الشاعر مصطفى عز الدين العايدي
قدْ هَاجَ نفسِي مَوْكبٌ غنَّاءُ ** في دَار عُرْبٍ .. كَفُّها خضرَاءُ
هلْ ودَّعتكَ بدَمْعها فتبسَّمتْ ** مُهَجٌ لنـا وَترَحَّمتْ أرْجاءُ؟
يَا يُوسُف الودِّ الجمِيلِ وحَرْفهِ ** طابتْ لذكْركَ في الشعُور الْياءُ!
نفَحاتُ مَنْ تلكَ التي أصْغَى لها ** مِنْ سِحْرِها الآبَـاءُ والأبنـاءُ؟
هاَ أنتَ في عَيْن الغمامِ سَمَاءُ ** صَدَحتْ لها الطيرُ وفاضَ عَطاءْ
وسَطيَّة الفكْرِ القويمِ.. فلاَ غُلوَّ ** ولاَ هَوىً يُغوي ويُرسِلهُ الشَّقاءُ
ياَ ناصِرَ الْحَقِّ المُبينِ مَثوُبَةً ** تهْدِي القلوُبَ إذا أتاهَاَ جَفاءُ!
بلغتْ مَطالِعَ أمَّتِي هِمَمُ الدُّعاَةِ ** الثاَّئِرينَ وقدْ تدَارَكَها وَفاءُ
مَن ذَا يحدِّثُ مَنْ تزكَّى وارْتضى ** حتَّى مَضى في إثرهِ العُلمَاءُ؟
هذا ورَبِّي سَبيلُهم ودَليلُهم ** نحْو الشَّريعةِ لاَ يُعادِلهُ قضاءُ
عَمَّ تعوِّلُ يَا إمامُ وقدْ دُعِيتَ ** إلى الْحياةِ ومِلْءُ عَينيكَ الرَّجاءُ؟
مَنْ كانَ ذِكرُ اللهِ همَّتهُ ** لمْ يأتهِ نصبٌ ولاَ إعْياءُ!
دَار المُقامَة خيْر ماَ يُجزَى به ** لاَ حَسْرةٌ تبقى ولاَ حَزَنٌ وَلاَ دَاءُ!
يَا شيْخنا مَا كنتُ أحْسبُ غُربة ** تحْنو عَليكَ وفي يدَيها الْماءُ!
ترْوي مَسيرةَ عَالِمٍ ومُعَلمٍ ** تُسعونَ مَرَّتْ والشُّهودُ عَزاءُ
مَاءُ الكرَامةِ في الحَشا يَجْري ** مِصْباحُ إسْلامٍ سَماَ.. وشِفاءُ!
هيَ آيةٌ كُبرَى تبُوحُ بسرِّها ** والقلبُ منَّا خاشعٌ وَضَّاءُ
مَا ضرَّ أصْحابَ الْعَزائمِ جاهلٌ ** ألِفَ العَدَاوةَ.. والسَّلامُ لوَاءُ!
لوْلاَ اشتغالُ الرُّوحِ بالقُرْبىَ ** مَا كانَ ذا.. والأرضُ جَرْدَاءُ!
بيَّنتَ أمْراً وهو جَوْهَرُ دِيننا: ** أنَّ السَّلامَ فرِيضةٌ سَمْحَاءُ
فإذا نَظرتَ وإذا حَكمْتَ وإذا شدَوْتَ ** تدَفَّقتْ في الأفقِ أنبَــاءُ!
فالقوْلُ قولُ الْحقِّ لاَ يُخْشَى بهِ ** سُلطانُ إنسٍ يَحتوِيهِ دَهاءُ!
يُفتُونَ باللَّغوِ البعِيدِ وقدْ نُهوا ** عَنْ مُنكرٍ أوْصَى بهِ الحُكَماءُ
أبداً سَنخضعُ للإلهِ فلاَ نـَرَى ** إلاَّ سَناهُ.. وتعجزُ الظلماءُ!
أبدأً سَتأتيكَ الرِّياحُ بمَا تُحِبُ ** وإنَّمَا في الْحِكْمةِ العَلياءُ!
وَلأنتَ أسْمى مِنْ خيالِ قصِيدي ** فالشعرُ يُنسَى .. والبَيانُ سَناءُ
ياَ صَاحبَ الفقهِ الذي أرْخى جناحَ ** مَحبَّةٍ .. فيهِ العُلومُ رُوَاءُ!
لِمَنْ الدِّيارُ إذا خَلتْ مِنْ عَالِمٍ ** دَرسَ الْكتابَ ومَا دَعاهُ رِياءُ!
أتجئ ُ بالذِكرِ الحَكِيمِ ونوُره ** أنَّى لمِثلكَ شِقْوةٌ وعَدَاءُ؟
كَمْ أسْرَجتْ رِيحُ الأحَاجِي ظُلْمةً ** حتَّى توَارتْ واسْتدَارَ ضِياءُ!
أسْمَعْتهُم صَوتَ الأبيِّ الدّاعِي ** لمَّا تدَاعَى في الهَجيرِ نِدَاءُ!
وكَمَاَ عَلِمتَ فجَمعُهم أشْلاءُ ** فالحُرُّ يَشقَىَ .. والظُّنونُ بَلاءُ!
يَا لَلْعَمَى .. لمْ تنْحَنِ لِمُجادلٍ ** يُلقي الشِّباكَ وفي يَدَيْهِ هَباءُ!
فإذا هُمُوا نظرُوا الحَقِيقةَ أدْبرُوا ** واسْتحْكَمَ البُهتانُ والإغوَاءُ!
عجَباً لمَنْ أفتَى وأنْشَبَ غيظَهُ ** وسَعَى بغلٍّ .. والرُّؤى بَيْضاء!
لتعُوذَ بالرَّبِ الرَّحِيمِ ودِينهِ ** مِنْ شرِّ نفْسٍ يَفترِيها خُوَاءُ!
فالْباقياتُ الصَّالِحَاتُ حِمَىً ** هُنَّ الحَياةُ إذَا تجلَّى لِقاءُ
يَا نَفسُ هَا .. مَرْثيَّة ٌلَهْفىَ بخاطِرنَا ** تُشاطِرنا الْجَوَى.. أمْ ذاَ ثـَنـاءُ ؟
مَا بالُ قافيتي يُؤرقها النِّدَا ** تمْضي إليهِ .. يَسُوقها الإعْياءُ!
سَيكُونُ مِعْراجٌ لذكْرِكَ صَاحِبي ** وعطيَّةٌ تنْجيكَ حِينَ تَشاءُ
" قمْ فِي فمِ الدُّنيـَا وحَيِّ الأزهَرا" ** نسَبٌ يَزِيدُكَ .. والرُّبَى َشمَّاءُ
تهْدِي إلى النَّاسِ الشَّريعَةَ والوَفا ** وتُحدِّثُ الآتيِنَ.. والْخَطوُ اسْتوَاءُ!
- المصدر: موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين