العاهل المغربي |
العلامة الدكتور يوسف القرضاوي يدعو العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى التحرّك العاجل أمام التطوّرات الخطيرة وغير المسبوقة تجاه المسجد الأقصى، من منطلق المسئولية الشرعية والأخلاقية والتاريخيّة المنوطة به، من موقعه رئيسا للجنة القدس...
الرباط - دعا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية، العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى التحرّك العاجل أمام التطوّرات الخطيرة وغير المسبوقة تجاه المسجد الأقصى، من منطلق المسئولية الشرعية والأخلاقية والتاريخيّة المنوطة به، من موقعه رئيسا للجنة القدس.
وبالتزامن مع انعقاد اجتماع لجنة القدس التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأربعاء 28/10/2009 دعا القرضاوي المؤتمرين إلى "استخدام كلِّ ما يملكونه من أدواتٍ ووسائل دبلوماسية وسياسيّة عبر جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة، لتشكيلِ حالة ضغطٍ متنامية على دولة الاحتلال المتمادية في غطرستها واعتدائها، وأن يُفعلوا لجنة القدس وعملها واجتماعاتها وحضورها".
وفي رسالة إلى العاهل المغربي، تناولت تطوّرات الأوضاع في القدس المحتلة، لفت القرضاوي إلى أنها "تُنبِئ بأنّ قرار تقسيم المسجد الأقصى المبارك قد بات ناضجاً لدى المحتل، وأنه يتحيَّن الفرصة السياسية والميدانية السانحة لتطبيقه"، محذراً من أنّ "القرار السياسي (الإسرائيلي) بتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود قد اتّخذ، وإنّ السقف الزمني لتحقيق هذا التقسيم بشكلٍ تامٍّ ونهائي قد أصبح محدداً بما لا يتجاوز العام 2010 على أبعد تقدير".
خطوة قبل نهائية
ولفتت الرسالة كذلك إلى أنّ "ما نشهده اليوم من اقتحامات متكررة، ومن اختلاق للمناسبات لأجل الاقتحام هو خطوة قبل نهائية للوصول إلى التقسيم، تهدف إلى ترويض الوعي العربي والإسلامي ليتقبل حقيقة دخول اليهود للمسجد وصلاتهم فيه كحقيقةٍ مسلّمٍ فيها، والمثابرة في الاقتحام تهدف إلى تطويع هذا الوعي وتعويده على تقبل وجود اليهود في المسجد كأمرٍ عادي، ولو تحقّق ذلك لا سمح الله، فلن يبقى بينهم وبين تقسيم المسجد سوى افتعال احتكاكاتٍ والتسبب بحوادث قتلٍ داخل المسجد ليتدخلوا لـ(تنظيم الوضع) و(حماية المصلين من الطرفين)، فيتحقق التقسيم الفعلي للمسجد بقضم ساحاته الجنوبية الغربية".
وبينت الرسالة أنّ "مشروع تهويد مدينة القدس هويةً وثقافةً وسكاناً ومقدسات؛ يبلغ ذروةً غير مسبوقة، ونحن كأمةٍ يتوجب علينا أن نضع بمقابلها خطةً استراتيجيةً ممنهجةً للتثبيت، تتجاوز كل الخلافات والتحفظات لتستوعب جهود الجميع وطاقاتهم لخدمةٍ فعالةٍ وعمليةٍ لهذه المدينة المقدسة".
وأشار القرضاوي إلى أنّ "استقراء ومتابعة الأحداث في القدس تُثبِت أنّ الاحتلال لا يمكن أن يرتدع عن مخططاته التهويدية إلاّ إذا شعرَ أنّ هناك ثمناً باهظاً سيدفعُه، وضغطاً غير محتملٍ سيقع تحته إذا ما فكّر في الاعتداء على مقدّساتنا وأهلنا في القدس".
وبدأت بالرباط الأربعاء أعمال ملتقى القدس الدولي الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس بالتعاون مع مؤسسة ياسر عرفات بمشاركة العديد من الشخصيات السياسية البارزة العربية والأجنبية.
ويناقش الملتقى عددا من المواضيع منها الوضع بالمدينة المقدسة في جوانبه السياسية والقانونية والإنسانية وكذلك وضعها كنموذج للتعايش بين الديانات الثلاث.
نحو تحالف عالمي
وطالب العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى المشاركين في الملتقى المجتمع الدولي وفي طليعته الرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل للتخلي عن ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل , وحملها على العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات والالتزام بالمقررات الأممية والاتفاقات المبرمة بين الأطراف المعنية، والعمل الصادق على إيجاد حل عادل ودائم ونهائي لهذا النزاع.
كما ناشد الملك محمد السادس في رسالته التي تلاها نيابة عنه الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي في الجلسة الافتتاحية للملتقى كل الإرادات الحسنة من أجل التحرك العاجل قصد خلق تحالف عالمي بين كل القوى الملتزمة بالسلام والضمائر المؤمنة بقيم التسامح والتعايش لإنقاذ مدينة السلام ومهد الأديان السماوية.
وأشار إلى أنه من منطلق الأمانة التي يتقلدها بصفته رئيسا للجنة القدس، ما فتئ يبذل المساعي الدبلوماسية لدى رؤساء الدول الفاعلة وبابا الفاتيكان والهيئات الدولية المعنية من أجل الحفاظ على الطابع الخاص للقدس وفقا للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والالتزامات المتبادلة بين الأطراف المعنية , كما ذكر أنه يخاطب المجتمع الدولي كلما دعت الضرورة والظروف إلى ذلك للتدخل الحازم قصد وقف الانتهاكات الآثمة والحفريات المشبوهة في مواقع متعددة بالحرم القدسي الشريف, معربا عن شجبه للتطاول الاستفزازي على المقدسات الإسلامية كما حدث في الآونة الأخيرة مع اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك خاصة باب المغاربة.
وأكد عزم المغرب على مواصلة تقديم دعمها التضامني المطلق لأهالي القدس وتنفيذ برامج عمل وكالة بيت مال القدس الشريف بهذه المدينة المباركة .
وحذر العاهل المغربي إسرائيل من مخاطر تسخير موروثها الثقافي والروحي، كعامل لتأجيج مشاعر العداء والتطرف وضرب قيم المحبة والتسامح بين أتباع الديانات السماوية وهي القيم المثلى التي حافظ عليها الحكم الإسلامي عبر قرون في بيت المقدس.