كان من أهم وأبرز الأحداث التي ظهرت في تلك الآونة: استضافة دولة قطر للمؤتمر العالمي للسيرة النبوية، بفضل جهود صديقنا العالم الجليل الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري رحمه الله ، وتجاوب المسئولين في دولة قطر، وكان هذا المؤتمر قد عقد مرتين قبل ذلك: مرة في باكستان، ومرة في تركية.

وأرادت قطر باستضافة هذا المؤتمر: أن تكون بداية احتفالات الأمة الإسلامية بمقدم القرن الخامس عشر الهجري.

متى يبدأ القرن الخامس عشر؟

وقد جرى نقاش طويل امتد واتسع بين عدد من الإخوة حول سؤال بالغ الأهمية: متى يبدأ القرن الخامس عشر الهجري: أيبدأ بسنة 1400هـ أم بسنة 1401هـ؟

وكان كثيرون يميلون إلى أن القرن يبدأ بسنة 1400 التي يتغير فيها الرقم من 3 إلى 4 أي من 1399 إلى 1400.

وكان رأيي الذي تمسكت به، ورأيت أنه وحده الصواب، هو: أن القرن يبدأ بسنة 1401، لأن سنة 1400 محسوبة من القرن الرابع عشر، وهذا لأن كل قرن مائة سنة: يبدأ من 1 وينتهي بـ 100، فالقرن الأول ينتهي بـ «100» ويبدأ القرن الثاني بـ «101» وهكذا كل القرون ينتهي القرن فيها بالمائة، ويبدأ ما بعد برقم «1» بعد المائة.

والعجيب أن هذه المناقشة تكررت بحذافيرها عند نهاية القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين، أو الألفية الثالثة في التاريخ الميلادي، فقد ظن كثيرون ومنهم بعض أبنائي - أن القرن العشرين ينتهي بسنة 1999، ويبدأ القرن عندما تتغير الأرقام، ويبدأ رقم 2000، مع أننا لو قسمنا الألفين «2000» على مائة «100» لكان الناتج عشرين. فالألفان: عشرون قرنًا بالتمام والكمال، وبعدها يبدأ القرن الجديد.

المهم أننا اتفقنا على أن نحتفل بالقرن بعقد المؤتمر في أوائل شهر محرم سنة 1400هـ وكُونت لجنة تحضيرية للإعداد للمؤتمر برئاسة الشيخ عبد الله الأنصاري، وعضوية الفقير إلىه تعالى، والأخ أبي عمر محمد عبد الله الأنصاري، والشيخ علي جماز، والأستاذ محمد الشافعي صادق، وبعض العلماء والموظفين لا أذكرهم.

واقترحنا أن نستعين ببعض الشخصيات البارزة، منهم: الدكتور عبد العزيز كامل في الكويت، والشيخ أبو الحسن الندوي في الهند، والدكتور عز الدين إبراهيم في الإمارات، وغيرهم.

وفعلًا دُعُوا إلى قطر، وشاركوا في الإعداد، واختيار الموضوعات، واختيار أسماء المدعوين ... واعترض الشيخ الندوي على أسماء المدعوين من الهند وباكستان، وقال: إنهم كلهم تقريبًا من الجماعة الإسلامية، وهناك علماء آخرون لهم وزنهم وشهرتهم يجب دعوتهم، واستجابت اللجنة لاقتراحه في الحال.

وكان من أهم المقترحات: ما رآه الدكتور عبد العزيز كامل من إضافة كلمة في غاية الأهمية إلى عنوان المؤتمر، وهي كلمة «السنة» فبدل أن كان اسمه»المؤتمر العالمي للسيرة النبوية» يجب أن يكون اسمه «المؤتمر العالمي للسنة والسيرة النبوية» فالسنة أعم وأشمل من السيرة، وهي في حاجة إلى خدمة وعناية كبرى، والسيرة جزء منها. وينبغي على هذا المؤتمر أن يكون تركيزه على النهوض بالواجب نحو السنة وعلومها، نهوضًا يليق بإمكانيات العصر. واستجابت اللجنة لاقتراحه فورًا، وغيّرت عنوان المؤتمر.

