السؤال: فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أمد الله في عمرك.. ما حكم إخراج الزكاة لصالح علاج مرضى السرطان؟ وما هي الكلمة التي توجِّهونها إلى رجال المال وأصحاب البيوت التجارية من أجل التعاون مع المؤسسة الخيرية لدعم مراكز مرضى السرطان في اليمن بالتبرُّع بالمال لصالح المرضى المصابين؟                            

المؤسسة الخيرية لدعم مراكز مرضى السرطان

الجمهورية اليمنية*

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:

فلا شك في مشروعية إعطاء الزكاة لصالح علاج مرضى السرطان إذا كانوا من الفقراء ومحدودي الدخل الذين لا يقدرون على نفقات العلاج الباهظة، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (التوبة:6).

فهؤلاء المرضى من محدودي الدخل يدخلون في المصرف الأول والثاني للزكاة، وهم الفقراء والمساكين، وكما أن الفقراء والمساكين يحتاجون إلى المطعم والمشرب والملبس والمسكن: كذلك يحتاجون إلى العلاج من الأمراض، ولا سيما الأمراض الخطيرة والمؤلمة مثل السرطان.

وكما يجوز إعطاء الزكاة للمرضى أنفسهم ليدفعوا نفقات العلاج، يجوز إعطاء المؤسسات الخيرية التي تنوب عنهم في توفير المراكز والوسائل الطبية التي تيسِّر لهم العلاج المطلوب.

وإذا نظرنا إلى الأمر بالنظر إلى الأمة، وتوجيه الإسلام لها أن تكون أمة سليمة الجسم، قوية قادرة على تحمل أعباء الدفاع عن نفسها: فإنه ممكن أن تعتبر هذا الإعطاء من مصرف: {فِي سَبِيلِ اللّهِ}؛ لأنه من المعينات على أن تكون أمة قادرة على الجهاد.

كلمة إلى رجال الأعمال:

كما أدعو إخواني الخيِّرين الصادقين من رجال المال والأعمال، والتجَّار والأثرياء: أن يدعموا المؤسَّسة الخيريَّة، ويقفوا بجانبها بأنفسهم وأموالهم، وأن يشدُّوا أزرها فيما تقوم به من دعم مراكز مرضى السرطان في اليمن، وأن يبذلوا لها من المال ما يعينها على أداء رسالتها، فلا يقوم عمل كبير، ولا مشروع ذو أهمية إلا بالمال، وقد قال الشاعر:

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم  **  لم يبن ملك على جهل وإقلال

يستطيع رجال المال: أن يعطوا هذه المؤسسة من مال الزكاة التي فرضها الله عليهم، ومن الصدقات التطوعية، ومن ريع ما يكون لديهم من وقف، ومن وصايا أمواتهم إذا كانت لهم وصايا، ومن أيمال مشبوه أو محرم وصل إليهم، فهو حرام عليهم، حلال لهذه المؤسسات الخيرية وأمثالها.

وليجعلوا هذا شكرًا لله على نعمة المال الذي آتاهم الله من فضله، وشكرًا على نعمة الصحة التي منحها الله لهم، وحرمها آخرون، وليعلموا أن ما أنفقوه لن يُنقص من أموالهم شيئًا، كما قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ:39)، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

................

* وردت هذه الفتوى في كتاب «أصول العمل الخيري في الإسلام» لفضيلة الشيخ، وصدرت قبل سنوات.