ثمّن العلامة الدكتور يوسف القرضاوي دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى وحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وانتقد إقرار مجلس النواب الفرنسي لقانون يُجرّم إنكار إبادة الأرمن، مؤكدًا وقوف المسلمين إلى جوار تركيا وضدّ اتهام تاريخ الإسلام بالظلم.

وهنّأ فضيلته في خطبة الجمعة أمس من مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب المصريين على بدء إجراء الانتخابات البرلمانية، مشيرا إلى أن الغالبية أعطت أصواتها  للإسلاميين وهذا من فضل الله، ما يؤكد أن شعوبنا مسلمة تحب الإسلام .

وانتقد استعمال العنف بحق المتظاهرين السلميين، مؤكدًا حقهم في التظاهر شرط عدم استخدام العنف أو الإضرار بمؤسسات الدولة، ودعا السلطات الحاكمة في مصر إلى الإسراع في المحاكمات وإعلان نتائج التحقيقات فيها، وحثّ المصريين على مساعدة أنفسهم حتى يساعدهم الآخرون.

شكرا لخادم الحرمين

وأشاد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما أسفرت عنه اجتماعات القمة الخليجية بالرياض مؤخرا، مشيرا إلى أهمية ما جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما أعلن أن دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تتحوّل الى اتحاد.

ورأى فضيلته أن هذا هو منطق العقل والإسلام والقرآن والسنة، وتساءل  لماذا لا تُصبح دول التعاون دولة واحدة كبرى لها قواتها وجيوشها ونقدها ودستورها وسوقها؟

ولفت إلى أنه إذا كانت أوروبا التي قاتل بعضها بعضًا وسقط منها عشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية ومع ذلك رأوا أن يصمتوا عن هذا ويكفّوا عن ذكره وأن يجمعوا بعضهم بعضاً ليقفوا صفًّا واحدًا حتى أصبحوا كأنهم بلد واحد فلماذا لا نكون كهؤلاء؟!

وقال نحن مع خادم الحرمين حفظه الله، ونشكره على هذه الدعوة، وندعو أبناء الخليج إلى التعاون معه وعدم التخلف عن دعوة الاتحاد، فالاتحاد الآن فريضة يُوجبها الدين، وضرورة يُحتّمها الواقع في ظل التحدّيات والتهديدات والمطامع الخارجية.

وحول الشأن العراقي انتقد القرضاوي ما يفعله نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي من محاولات للاستئثار بالسلطة، وتقديم مساعدات للنظام في سوريا تقدر بـ  5 مليارات دولار كتبرّعات وعندما رفض نائب رئيس الجمهورية السني ذلك اتهمه بالإرهاب.

مع تركيا

وانتقد القرضاوي -وفق صحيفة الراية القطرية- إقرار مجلس النواب الفرنسي لقانون يُجرّم إنكار إبادة الأرمن، مؤكدًا وقوف المسلمين إلى جوار تركيا وضدّ اتهام تاريخ الإسلام بالظلم .

وقال إن الإسلام لا يُمكن أن يُبيد أحدًا، مؤكدًا أن الإسلام لا يُبيد الحيوان فكيف يُبيح إبادة البشر؟! لافتًا إلى أن بعض الصحابة في المدينة كانوا يُريدون إبادة الكلاب الضالة لأنها كانت تزعجهم، غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك، مبيّنًا لهم أن الكلاب أمّة من الأمم خلقها الله.

ولفت إلى أن أعضاء مجلس النواب الفرنسيين ليسوا مؤهّلين للحكم في أمر كهذا وإن الحكم في مثل هذه القضايا هو من شأن العلماء والمؤرّخين.

منارة للعلم

وكان فضيلة العلامة قد استهلّ خطبته بالإشادة بالتوجيه الأميري بإطلاق اسم الإمام محمد بن عبدالوهاب على أكبر جامع في قطر، قائلا: افتتح أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله خلال الجمعة الماضية الجامع الكبير، أحدث مساجد قطر وأكبرها، وادخر له اسمًا كنّا نحسب أن يُسمّيه باسمه أو يُسمّيه باسم الشيخ قاسم بن محمد مؤسّس الدولة الأول ولكنه اختار له اسم إمام من أئمة المسلمين، هو مجدّد الجزيرة العربية الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وهذه هي الخطبة الثانية في هذا المسجد العظيم الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله منارة للعلم والإيمان والتقوى وأن يجمع به المسلمين على الهدى والتقى ونفوسهم على المحبة وعزائمهم على عمل الخير وخير العمل.

رسالة المسجد

وقال الشيخ القرضاوي إن المسجد هو الذي هيأه الله ليُعدّ الناس للجنة المقر العظيم؛ ولهذا كان بناء المسجد بناءً عظيمًا، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتًا في الجنة " وفي رواية " بنى الله له مثله في الجنة ".

وبين كيفية إعداد الناس للجنة فقال: أول ما يُعدّك للجنة هو الإيمان.. أن تُؤمن بالله ربًّا وبالاسلام دينًا وبالقرآن إمامًا ومنهاجًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً؛ فمن لم يكن مؤمنًا فلا يطمع في الجنة مهما قدّم من أعمال.. والأعمال لا تنفع وحدها فلابد أن تكون مبنيّة على أصل، والأصل الأصيل هو الإيمان.. فإن الأعمال كما قال الله تعالى عن المشركين: " وقَدِمنا الى ما عملوا من عملا فجعلناه هباءً منثوراً".

ولفت إلى أن الايمان بلا عمل يزوب وينقرض ويبلى، فالذي يقوي الايمان ويثبته هو الاعمال.. الأعمال الصالحات هي ما يصلح به الفرد والأسره والجماعه والدولة والأمة والإنسانية جمعاء.

وقال إن من أراد أن يُعدّ نفسه للجنة فليُعدّ نفسه للتقوى وليتق الله في أموره صغيرها وكبيرها وليخش ما حرّم الله وليحلّ ما أحلّ الله.

كما لفت إلى أن المتقين ليسوا أنبياء معصومين وملائكة مطهّرين بل هم بشر من البشر يُخطئون كما يُخطئ البشر.. عندههم شياطينهم وعندهم أنفسهم الغلاّبة الأمّارة بالسوء، ولكنهم متيقظون لهذه الأنفس لا يستسلمون لشهواتها ولا يأتمرون بأهوائها.

وبين الشيخ القرضاوي أن من مداخل الطريق الى الجنة والتي يُرشدنا إليها المسجد؛ المحن والشدائد في هذه الدنيا؛ فالدنيا دار امتحان وابتلاء وليست دار جزاء وإلا ما عُذّب فيها المؤمنون ولا نعم فيها الكافرون.. نرى المؤمنين يُضطهدون ونرى طغاة يرتكبون الموبقات، وهم في طغيانهم يعمهون.. يعذبون شعوبهم ويفعلون بهم الأفاعيل.. كما نرى ما يحدث يوميًّا في سوريا وفي كثير من البلاد. وهؤلاء الناس الذين يسقطون إنما يُقدّمون ثمنًا للجنة، ولكن نصر الله قريب وأقرب ممّا نتخيّل.