كوتب الأعضاء المدعوون من أنحاء العالم، وكلفوا بالكتابة في الموضوعات المقترحة عليهم، وتفرّعت من اللجنة التحضيرية لجان عدة تعمل لخدمة المؤتمر، وأبلى الأخ أبو عمر محمد الأنصاري بلاء حسنًا في ذلك.

كلمة أمير قطر

ولم يبخل أمير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد بمال يطلب منه لإنجاح المؤتمر، واتصل بي الدكتور حسن كامل مستشار الأمير، وطلب مني أن أعد كلمة مناسبة ليلقيها الأمير في هذا الحفل، وقال: إن الأمير بنفسه وقع اختياره عليك خاصة، لما يعلم أن; أدرى بما يقال في مثل هذه المناسبة.

وفعلًا أعددت كلمة، وسلمتها للدكتور حسن، فقرأها وسرّ بها جدًا، وقال لي: كنت أظنك رجل دين ممتازًا، والآن علمت أنك تفهم في السياسة أيضًا! وإني قرأتها على الأمير فأعجب بها.

جلسة الافتتاح

وعندما انعقد المؤتمر كان الذي ألقى الكلمة نيابة عن الأمير، هو ولي عهده الشيخ حمد بن خليفة حفظه الله «أمير قطر اليوم».

كما ألقى الشيخ عبد الله بن زيد المحمود قاضي القضاة، ورئيس المحاكم الشرعية في قطر: كلمة في حفل الافتتاح، كان موضوعها مثيرًا، وأحدث جدلًا، عنوانها: «لا مهدي ينتظر بعد محمد خير البشر». وهو هنا متفق مع حكيم المؤرخين ابن خلدون، الذي رد في مقدمته على مقولة ظهور المهدي، وضعف الأحاديث الواردة في الموضوع

وظهر الشيخ ابن محمود على شاشة التليفزيون لأول مرة، وكان يتحرج من الظهور فيه قبل ذلك.

كما ألقى الشيخ الأنصاري كلمة المؤتمر، وألقى الشيخ الندوي كلمة الضيوف.

ثم انقضت جلسة الافتتاح، وانصرف الشيخ حمد بن خليفة ورفقاؤه... وبعد استراحة قصيرة، عقد المؤتمر جلسة لاختيار رئيس المؤتمر ونوابه ومقرره.

واختار أعضاء المؤتمر فضيلة الشيخ عبد الله الأنصاري الداعي إلى المؤتمر رئيسًا للمؤتمر، كما اختاروا له نائبين: أولهما: الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي، والثاني: هو الفقير إليه تعالى يوسف القرضاوي. ولا ريب في أنها ثقة من الأعضاء أعتز بها، وقد أجمعوا عليها وإن كان الأولى أن يختاروا عالمًا يمثل إفريقيا.

كما اختار المؤتمر الدكتور عز الدين إبراهيم مقررًا عامًا للمؤتمر، وكان اختيارًا موفقًا.

وقُسم المؤتمر إلى لجان، حسب الموضوعات تقدم إلى كل لجنة البحوث المعدة في موضوعها، لتناقش وتقترح التوصيات بشأنها، لتحال إلى لجنة الصياغة التي كنت أحد أعضائها.

الرسول والعلم

وقد كنت أعددت بحثًا في أحد الموضوعات المطلوبة للمؤتمر، وهو موضوع «الرسول والعلم». وقد عرضته في المؤتمر، واستفدت بما أثير من مناقشات في إغناء البحث وتطويره، وقد نشر في كتاب بعد ذلك، وطبع مرات ومرات.

وقد نشرت «إدارة إحياء التراث الإسلامي» التي يشرف عليها الشيخ الأنصاري: مجموعة البحوث المقدمة للمؤتمر في سبعة مجلدات.

