اعتبر العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، يوم سقوط الطاغية معمر القذافي يوما من أيام الله، مذكرا بتنبؤه بسقوطه حين أطلق النار على شعبه، ومشيرا إلى يقينه بسقوط كل الطغاة خاصة في سوريا وفي اليمن.

وفي خطبة الجمعة أمس من مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة أوصى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الليبيين بدولة ديمقراطية إسلامية مدنية، مفتيا بحرمة حمل السلاح بعد أن تحررت البلاد، ووجه نداءه لجنود الجيش السوري بأن ينضموا للجيش الحر، محرما على أي سوري قتل إخوانه السوريين.

وكشف القرضاوي عن نيته زيارة ليبيا قريبا بقوله "سنحاول زيارة ليبيا فى عهد الحرية قريبا "، وطلب من الحضور جميعا تأدية سجدتي شكر لله على الإفراج عن الاسرى الفلسطينيين وسقوط الطاغية معمر القذافى.

واحتفل فضيلته وجموع المصلين - عقب الصلاة - بوفد الأسرى الفلسطينيين المحررين الذين قدموا إلى قطر، وقال نحن فداء لهم.. واستحضر قضية فلسطين بقوله: كما احتفلنا اليوم بسقوط الطاغية وانتصار ليبيا على أعدائها؛ نحتفل اليوم بعرس آخر من أعراس فلسطين، وهي قضيتنا الإسلامية الأولى والكبرى، وستظل حية حتى يحررها الله ويذهب الظالمين.

عرس الأسرى

وقال القرضاوي: اليوم نحتفل بعرس الأسرى الــ 477 الذين أفرجت عنهم جماعة حماس بما عندها من شاليط، واليهود يهتمون بعودة من يؤسر إليهم ومن يقتل ويبذلون ما يبذلون.. عملت حماس لتنتفع بهذا الأسير لديها، وفاوضت منذ زمن طويل الاسرائيليين على هذا الأمر؛ إلى أن انتهت هذه الصفقة بتحرير 1027 أسيرا على دفعتين، منهم 15 أسيرا محررا كانوا من نصيب قطر، وقد سعدت بهم أمس، وحدثوني كل واحد يحكي قصته ماذا فعل وبماذا حكم عليه - أحكام طويلة بمئات السنين - وماذا قضى منها، منهم من قضى منها عشرات السنين، ومنهم من أصبح عمره 50 عاما ولم يتزوج، حدثوني واستمعت لهم، وشددت على أيديهم.. إنهم أبطال ضحوا بأنفسهم لله، فلا غرو أن تحتويهم أرض العروبة والإسلام.

وتابع: وقد ساعدت مصر في هذه الصفقة منظمة فتح وحركة حماس، وكل الفلسطينيين انتفعوا، نرحب بالأسرى الأعزاء في بلدهم الثاني قطر، نعطيهم مما ملكت أيدينا نحن فداء لهم، ندعو لهم بكل خير أن يزوج الله مَن لم يتزوج وأن يهيئ لهم حياة طيبة هنا وفي فلسطين وفي كل مكان.

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ

وعن نهاية طاغية ليبيا قال القرضاوي: انتهى ولا بد أن ينتهي كل مَن سلط الرصاص على صدور شعبه، كما سينتهي كل الطغاة في اليمن وسوريا.. أيقنوا كل اليقين أن هؤلاء ذاهبون، أؤكد لكم بكل الوثائق والأسانيد أن هؤلاء الذين ينشرون الظلم والفساد زائلون.. سيذهب بشار وعلي صالح، كما ذهب معمر القذافي.. كل الطغاة، الله لهم بالمرصاد " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ* وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ* وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ* الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ".. إنهم لم يؤخذوا ظلما.. إلا بما كسبت أيديهم، إنهم طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.. لقد جمعوا بين الطغيان والفساد.. وأسواط العذاب عند الله كثيرة وممدودة وموجودة يأخذه أخذ عزيز مقتدر.. إن الله ليمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يمهله ولم يفلته.. يمهل ولا يهمل.. إنها نهاية الظلمة في الأرض.. "فقطع دابر القوم الذين ظلموا".

