزوجين، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21).

فعلى ابنتنا أن تتفهم وجهة نظر والديها، وعلى الآباء ألا يتعنتوا في زواج بناتهن إن جاءهن الديِّن الخلوق الكفء.

.................

(1) رواه الترمذي (1084) موصولا ومرسلا، (وإنما يعني بقوله: مرسلا انقطاع ما بين ابن عجلان وأبي هريرة)، وقد رجح البخاري المنقطع على المتصل، وابن ماجه (1967)، كلاهما في النكاح، وحسَّنه الألباني في الصحيحة (1022)،  عن أبي هريرة.

(2) رواه أحمد (4905) وقال مخرجوه: حديث حسن، وأبو داود في النكاح (2095)، وضعفه الألباني في الضعيفة (1486)، عن ابن عمر.