وصدر عن المؤتمر جملة توصيات جيدة، مما يتعلق بالسنة والسيرة، ومما يتعلق بالأمة عامة في مطلع قرنها الهجري الجديد.

وكان من أهم التوصيات: إنشاء موسوعة للسنة النبوية تضم صحاح الحديث وحسانها محققة ومبوّبة ومفهرسة فهرسة عصرية، ومعلقًا عليها بما يوضح المفاهيم، ويدرأ الشبهات.

وكذلك تأسيس مركز للسنة والسيرة يخدم علومها في ضوء معارف العصر وإمكاناته.

ومما يذكر هنا: أنه بعد عدة أشهر أصدر أمير دولة قطر: مرسومًا بإنشاء مركز بحوث السنة والسيرة، الذي أوصى به المؤتمر، والذي تشرفت برئاسته وتأسيسه.  

مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر

وكان من ثمرات المؤتمر العالمي الثالث للسنة والسيرة: أن تبنت دولة قطر وأميرها الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني: تأسيس «مركز بحوث السنة والسيرة» الذي أوصى المؤتمر بضرورة إنشائه لخدمة السنة وعلومها بمنطق العصر وآلياته، والقيام على عمل الموسوعة الحديثية التي أشرنا إليها من قبل.

وكان ممن ساعد في تسهيل ذلك: الدكتور حسن كامل الذي تعرف علي في أثناء التحضير للمؤتمر، وفهم مني ما يمكن أن يقدمه هذا المركز، وما يمكن أن تؤديه الموسوعة - لو تمت - من خدمة دينية ولغوية ودعوية وتربوية واجتماعية وثقافية للمسلمين.

وفي 13 - 7 - 1980م صدر القرار الأميري رقم (12).

نحو مشروع موسوعة للحديث النبوي

وقد بدأت هذا العمل بكتابة بحث علمي عنوانه: «نحو مشروع موسوعة للحديث النبوي» حددت فيها معالم هذا المشروع، وكيف نبدأ السير فيه، ونشرت هذا البحث على أوسع نطاق ممكن، وكتبت في آخره: أسئلة لكل قارئ حول المشروع: ماذا يضيف إليه؟ وماذا يخذف منه؟ وماذا ينتقده فيه؟ وأسئلة عدة: يجيب عنها بـ «نعم» أو «لا».

مجلة المركز

وبدأنا إصدار «مجلة المركز» وهي مجلة علمية سنوية متخصصة، يكتب فيها كبار المتخصصين، وقد نشرت فيه هذا البحث مع كراسة الأسئلة الأخيرة.

وكتب أخي الدكتور عبد العظيم الديب بحثه القيم «حافظ عصرنا ... الكمبيوتر».

ولكن الأماني شيء والواقع شيء آخر. فهناك روتين صارم يقف حائلًا دون ما أريد. كان هناك أشخاص مناسبون تمامًا من المتخصصين في الحديث وعلومه، الموصولين بالعصر وتياراته وإمكاناته، حاولت أن أوظفهم في المركز، فلم أستطع، وسارعت جهات نظيرة فالتقطتهم ... وكان هناك أناس من الفنيين الحاسوبيين الذين اشتغلوا بخدمة الحديث في مواقع أخرى، وكانوا يرغبون في الانضمام إلينا والعمل معنا، ولكن الروتين لم يمكنّا من ضمّهم إلينا، واختطفتهم جهات أخرى.

إمكانات محدودة

كل ما أُعطي للمركز - بعد مديره غير المتفرغ - سكرتير وطابع. وكنت في ذلك الوقت عميدًا لكلية الشريعة. كما كنت أدرس بعض المحاضرات للطلبة أو الطالبات، إلى جوار إدارة المركز.

كما انتدب إلى المركز واحد من أساتذة الكلية المتخصصين في الحديث - غير متفرغ - وهو الأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين رحمه الله تعالى.