ودعا للشهداء بالرحمة والرضوان من الرحمن الرحيم، كما دعا الله أن يسلم الجرحى ويعيد المفقودين.

وهنأ القرضاوي دولة قطر على دورها فى دعم الشعب الليبى، قائلا" نهنئ أمير قطر بتحرر ليبيا وسقوط الطاغية الذى هدد قطر".. "ونسأل الله أن يوفق أمير قطر وولي عهده للخير ويبعد عنهما كل شر، وقريبا سنحتفل بإخوتنا فى اليمن وسوريا ".

ليبيا الحديثة

وعن مستقبل ليبيا قال فضيلته: ننتظر لهم في الفترة القادمة أن يقيموا ليبيا الحديثة.. الجمهورية الإسلامية الديمقراطية المدنية، وليس هناك تعارض بين الإسلامية والديمقراطية والمدنية، فالإسلام يأمر بالشورى وحق الناس في الشورى وإقامة الشورى في الحياة، شأن أي مجتمع إسلامي.. هذا في القرآن المكي والمدني، "وشاورهم في الامر"، فلا تختار إنسانا إلا الانسان الصالح، تختار الأصلح وان لم يكن لك به أية صلة.. الديمقراطية الحقيقية أن تشهد للحق.. شهادة الزور من الكبائر.. اختر أفضل الناس.. هذه هي الأمانة، ولا تختر أناسا زورا بغير حق.. ولا تكتم الشهادة، ولا تأب الشهادة إذا دعيت للشهادة.

وضع السلاح

ثم تناول شأن الثوار في ليبيا بعد النصر فقال: يجب أن يتعامل الناس بالحقوق الواجبة، الآن انتهى عهد السلاح.. الحمد لله، أدى الناس ما عليهم وجاهدوا، الآن يجب أن يجمع السلاح من الناس.. وأوصى الليبيين: لا يجوز لمَن يخشى الله أن يبقى معه سلاحا.. ثم الذين قاتلوا يوزعوا منهم من قاتل ويدخل بعضهم الجيش، وبعضهم يصيرون جنودا في الشرطة، وبعضهم في الأماكن التي تصلح لهم، ويحاول كل منهم أن يأخذ حقه لا يجوز أن يأخذ حق غيره..

وأضاف: رأيت الشعب الليبي متدينا ذا خلق.. لنري الناس كيف ستبنى ليبيا، لا بد أن نعطي عفوا عاما.. إنها حرب أهل البغي، في حكم أهل الفقه الإسلامي هناك عفو عام يجب أن يصدر من المجلس الانتقالي إلا مَن ثبت عليه شيء أو كان عليه حقوق والتزامات مدنية أو جنائية.. لا بد من مصالحة وطنية عامة تشمل كل الناس لا نريد الانتقام في عهد الأخوة الإسلامية، ونريد التسامح العام "ادفع بالتي هي أحسن.." ينبغي أن يكون هناك عفو عام، وتبدأ تشكيل الحكومة للمرحلة القادمة من أعظم أبناء ليبيا.

وصية لسوريا

وعن الشأن السوري أوصى القرضاوي أبناء الجيش الوطني بالانضمام إلى " الجيش الحر" (الذي انشق عن جيش بشار) وبألا يقاتلوا شعبهم.. اتركوا الجيش فليس وراءه إلا العار وانضموا للجيش الحر.. حرام على السوريين أن يقتلوا السوريين.. اتفقوا واتركوا هذا الجيش، وانضموا لإخوانكم الأحرار فتنتصروا على الظلمة ويؤيدكم - الله تعالى - بروح من عنده.. يا جنود جيش سوريا انضموا للأحرار والله للظالمين بالمرصاد.

شاهد الخطبة:

الجزء الأول

الجزء الثاني

الجزء الثالث

الجزء الرابع