دعا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ضباط وجنود الجيش السوري إلى "التحلي بالشجاعة" والانشقاق عن صفوف الجيش النظامي والالتحاق بـ "إخوانهم " في الجيش الحر، قائلاً إنه يحرم عليهم عليهم إطلاق الرصاص على الأبطال المخلصين من أبناء وطنهم الذين وضعوا رؤوسهم وأرواحهم على أكفّهم لا يبتغون إلا الشهادة وتحرير بلادهم من ظلم الطواغيت.

ودعا فضيلته في خطبة الجمعة أمس من مسجد عمر بن الخطاب إلى نصرة الشعب السوري ومدّ يد العون له ومساعدته، لافتا إلى أنه يتعرّض للجوع ولا يجد قوت يومه بسبب عدم تقاضي الموظفين رواتبهم منذ 10 أشهر، كما دعا إلى دعم قوات الجيش الحر بالسلاح حتى تستطيع الإطاحة بـ"النظام الغاشم".

ونصح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ضباط وجنود الجيش السوري قائلاً: من أراد الجنة ومن أراد أن يأجره الله سبحانه وتعالى وأن يحبّه شعبه فعليه بالالتحاق بالجيش الحر، مؤكّداً أن الله سبحانه وتعالى سيُؤيّدهم ويُهيّئ لهم النصر والفتح المبين.

وأكد أنه من حق كل شعب أن يرفض من لا يُريد من حكامه، ويجب ألاّ يُفرض على شعب حاكم بعينه، وإن الأسر التي تحكم البلاد الجمهورية لا مكان لها، ولابد أن يرحل أفرادها ويتنحّوا عن سدة الحكم.

وبين أنه حرام على أفراد الجيش السوري أن يُطلقوا رصاصة واحدة على إخوانهم من أبناء سوريا، هؤلاء الأبطال المخلصون الذين بذلوا أرواحهم ووضعوا رؤسهم على أكفهم لله يبتغون الشهادة، لا يُريدون شيئًا إلا أن يُحرّروا بلادهم من الطواغيت، ومن الظلم.

وأضاف - وفق صحيفة الراية القطرية - : أدعو الضباط وضباط الصف والجنود أن يتخلوا عن هذا الجيش الظالم حتى لا يبوؤوا بإثمه، فلا يجوز لهم أن يُطلقوا رصاصة واحدة على إخوانهم أو آبائهم وأقاربهم وأهاليهم.

ودعا القرضاوي السوريين إلى التظاهر السلمي في كل شواع سوريا قائلاً: أدعو الجميع في سوريا للخروج في تظاهرات سلمية لا تقتل أحدًا ولا تعتدي على أحد، وأقول لبعثة مراقبي الجامعة العربية أن يذهبوا لمقابلة هؤلاء المتظاهرين الذين ليس معهم أي سلاح إلا ألسنتهم وهم يهتفون من أعماق حناجرهم " نريد إسقاط النظام ".

أمتنا بخير

وحول تطورات الأوضاع في مصر والتقدم الكبير للإسلاميين في الانتخابات البرلمانية؛ حمد فضيلته الله تبارك وتعالى على أن هذه الأمة لا تزال بخير، فلا يزال الإسلام فيها هو المرجع الأول والمرجّح الأول، بعض الناس ظنّوا أن هذه الأمة انتهت وغلبت فيها اللادينية والعلمانية، وأكلت أهلها.

وتابع: ستظل هذه الأمة أبد الدهر مستمسكة بدينها مستمسكة بقرآنها، مستمسكة بمحمدها، لا تحيد عن كتاب الله ولا عن سنة رسول الله، من الممكن أن تعصي الله، ممكن أن تتغير في جزئيات مختلفة لكن سيظل الدين.. سيظل الإسلام هو الإسلام، هو الذي يمسك هذه الأمة، وقد حدث ما حدث للأمة من انحرافات وتجاوزات، حدثت فيها مظالم ومآسٍ وكبائر وموبقات، حاولت أن تسلخها عن جلدها وأن تُخرجها عن جوهرها وأن تحرف مسيرتها ولكن أبى الله ذلك وأبقى الأمة على دينها.