وبهذه الإمكانات المحدودة لم نستطع أن ننجز عملنا الكبير: الموسوعة المنشودة، وقمنا ببعض الأعمال التي تناسب قدراتنا، وهو إخراج المجلة التي تحتوي عددًا من البحوث العلمية المخدومة في موضوعها، والتي لقيت قبولًا لدى الدارسين والمهتمين في العالم الإسلامي.

كما نشرنا عددًا من الكتب حول السنة والسيرة، مثل: المنتقى من الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، في جزأين لمدير المركز.

السيرة النبوية الصحيحة للأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري.

السنة مصدرًا للمعرفة والحضارة لمدير المركز.

كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟ لمدير المركز.

التربية الروحية والاجتماعية للدكتور أكرم ضياء العمري.

كما قام المركز بتدريب بعض الخريجين القطريين والخريجات القطريات في كلية الشريعة على فن التخريج والتعامل مع المصادر ... وقد استطاع الشباب الباحثون تحقيق مخطوطة قديمة، وقد انتدبت لهم في بعض الفصول: صديقنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وهو علامة في الحديث، عالم بالفقه، عالم باللغة والنحو؛ فأفاد الباحثين والباحثات في المركز في هذه العلوم كلها، في فصلين دراسيين.

كما استطاعت الأخوات الباحثات: تجميع الأحاديث المتعلقة بشئون المرأة في مختلف الجوانب: إنسانًا وأنثى وبنتًا وزوجة وأمًا وعضوًا في المجتمع.

ندوة «نحو مشروع متكامل للسنة النبوية»

بعد إنشاء المركز بعدة سنوات: رأيت أن مراكز عدة أنشئت في داخل العالم الإسلامي وخارجه لخدمة السنة، بعضها تقوم عليه دول وجامعات أو مؤسسات رسمية، وشعبية وبعضها يقوم على جهود أفراد نذروا أنفسهم لخدمة الحديث، مثل أخينا العلامة الدكتور محمد مصطفى الأعظمي.

وقد دعونا: ثلاثة أصناف من الناس:

أولًا: علماء الحديث المشغولين بمثل ما نحن مشغولون به، سواء كانوا يمثلون دولًا أم مؤسسات، أم يعملون فرادى لحساب أنفسهم.

ثانيًا: العلماء الفنيين من رجال الحاسوب، المهتمين باستخدامه في خدمة السنة والعلوم الإسلامية.

ثالثًا: المشرفين على إدارة هذه المؤسسات من مديري المراكز، أو من الممولين والمسئولين عنها، مثل الشيخ صالح كامل، مؤسس مركز صالح كامل لخدمة الحديث في جامعة الأزهر، والدكتور محمد عبده يماني المشرف على مؤسسة «اقرأ».

وشارك في هذه الندوة نحو 35 شخصًا، وكان مقررها الأخ الأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب. وقد افتتحها مدير الجامعة د. عبد الله جمعة الكبيسي، كما سعد المدعوون بلقاء أمير البلاد السابق الرئيس الأعلى للجامعة، الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الذي شجَّع كل ما يخدم السنة ويقرِّبها للمسلمين، ويفهمها لهم بلغة العصر.

اتحاد عام للعاملين في خدمة السنة

وقدم إلى هذه الندوة عدد من البحوث المتنوعة، نُوقشت مناقشة مستفيضة، وصدرت قرارات وتوصيات مهمة، أعتقد أن أهمها كان: ضرورة إنشاء اتحاد عام للعاملين في خدمة السنة، من مراكز أو مؤسسات أو أفراد. وكلف أخونا القانوني الكبير الأستاذ الدكتور جمال عطية - المشارك في الندوة - بوضع الخطوط العريضة للنظام الأساسي لهذا الاتحاد، وبلورة أهدافه ووسائله، وجهازه الإداري، وقد تم ذلك ونوقش وهُذّب وأُقر.

ثم تباحث المجتمعون حول مقر هذا الاتحاد، وبعد نقاش حر: اتفق الجميع على أن أليق مكان لهذا الاتحاد هو القاهرة، لما لها من مكانة ثقافية ولوجود الأزهر فيها، ولوجود مركز صالح كامل بها، ولسهولة الوصول إليها من كل الجهات ... إلخ.

