قال العلامة الدكتور يوسف القرضاوي إن الغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مطلوبا ومشروعا، ولكن يجب أن يكون  محكوما ومحسوبا، وليس تصرفا أهوج يؤخذ علينا، ولفت إلى أن إيذاء الأنبياء سنة قديمة، كما أكد أن السفراء أمانة في أعناق المسلمين.

جاء ذلك في حلقة الأحد 16 سبتمبر من برنامج الشريعة والحياة والتي تناولت موضوع "الإساءة للنبي وسياسة التعامل معها"،  حيث دعا فضيلته إلى التعبير عن الغضب والاحتجاج "بالأسلوب الهاديء لا بالاندفاع الجاهل، حتى دخل في هذا الأمر أناس ليسوا من المدافعين عن الإسلام، وأناس استخدموا في هذا الأمر استخداما"، مشددا في الوقت ذاته على حق كل إنسان في أن يحتج الاحتجاج السلمي على أي أمر ينكره.

ونوه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأن أسلوب الرد على الإساءة للإسلام يختلف باختلاف أسلوب وطريقة من صدرت الإساءة منهم، فالمسيئون من المستشرقين مثلا يتم الرد عليهم بالكتابة، وبما يهدم منطقهم وكذبهم.

وحول الإساءة الحالية قال الشيخ القرضاوي "نرد على الذين فعلوا هذه الأفعال بما نستطيع، نرد عليهم علميا، ونرد عليهم بأفلام"، وأشار إلى أنه يجري الآن في قطر بمساهمة الدولة الإعداد لفيلم عالمي عن الرسول باللغة الإنجليزية.

وقال إن من يريد الانتقام من أمريكا فعليه محاربتهم في بلادهم، إنما بلاد المسلمين يجب أن تظل آمنة، مشددا على أن السفراء في بلاد الإسلام أمانة في أعناقنا.

ولفت إلى أن ماحدث يدل على أن الجماهير في بلادنا بحاجة إلى توعية وإلى تثقيف، وعلى أن "أمتنا في حاجة إلى ثقافة متوازنة متكاملة، ثقافة علمية حقيقية مبنية على أصول سليمة، تعمم على سائر الناس"، يقوم عليها العلماء والدعاة، وتكتب بلغات عدة.

سنّة قديمة

وقال الشيخ القرضاوي إن الإساءة إلى رسل الله جميعا عليهم السلام سنة من سنن الله القديمة والمتجددة، فقد أوذي  كل رسل الله، حيث يقول تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} (الأنعام:34)، ولقد أوذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه وفي أهله وفي أصحابه، وصب عليهم ما صب من العذاب، حتى أكلوا أوراق الشجر.

وذكر بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (الأنعام:112)

وقوله عز وجل" {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} (الفرقان:31)

وقال الشيخ القرضاوي إن هذه طريقة الأنبياء، فليس عجيبا أن يساء إلى محمد صلى الله عليه وسلم في عصرنا، لافتا إلى أن دوافع هذه الإساءة دوافع موجودة منذ القدم، كما قال القرآن "تشابهت قلوبهم".. فما أشبه الليلة بالبارحة.

ونوه إلى أن الإساءة إلى النبي بالأقوال والأفعال والأكاذيب والأباطيل ستظل موجودة، ما دام في الدنيا حق وباطل وإيمان وكفر وتوحيد وشرك، والمقصود ليس النبي وإنما إيذاء المسلمين. وذكر قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} (الأحزاب:57).