أكد العلاَّمة الدكتور يوسف القرضاوي أن الإسلام يُقرِّب بين المسلمين والأقباط، وأن الدعاة يعملون لتحقيق الخير لمصر كلها بمسلميها ومسيحيها، وإسلامييها وعلمانييها، وغيرهم؛ لأن الإسلام جاء رحمةً للعالمين.

جاء ذلك بكلمة فضيلته بندوة حول "دور العلماء والدعاء في صناعة السلم الاجتماعي" نظمتها مؤسسة "بناء" لإعداد العلماء بالتعاون مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مساء الثلاثاء بقاعة الأزهر للمؤتمرات، برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.

وفي كلمته لفت العلامة القرضاوي إلى أن حقَّ التسامح الإنساني هو ما انفرد به الإسلام، ويجب أن نتأمل التاريخ الإسلامي الحق؛ لأن هذا التسامح يأمرنا به الله ورسوله، ويجب أن يتعلمه الناس، ويجب ألا يخاف إخواننا المسيحيون من الإسلام أبدًا؛ حيث إن جميع المذاهب الفقهية أكدت أن أهل الذمة أهل دار الإسلام ومواطنون لهم حقوق المواطنة.

وأكد - كما أفاد موقع إخوان أون لاين - أن الإسلام يُقرِّب بين المسلمين والأقباط لما بيننا وبينهم من مودة، وأقول لإخواننا النصارى في مصر؛ لا تخافوا من الإسلام؛ فهو الذي يضمن لكم حقوقكم والعيش أحرارًا، ولن يفرض عليكم شيئًا؛ حيث إن الإسلام لا يُجيز إكراه أحد على شيء.

وأوضح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن النظام البائد أخَّر أداء حقوق الأقباط، ولكن الإسلام يدعو الأقباط والمسلمين معًا إلى عدم التنازل عن حقوقهم إلا ما اقتضاه التمييز الذهني، وهو الذي جعل لأناس حقوقًا وواجباتٍ خاصة.

وأضاف أن الدعاة يعملون لتحقيق الخير لمصر كلها بمسلميها ومسيحيها، بليبرالييها وإسلامييها وعلمانييها، وغيرهم؛ لأن الإسلام جاء رحمةً للعالمين، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً للعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107)؛ ولذلك نحن حينما نأتي بهذه الرحمة نأتي بها للمسلمين وغير المسلمين والعالمين كافةً.

وأكد أن المسيحيين يبنون مصر جنبًا إلى جنب المسلمين، ويجب بأي حال عدم التمييز بينهما، ويجب أن يتحلى المسيحيون بالسلام والتسليم، موضحًا أن الأقباط والمسلمين أمة واحدة قد تتوافق كثيرًا وقد تختلف يومًا، وهذا أمر طبيعي؛ لأن الاختلاف رحمة، داعيًا أهل مصر وكل الأديان المختلفة في البلاد الإسلامية ألا يخافوا من الشريعة الإسلامية؛ لأن بوجودها تستأصل الجرائم والفتن من جذورها.

وأوضح أن المسلمين والمسيحيين تربطهم إخوة وطنية أقرَّها الإسلام؛ حيث دعا إلى أن يعمل كل المسلمين لخير الأقباط باسم الإسلام؛ حيث إن الأقباط من المسلمين والمسلمين من الأقباط، مضيفًا أن الإسلام علمنا ألا نخاطب غير المسلمين بأنهم كفار.

عودة مصر والأزهر

وأكد العلامة القرضاوي أن مصر والأزهر والأوقاف عادت اليوم بعد أن قام الفاسدون بسرقتها، مضيفًا: اليوم أعيش في مصر الحرة.. مصر الدعوة.. مصر الثقافة الإسلامية.. مصر الريادة والقيادة؛ حيث أجد الآلاف المؤلفة من الشباب الأزهري من أبناء الأزهر المسروق العائد المعمَّمين والملتحين؛ الذين عاهدوا الله أن يكونوا للأزهر الحق لا لأزهر الباطل، وأن يكونوا لمصر وللإسلام لا لغيرهما.

وأوضح أن الشباب الأزهري هم الذين يحملون هم الأمة، ويقودون الأمة في ربيع الثورات العربية، مؤكدًا ضرورة تذكر فضل تونس في بدء مسيرة الثورات الخيرة للقضاء على الظلم والباطل والفاسدين الذين سرقوا الشعوب، وأضاعوا كرامتها وعقيدتها وحريتها وكل شيء.

وأشار فضيلته إلى أن الثورات العربية أسقطت كل عائلات الاستبداد، ولم يعد لها وجود في عهود الجمهورية، ونحن في الوقت الذي نحتفل فيه بمرور سنة على ثورة مصر نحتفل بنجاح ثورتي تونس وليبيا، وسنحتفل قريبًا بنجاح ثورتي سوريا واليمن، وكل بلد ينتصر فيه الخير على الشر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم.

وشدد على أن مصر تمضي الآن إلى حياةٍ جديدةٍ، فيما يسعى أناس لعرقلة مسيرتها والتشويش عليها، ولكن الحق سيمضي والباطل سيُزهق وسيذهب جفاءً.

ودعا القرضاوي المسلمين إلى التآخي مع الأمة كلها، وخاصةً في مصر، ونبذ التناطح عند ماسبيرو ومجلس الشعب والوقوف صفًا واحدًا من أجل البناء، قائلاً: يجب أن يجمع الإسلام كافةً المسلمين والمسيحيين جميعًا؛ حيث إن هناك الكثير من المسلمين لا يفهمون الإسلام ويرفضون ما أمر الله به.

وأضاف أن الشعب تحرر وينبغي على شباب الأزهر والدعوة والإخوان ومؤسسة البناء، وكل مَن يدعو إلى الخير بالدعوة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، موضحًا أن الشباب عليهم مسئولية أن يجندوا أنفسهم لثقافة إسلامية أصيلة رصينة قوية متينة مستمدة من قول الله تعالى " ادْعُ إِلى سَبْيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".

وأوضح فضيلة العلامة أن الإسلام للفرد والأسرة والمجتمع والدولة والعالم كله بالحكمة التي تخاطب العقول بما تفهم، والموعظة الحسنة التي تخاطب القلوب بالعاطفة، ومحاورة المخالفين بالتي هي أحسن وأجمل الطرق وأكملها، مطالبًا شباب الأزهر بتعلُّم الدعوة والفقه وأصوله للتهيؤ للمرحلة القادمة والتعلُّم من كبار العلماء والصبر على التعلم، كما أن على الأساتذة أن يقوموا بدورهم بإعداد الدعاة للحيلولة دون وقوعهم في الخطأ.

وأرشد إلى أن كل داعيةٍ عليه أن يُعلِّم نفسه ويتعلم من غيره؛ حيث إن الشهادة العالمية ليست كل شيء، ولكن السعي خلف العلماء والتعلُّم منهم، والبحث عن مصادر العلم وأصوله.