مشكلة تسجيل الاتحاد بمصر

ولكن بقيت مشكلة، وهي تسجيل هذا الاتحاد بمصر، وما قد يعتريه من عقبات، وتعهد الشيخ صالح كامل - بما له من ود وقرب لدى المسئولين في القاهرة - أن يذلل العقبات، ويستصدر التصريح في أقرب وقت ممكن.

وانصرف الجميع وهم يؤمّلون في قيام هذا الاتحاد الذي ينسق العمل في هذا الميدان المهم، ويتفادى تكرار العمل الواحد، ويقسم العمل المطلوب، ويكلف كل مركز أو جماعة بالجزء الواجب عليه، كما ألفت لجنة أو لجان علمية لمراجعة ما يتم أولًا بأول، ثم هناك لجنة عليا تشرف على العمل كله، ومن أخص مهماتها: أن تحكم في الأمور المختلف فيها، ولا سيما في التوثيق والتضعيف.

كان الجميع مستبشرين بهذا العمل الجماعي، مؤمنين ببركته وضرورته، ويد الله مع الجماعة، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا.

وذهب أخونا صالح كامل، ليقوم بدوره في القاهرة في الاتصال بالمسئولين، وقد تبيّن له أن الأمل ليس بالسهل، فعلى رغم معرفته بكبار القوم، ظلوا يحيلونه من جهة إلى جهة، ومن وزارة إلى وزارة، فهل هذا الأمر يتبع وزارة الأوقاف أو الأزهر، أو وزارة الثقافة أو وزارة الشئون الاجتماعية، أو رئاسة الوزراء أو جهة أخرى؟

وظل في هذا الركض نحو سنتين، ثم انتهى به المطاف إلى إحدى هذه الجهات - أظنها وزارة الشئون الاجتماعية بوصفنا جمعية أهلية - ووعدوه خيرًا، وبدءوا في إجراءات التسجيل والتصريح. وبشّرنا الشيخ صالح أخيرًا بأن التسجيل أوشك أن يتم ... ثم ... ثم تراجعوا وسحبوه بعد ذلك!!

وأنا أعجب من مثل هذا التصرف، كيف يرفض مثل هذا التحاد، وهو إضافة إلى مصر، وليس «خصمًا» عليها؟! إنه يقر لمصر بالزعامة الثقافية، ويتيح لها امتيازًا في أكثر من جهة، وفيها: الناحية الاقتصادية، فهذا سيكون له مركز، وسيحتاج إلى موظفين، وسيعقد اجتماعات، وكل هذا فيه مصلحة مصر.

ولكن هذه الاعتبارات كلها غائبة عن وعي الذين يمسكون بزمام الأمور، وهم لا يعقلون. وقد قال العرب: إن من البلية أن يكون الرأي في يد من يملكه لا في يد من يبصره!

وكان من نتائج هذا الموقف: أن ضاعت فكرة الاتحاد. ولم يتح لها العودة مرة أخرى.

أمنية لم تتحقق كما كنت أحب

ومما يؤسف له: أن هذا المركز الذي كنت قد رسمت له صورة في ذهني: تقوم على فريق عمل متكامل متفاهم من الشرعيين المتخصصين في علوم الحديث والدراسات الإسلامية، يساعدهم متخصصون في العلوم الإسلامية الأخرى كالقرآن وعلومه، والفقه وأصوله. ومن الفنيين المتخصصين في علوم الحاسوب، والتصنيفات الفنية، وأن تكون تحت أيديهم مكتبة متكاملة، وأجهزة على أحدث طراز، وموظفون علميون وفنيون مساعدون، يكونون «ورشة عمل» متميزة، لأن أفرادها يؤمنون بأن عملهم عبادة وجهاد في سبيل الله: لم يسر في واقع الأمر على ما كنت أتمنى، فقد وقف الروتين المالي والإداري عائقًا دون ذلك.