القدس قضية كل مسلم
الحمد لله وكفى، وسلام على رسله الذين اصطفى، وعلى خاتمهم المجتبى، محمد وآله وصحبه أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، ومن بهم اقتدى فاهتدى… (أما بعد)
فهذه هي الرسالة العاشرة من "رسائل ترشيد الصحوة" وهي تتحدث عن قضية في غاية الأهمية والخطورة علينا نحن العرب والمسلمين، حيثما كنا في أرض الله.
فالقدس في مهب الريح، في مواجهة الخطر الداهم، الخطر الصهيوني الذي بيت أمره، وحدد هدفه، وأحكم خطته، لابتلاع القدس، وتهويدها، وسلخها من جلدها العربي والإسلامي، وقد أعلن قراره ولم يخفه، وتحدى وتصدى وتعدى، ولم يجد من أمة الإسلام -على امتدادها واتساعها- من يصده ويرده، وقديمًا قالوا في الأمثال: قيل لفرعون: ما فرعنك؟ قال: لم أجد من يردني!
إننا في هذه الصحائف نريد أن ننبه الغافلين، أن نوقظ النائمين، أن نذكر الناسين، أن نشجع الخائفين، أن نثَّبت المترددين، أن نكشف الخائنين، أن نشد على أيدي المجاهدين، الذين رفضوا الاستسلام، وتحرروا من الوهن، وصمموا على أن يعيشوا أعزاء أو يموتوا شهداء.
إن القدس ليست للفلسطينيين وحدهم، وإن كانوا أولى الناس بها، وليست للعرب وحدهم، وإن كانوا أحق الأمة بالدفاع عنها؛ وإنما هي لكل مسلم أيًا كان موقعه في مشرق الأرض أو مغربها، في شمالها أو جنوبها، حاكمًا كان أو محكومًا، متعلمًا أو أميًا، غنيًا أو فقيرًا، رجلًا أو امرأة، كل على قدر مكنته واستطاعته.
فيا أمة الإسلام، هبوا، فقد جد الجد، ودقت ساعة الخطر، القدس، القدس، الأقصى، الأقصى.
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
يوسف القرضاوي
الدوحة في
ذي الحجة 1418هـ
إبريل 1998م