وأضاف: الإسلاميون أصبحوا هم الأغلبية بحمد الله، لم يستطع من فعل وفعل أن يحرف أغلب الأمة بحمد الله.. وأنا أريد أن أطمئن الناس إلى أن الإسلاميين إذا انتصروا سيكونون للأمة، الإسلامي الحق يعتقد أنه مبعوث الله لهداية الأمة، لإخراج الأمة مما هي فيه.. الأمة كانت قد ماتت وذهبت ولكن الإسلام والإيمان والأخلاق والقواعد هي التي تُحييها فهذا ما نُريده؛ لأن الإسلام دين تسامح وتساهل ويسر ليس فيه عسر ولا إجحاف بالناس، وهذا ما أرى عليه الإخوة الذين انتصروا من الإخوان وحتى من السلفيين، أراهم يتحدّثون حديث العقلاء، يعلمون أنهم يمثلون أمة، لا يُريدون أن يأخذوا الناس بالحجر ولا بالعصي أو بالقسوة..لا.

ولفت إلى أن الناس من لحم ودم وقلوب وعقول تحتاج أن تُقاد من عقولها؛ ولذلك أنا أرجو الخير كل الخير لشعبنا في مصر بهذه الأمة المنتخبة، وأن تمد يدها وأذرعها للآخرين، فلا ترفض أحداً بل تتعامل مع الجميع، تقول للأقباط نحن معكم، أنتم منّا ونحن منكم، لكم ما لنا وعليكم ما علينا إلا ما اقتضاه اختلاف الدين، نحن لا نُريد أن نظلمكم ولا أن تظلمونا، لابد أن تتعايش الأمة بعضها مع بعض، هذا ما جاء به القرآن ونحن نُهنئ الشعب المصري والمصريين أينما كانوا بل نُهنئ العرب والمسلمين بنجاح الإسلاميين؛ فنجاح الإسلاميين هو نجاح للحق.. نجاح للخير، نجاح للعدل، نجاح لكل ما فيه بر وقسط للأمة كلها .

تقوى الله

وكان العلامة القرضاوي قد استهلّ خطبته بدعوة المسلمين إلى تقوى الله عز وجل والتمسّك بالدين، متوجّهاً بالنصح لكل مسلم أن يغتنم شبابه قبل هرمه وصحته قبل سقمه وغناه قبل فقره وفراغه قبل شغله وحياته قبل موته، مشيرًا إلى أنه يتعيّن على كل واحد أن يُفكّر فيما هو فيه، فمن عنده فراغ يجب أن يترك هذا الفراغ، ومن لديه صحة فلا يُهمل هذه الصحة، ومن عنده شباب فلا ينسى أنه سوف تأتيه الشيخوخة ويتمنى أن يكون له ما كان من قبل، وأن يكون لديه قدره على الجهاد غير أنه لن يستطيع أن يُجاهد، وإذا أراد إغاثة المنكوبين وإعانة المحتاجين فلن يجد هذه الصحة ولا تلك القوة.. حاول أيها الأخ المسلم أن تكون تقيًّا.

ولفت فضيلته إلى أنه ليس معنى التقوى أن تكون ملاكًا طاهرًا أو نبيًّا معصومًا، فمن الممكن أن يقع التقي في المعصية؛ ولكن ينبغي عليه ألاّ يستسلم للمعاصي.. فكن يا أيها الأخ المسلم على تقوى من الله عز وجل.. تسلّح بالتقوى فهي السلاح الذي لا يفل، فلا يستطيع شيطان الجن ولا شيطان الإنس أن يفله وأن يكسره.. أنت تكسر الشياطين وتقاومهم وتنتصر عليهم بفضل الله عز وجل وبتقوى الله.