الطفلة صافية بلحسين

الجزائر- وجهت عائلة الطفلة الجزائرية "صافية" أو "صوفي" البالغة من العمر سبع سنوات نداء استغاثة إلى فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، للحيلولة دون ترحيلها إلى فرنسا للعيش مع الفرنسي "جاك شاربوك" الذي يدعى أبوتها.

وذكرت صحيفة "النهار الجديد" الجزائرية - التي نقلت النداء- اليوم الثلاثاء أن خالة الطفلة اتصلت بالشيخ القرضاوي هاتفيا كي توضح له خلفيات القضية وتداعياتها، غير أن المكالمة انقطعت دون أن تستمع لرده، وهو ما دفع العائلة لانتظار قدوم الشيخ إلى الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية، التي ستجرى في العاشر من أبريل المقبل، للتحدث مع رئيس الجمهورية لمنع ترحيل الطفلة إلى فرنسا.

وعثرت الشرطة الجزائرية منتصف الأسبوع الماضي على الطفلة صافية في بيت جدتها بأحد الأحياء الشعبية بمدينة وهران غرب الجزائر، وهذا بعد ما يزيد على سنة منذ اختفائها عن الأنظار، للحيلولة دون تسليمها للفرنسي "جاك شاربوك"، الذي حكمت المحكمة العليا الجزائرية في 13-2-2008 لصالحه بحضانة "صافية".

وأبوة "صافية" محل نزاع بين شاربوك وبين والدها الحقيقي محمد يوسف، وهو جزائري تزوج بوالدتها قبل أن يربطها بـ"شربوك" عقد زواج صوري (أبيض) لتسهيل إقامتها في فرنسا.

نداء متكرر

وكانت "أشواق بلحسين" خالة الطفلة قد وجهت نهاية شهر فبراير من العام الماضي نداء عبر شبكة "إسلام أون لاين.نت" للشيخ القرضاوي من أجل التوسط لدى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، كي تبقى "صافية" في أحضان عائلتها الحقيقية.

وتصر عائلة صافية على إخضاع "شاربوك" لتحاليل الحمض النووي "دي إن إيه" لإثبات مدى صحة ادعاءاته حول أبوته للطفلة، وهو الأمر الذي رفضه شاربوك رغم إلحاح محامي العائلة على ذلك.

ودخلت قضية "صافية " أو " صوفي" أروقة المحاكم الجزائرية بعد وفاة والدتها "خديجة فرح بلحسين" عام 2005 في حادث مرور مروع في ضواحي مدينة "وهران" الساحلية، دون أن تتمكن من إلغاء عقد الزواج بينها وبين شاربوك، وبعد معركة قضائية طويلة استطاع هذا الأخير أن يحصل على حكم بحضانة الطفلة من جدتها، التي كانت تقيم برفقتها منذ موت والدتها طبقا لما ينص عليه قانون الأسرة الجزائري.

وتزامنا مع الضجة التي أثيرت حول هذا الحكم ظهر والدها الجزائري الذي طلق والدتها قبل سفرها فرنسا بأشهر، ليصر على أن "صافية" ابنته، وقام هو الآخر بعدة إجراءات قضائية لمنع تطبيق قرار المحكمة العليا، علاوة عن قيامه بتحاليل الحمض النووي لإثبات أبوته.

وسبق لدفاع عائلة "بلحسين" أن اعتبر القرار الذي أصدرته المحكمة العليا مساسا بالسيادة الوطنية، مناشدا الرئيس بوتفليقة للتدخل من أجل إعادة النظر في القضية، على خلفية أن المحكمة تسرعت في اتخاذ القرار.

فصول القضية

وبدأت فصول هذه القضية في مدينة "أرزيو" بولاية وهران غربي الجزائر حيث كانت تقيم والدة صافية، عندما قصدت الجزائرية فرح بلحسين شركة "رونو" المتخصصة في بيع السيارات السياحية والصناعية، وهي حامل من زوجها الأول، لشراء شاحنة صغيرة في إطار ما يعرف بتشغيل الشباب.

لكن المدير التجاري للشركة جاك شاربوك أغراها بالسفر إلى فرنسا لوضع مولودها هناك، الأمر الذي سيمكنها -حسب ادعاءاته- من الحصول على الجنسية الفرنسية.

وبالفعل تمكنت فرح من السفر إلى باريس بعد أن توسط لها شاربوك لدى القنصلية الفرنسية للحصول على تأشيرة سفر لمدة قصيرة، إلا أن وصولها لفرنسا قوبل بمفاجأة لم تكن متوقعة، وهي أن السلطات الفرنسية لم تسمح لها بوضع حملها في المستشفى لعدم وجود عقد زواج.

وفي ذلك الوقت عرض عليها شاربوك "زواجا أبيض" (صوريا)، لكنه سارع إلى تسجيل الرضيعة في سجلات الحالة المدنية الفرنسية على أنها ابنته.

ما أقدم عليه شاربوك صدم أم "صافية" بعنف ما دفعها إلى مغادرة فرنسا مباشرة بعد خروجها من المستشفى، لتطرق أبواب المحاكم الجزائرية.

وحاولت من خلال القضاء إلغاء ما ترتب عن هذا الزواج "الأبيض" وإعادة ابنتها لنسب أبيها الحقيقي، وهو زوجها السابق، لكنها لم تتمكن من تحقيق مرادها إلى أن وافتها المنية في حادث مروري أليم بضواحي وهران في عام 2005.

قضية دولة

وتحولت صافية إلى قضية سياسية بعد أن طرحت على طاولة المحادثات التي أجريت بين الرئيسين بوتفليقة وساركوزي، خلال الزيارة التي قادت هذا الأخير إلى الجزائر مطلع شهر ديسمبر عام 2007، بعدها تم تكليف وزراء من البلدين بمتابعة هذا الملف.

بدورها أولت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة أهمية بالغة لهذه القضية، إذ سبق للبرنامج الأسبوعي "66 دقيقة"، الذي يعرض على شاشة قناة "إم 6" الفرنسية، أن تحدث عما أسماها بـ"المعاناة النفسية لشاربوك من جراء فقدان ابنته"، ومن جهتها أوفدت صحيفة "لوموند" في شهر فبراير 2008 أحد صحفييها إلى الجزائر للوقوف على آخر تطورات القضية.

وتطرقت عدة فضائيات إسلامية لهذه القضية منها قناة "الناس" و"الحافظ" التي أعدت حلقة كاملة حول الموضوع قدمها الشيخ أحمد عبده عوض الذي عالج القضية من الناحية الشرعية، كما أبدى المتدخلون من شتى البقاع العربية والإسلامية تعاطفهم مع الطفلة، التي ستتربى في بيئة غير مسلمة في حال تسليمها للفرنسي "جاك شاربوك".

المصدر: إسلام أون لاين نت / عبد الرحمن أبو رومي.

طالع أيضا:

نداء للقرضاوي لتحرير "صافية" من "شاربوك"!