استقبل فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي السبت وفدا من اتحاد الجمعيات الإسلامية بجمهورية بنين، الذي وصل قطر في ضيافة مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد، التابع لكلية الدرسات الإسلامية، مؤسسة قطر.

وتأتي زيارة الوفد للدوحة في إطار سلسلة الوفود التي يستضيفها مركز القرضاوي ضمن خطته لنشر مفهوم الوسطية والاعتدال في العالم الإسلامي، عن طريق عقد دورات علمية لموجهي الأقليات المسلمة في البلاد المختلفة. وقد سبق للمركز أن استضاف وفودا من جامبيا وألمانيا وجورجيا والصين، وغيرها.

ويتشكل الوفد من مجموعة من الأئمة والدعاة والمدرسين ورؤساء المراكز الإسلامية؛ يمثلون المحافظات المختلفة للجمهورية، والذين تلقوا تعليمهم في الدول العربية المختلفة.

وقدم الوفد خلال اللقاء تعريفا موجزا بدولة بنين، وبموقعها الجغرافي، حيث تقع في غرب أفريقيا، ونالت استقلالها عام 1960م، ويبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، يشكل المسلمون نسبة 40% منهم، والمسيحيون 25% ، فيما البقية وثنيون.

وعبر الوفد عن سعادته بلقاء فضيلة العلامة، وعن شكره للدكتور محمد خليفة مدير مركز القرضاوي الذي يستضيف الدورة العلمية المُقدَّمة لهم، والذي أتاح لهم فرصة اللقاء بالشيخ الذي طالما قرؤوا له، واستمعوا لخطبه، وشاهدوا برامجه، ودعوا له أن يبارك الله في عمره، ويعينه على ما يقوم به في خدمة الأمة الإسلامية وقضاياها.

تنامي الوعي الإسلامي

واستعرض الوفد ما يتعرض له المسلمون في بنين من مخاطر تحيط بهم، تهدد العقائد الإسلامية السمحة، من قبل التيارات التي تريد غزو المسلمين، والتي لم تكن موجودة من قبل، وتتلقى الدعم من جهات شتى، كما أشاروا إلى نقص الوعي لدى بعض الكوادر المسلمة.

وإن كان مما يبشر هو تنامي الوعي الإسلامي، والعمل الدعوي بين الشباب المسلم في الجامعات في المرحلة الحالية، وتصدي المسلمين بإمكاناتهم البسيطة لتيارات الغزو الفكري والديني، عن طريق المدارس الإسلامية، وقوافل الدعاة، مؤكدين أن وضع المسلمين في هذه الدولة في تصاعد مستمر.

وقدم الوفد للشيخ قائمة بالجوانب الإسلامية التي تحتاج إلى الدعم؛ من كفالة الطلاب المسلمين، وتوفير فرص للابتعاث للدراسة في المجالات المختلفة، وخاصة في المجالات العلمية المعاصرة.

ووجه الشيخ إلى أهمية البحث في أسباب ضعف المسلمين، من النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والإعلامية، بحيث يمكن للمسلمين ملأ هذه الثغرات. وأكد على أهمية تنويع تخصصات أبناء المسلمين، وألا تقتصر دراستهم على اللغة العربية والعلوم الإسلامية؛ بل لا بد من دراسة العلوم المعاصرة ليشاركوا في نهضة بلدهم. وقد طلب الوفد معاونة الشيخ في توفير منح للطلاب في هذه التخصصات.

ونبه الشيخ على ضرورة الدعوة بين الوثنيين، الذين يشكلون نسبة ليست قليلة من سكان البلاد، وعرض الإسلام السمح، والتعاليم الإسلامية الخالصة على هؤلاء بصورة تحببهم في الإسلام، وتقنعهم بالدخول فيه.

التسامح

وبين الشيخ القرضاوي أن هناك خلافات يمكن التسامح معها، وهي التي تجري داخل الدائرة الإسلامية، أما الخلافات خارج الدائرة الإسلامية، فهي خلافات مرفوضة وغير مقبولة تماما. ويجب أن تتسع الدعوة للجميع، فكل مسلم داعية، وكل مخاطب بقول الله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

وأرشد إلى وجوب التقارب مع إخواننا المسلمين، ولا داعي للاصطدام على مسائل ليس لها كبير وزن. نريد أن نجمع المسلمين، لا نريد أن يتفرقوا، ونأخذهم بالرفق واللين، فـ"ما دخل الرفق في شيء إلا زانه"، "إن الله يحب الرفق في الأمر كله".. الرسالة الإسلامية رسالة الرحمة، والخير والحق والعدل، التي تسع الجميع، وتضم الجميع. وأوصاهم بالصبر، والتأني، وحسن التأتي للأمور.

وأكد الشيخ على أهمية أن يستفيدوا من السلفية ترسيخ العقيدة، ومن الصوفية الخلق والرقي الروحي، فالصوفية تعني الصدق مع الحق، والخُلق مع الخَلق، وأن ندع التشدد والتعصب، محافظة على المجموعة الإسلامية.

كما تحدث عن الوسطية التي يتبناها، والتي حمل لواءها أئمة وعلماء من قبل، منهم الإمام البنا، الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين بعد سقوط الخلافة، لافتا إلى أن الإسلام والحمد لله في إقبال، فها هو يتقدم الصفوف في بلاد الربيع العربي.

وبيّن الشيخ أن قوة المسلمين في وحدتهم، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان، والمسلم أخو المسلم، ومثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا بد من التأكيد على مصالحة المسلمين مع بعضهم، وتآخيهم، ومحبتهم. فالإسلام دعوة رحمة وسلام وهداية وبر وخير، وعنوان الرسالة المحمدية، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

كما رد الشيخ على مجموعة فتاوى فقهية تمس واقع المسلمين في بنين، تناولت الميراث، والأحوال الشخصية، والاقتصاد، وغيرها من القضايا.

وختم الشيخ لقاءه بالدعوة للمسلمين هناك، والمسلمين في بلاد الثورات بالنصر والتمكين.