رام الله - وقعت مشادات بين المصلين وبعض الأئمة في عدد من مساجد الضفة الغربية المحتلة، بعد قيام أئمة مؤيدين للسلطة الفلسطينية، بالتهجم على العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين خلال خطبة الجمعة .
وقال شهود عيان: "إن مئات المصلين في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، قاطعوا إمام المسجد، بعد تهجمه على القرضاوي، أثناء خطبة الجمعة، وحدثت مشادة بين الطرفين، مما استدعى تدخل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، مؤكدين أن عناصر الأجهزة الأمنية اعتدوا على المصلين، الذين بدأوا بالتكبير، واعتقلوا عددا منهم".
كما احتج المصلون في المسجد الإبراهيمي، وفي عدد من مساجد مدينة الخليل، على أئمة المساجد الموالين للسلطة، وتوقفت خطبة الجمعة، بعد تعرض الأئمة للشيخ القرضاوي.
وأكد شهود أن المصلين في المسجد الإبراهيمي أجبروا خطيب الجمعة على النزول عن منبر المسجد لتهجمه على القرضاوي، وسط موجة تكبير واحتجاجات شديدة؛ حيث توقفت الخطبة وسط تكبيرات المصلين.
كما حدثت مشادة مشابهة في المسجد الصلاحي الكبير، في مدينة نابلس بشمال الضفة الغربية المحتلة، حيث أجبر المصلون خطيب الجمعة، على النزول من على المنبر لذات السبب.
وقالت مصادر فلسطينية إن عشرات المساجد شهدت أحداثًا مماثلة، فيما رفض خطباء آخرون الالتزام بنص الخطبة التي وزعها وزير أوقاف حكومة رام الله محمود الهباش.
وكانت الأوقاف التابعة للسلطة في رام الله قد طالبت أئمة المساجد بالتهجم على العلامة القرضاوي، بعد أن قال: "إن رئيس السلطة يستحق الرجم إذا أيد حرب الصهاينة على قطاع غزة".
حماس تستنكر
من جانبها انتقدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الحملة الإعلامية في رام الله التي يشنها إعلام تابع لحركة "فتح" والسلطة الفلسطينية ضد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ووصفتها بأنها "مسمومة" وتعكس "الهبوط الأخلاقي" الذي وصل إليه فريق داخل حركة "فتح" والسلطة.
ودعا المتحدث باسم "حماس" سامي أبوزهري - في تصريح صحفي مكتوب - الشيخ القرضاوي إلى عدم الالتفات إلى مثل هذه الحملة، وقال "إننا في حركة حماس نؤكد وقوف الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية كلها خلف الشيخ القرضاوي، وأن هذه الأصوات لا تمثل شعبنا وإنما تمثل الأجندة الخارجية التي توجهها، وندعو الشيخ القرضاوي للاستمرار في فضح المؤامرات ضد الأمة والشعب الفلسطيني وعدم الالتفات لهذه التفاهات".
قاموس المتآمرين
ومن جانبه انتقد الدكتور عبد الستار قاسم (أستاذ السياسة) بجامعة القدس التطاول على القرضاوي، قائلا: "إن بعض الفلسطينيين والمصريين من مؤيدي سلطة رام الله والنظام المصري يهاجمون الشيخ القرضاوي، ويخرجون أحياناً عن الأصول والأدب ويكيلون له السباب والشتائم، وكل إناء بما فيه ينضح".
وأضاف في تصريح مكتوب أن الشيخ القرضاوي "أكبر وأعظم من أن يأتي ذكره على ألسنة هؤلاء ولو بالخير. هؤلاء يفتون الآن بأن شتم القرضاوي حلال، ولكنهم لا يذكرون في أي قاموس: أهو حلال بقاموس الفاسقين أم المتآمرين أم المتعاونين مع الصهاينة أم المعترفين بعدو الأمة وقاتلها الأول الكيان الصهيوني، أم المتسولين على أبواب أمريكا، أم الذين تآمروا مع الكيان الصهيوني على غزة؟".
وتابع قائلاً: "عندما يتورط الآثمون فيقترفون الموبقات بحق الأمة وحق عائلاتهم وأزواجهم وبناتهم وأبنائهم، وينزلقون في أوحال التعاون مع أعداء الله والأمة والوطن، لا يجدون أمامهم سوى شتم أنفسهم من خلال شتم الآخرين، ولا يهربون مما أوقعوا أنفسهم به من عار إلا باتهام الآخرين".
وأكد د. قاسم أن الشيخ يوسف القرضاوي "علم من أعلام الأمة، وعالم ديني ورمز للمسلمين جميعا، وهو جامع للعلم والأدب وحسن الخلق. وهو علم وطني يدافع عن قضايا الأمة الإسلامية في كل مكان، ولا يترك أزمة تواجه الأمة أو بعض أفرادها إلا كان في مقدمة المقاتلين المجاهدين بالكلمة والفتوى، والمحاضرة والندوة عبر مختلف الوسائل. إنه رجل مخلص لله ولأمته، ولكل أقطارها وأقاليمها من المحيط إلى السند والهند، وقد أمضى حياته سيفا حساما في مواجهة مختلف الاعتداءات التي تتعرض لها الأمة".
وأضاف أن القرضاوي "كبير وعظيم، وتقزّم كل من يتطاول عليه. ربما نختلف معه بمسألة دينية أو سياسية أو اجتماعية، لكن هذا لا علاقة له باحترامه وتقديره، ولا علاقة له بمكانته الدينية والوطنية والإنسانية. والأمة التي تتطاول على علمائها هي أمة يحكمها الجهلة الذين يبيعون أوطانها وأعراضها بأبخس الأثمان".
ووصف البيان الذي صدر عن حركة "فتح"، والذي يزاوج بين نتنياهو وفضيلة الشيخ القرضاوي، ويضعهما إيحاء في نفس الخانة، بأنه "جهل وخزي". وقال: "أنا كفلسطيني بريء مما يفعلون ويقولون، وأدين بكل قوة مثل هذا السلوك الذي أراه مشينا ومعيبا، ولا يجلب على فلسطين إلا العار. أنا كفلسطيني فخور بأمة تنجب أمثال الشيخ القرضاوي الذي لا تلين له قناة، ولا يهاب في الحق لومة لائم".
وأوضح د. قاسم أن الشيخ القرضاوي "لم يقل إنه يجب رجم رئيس السلطة، بل قال إن رئيس السلطة يستحق الرجم إذا أيد حرب الصهاينة على غزة. وهذا قول عام لا يحمل دلالة إلا إذا كان الفعل قد حصل. وأنا أقول إن كل عربي أيد الحرب على غزة بالتصريح أو التلميح، بالسر أو بالعلن يستحق الرجم عند المسجد الحرام، أو على مداخل الأقصى".
وأضاف "أنا أعتذر للشيخ القرضاوي عما يفعله قوم جاهلون، وقناعتي أن الملايين على أرض الشام وأرض العرب تتقدم الى الشيخ القرضاوي بالاعتذار.
_________
المصدر: وكالة قدس برس