استنكر الداعية البارز ورئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي الأحداث الطائفية الأخيرة التي شهدتها مدينة الإسكندرية (شمال مصر) بين المسلمين والأقباط والتي أسفرت عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى من الجانبين.
وقال القرضاوي: "هذه أحداث غريبة على الشعب المصري وعلى تاريخه فقد تعايش المسلمون والمسيحيون في سلام.. هذه الأحقاد أمور دخيلة تأتي من جهات أجنبية تهدف لإثارة الفتنة الطائفية لتدمير البلاد".
وتابع خلال تعليقات له على الأحداث ببرنامج "الشريعة والحياة" بقناة "الجزيرة" الفضائية الأحد 16-4-2006: "إننا نستنكر كل هذه الاعتداءات التي وقعت بين المسلمين والأقباط، فالإسلام يحمي معابد غير المسلمين، وهذا هو أحد أسباب الإذن بالقتال للمسلمين في بداية الدعوة الإسلامية".
وقال القرضاوي: "هذه أحداث خارجة عن طبيعة المسلمين وطبيعة الشعب المصري.. ينبغي الحذر منها، ونحن نعيب على المسلمين والأقباط استجابتهم لهذه الدواعي.. لماذا هذه الأشياء المثيرة".
وردًّا على سؤال حول دور الأزهر المفترض في هذه الأزمة، قال الداعية البارز: "إن دوره إنكار كل التجاوزات بشكل صريح وتعريف المسلمين بحقوق الآخرين".
وكانت الإسكندرية قد شهدت يوم الجمعة 14-4-2006 هجوم لشاب مسلم قالت السلطات إنه "مريض نفسي" على مسيحيين فى 3 كنائس، أسفرت عن مقتل قبطي وإصابة عدد آخر، وهو ما تسبب في احتجاجات قبطية تحولت إلى مصادمات طائفية مع مسلمين استفزتهم بعض الشعارات التي رفعت خلال الاحتجاجات، مما أدى لسقوط عدد من الجرحي من الجانبين تُوفِّي أحدهم وهو مسلم يُدعى مصطفى مشعل متأثرًا بجراحه اليوم الأحد.
إثارة الطائفية
واعتبر القرضاوي أن "هذه الأحداث تأتي في سياق الإثارة للطائفية التي تطلقها جهات خارجية كما يقال.. سني وشيعي.. عربي وأمازيغي.. ونحن ندعو لوحدة شعوبنا وأمتنا.. الأقباط إخوان لنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
ودعا الداعية الإسلامي إلى تدخل العقلاء لوأد الفتنة، بقوله: "لا بد من تدخل أهل العقل لوقف هذه الأحداث المثيرة التي يستفيد منها أعداء الأمة.. الصهيونية وإسرائيل.. هذه الأشياء لا بد أن تؤدي إلى أشياء أخرى، فتنة لا يعلم مداها إلا الله".
كما لفت إلى أن الفقهاء "يعتبرون أهل الذمة ضمن أهل دار الإسلام، أي أنهم مواطنون لهم حق المواطنة مثل المسلمين. وأضاف: المسيحي في مصر يعيش في الحضارة والثقافة العربية، فإن لم يكونوا مسلمين بالعقيدة فهم مسلمون بالثقافة والحضارة" .
وفيما يلي نص البرنامج :
عبد الصمد ناصر: السلام عليكم ورحمة الله وأهلا بكم إلى برنامج الشريعة والحياة، كانت مصر بالأزهر بلاد علم وحضارة قوية فكان الأزهر ركن العلم من حضارتها والأزهر مكان يستحق الإجلال فقد كان مصباح تستضيء به جميع الأمم الإسلامية ومنبعا صافيا لعلوم الدين ومستودع فنون العربية وأسرارها وبعض العلوم العقلية وقد اضطلع الأزهر بحمل عبء المعارف الإسلامية وغيرها وخاصة بعد سقوط بغداد وضياع ذخائرها العلمية وصار القِبلة التي يؤمها طلاب العلم من جميع الأقطار كما كان الملاذ الذي يلجأ إليه الناس في وجه الاحتلال الخارجي والطغيان الداخلي فتسير منه المظاهرات ولا تهدأ حتى تستعيد الحقوق وترد المظالم، فكيف اكتسب الأزهر مركزيته في العالم الإسلامي؟ ولماذا تقلص دوره وانحصرت مكانته؟ وكيف يعود الأزهر مؤسسة للأمة وليس مؤسسة للدولة؟ إذاً الأزهر دوره ورسالته موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي.
يوسف القرضاوي- : مرحبا يا أخ عبد الصمد.
عبد الصمد ناصر: مرحبا بك فضيلة الشيخ.
يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.
دور الأزهر في لم الشمل وتبديد الطائفية
عبد الصمد ناصر: فضيلة الشيخ يعني ربما نستغل فرصة أن القاهرة احتضنت قبل أيام هذا الملتقى العالمي الأول لخريجي الأزهر لكي نتحدث عن الأزهر وهذا الملتقى الذي نُظم في مرحل حرجة تمر منها الأمة الإسلامية، هل مثل هذه الملتقيات هي محاولة لإعادة مكانة الأزهر التي افتقدها.. تلك المكانة التي كان يتبوأ فيها القيادة العلمية والثقافية والاجتماعية وحتى أحيانا السياسية؟
يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد فاسمح لي يا أخ عبد الصمد قبل أن أجيب عن سؤالك أن أقول كلمة لابد منها بالنسبة للأحداث التي وقعت في مصر فهذه أحداث غريبة على الشعب المصري وعلى تاريخه، قد كان المسلمون والأقباط يعيشون متحابين متعاونين متعارفين، يعني أنا قريتي ليس فيها يعني أي قبطي ولكن نشأت عندنا صراف في القرية اسمه الحاج جرجس يعني الحاج جرجس، كيف حاج وجرجس؟ هو حج إلى القدس، يعني نقول أصله حاج إلى القدس وكان الناس تعامله معاملة يعني كمعاملة المسلم للمسلم، لم يكن يعني هناك هذا التحفظ وهذه الأحقاد وهذه الأشياء، هذه يعني أمور دخيلة ومعظمها تأتي من جهات أجنبية تريد أن تشعل نار الفتنة بين أبناء البلد الواحد وهم في كل بلد لهم طريقة.. بلد يبقى مسلمين وأقباط، بلد يبقى سنة وشيعة، بلد عرب وأمازيغ، بلد.. يعني لابد أن يسعوا إلى تمزيق الأمة ونحن نرفض هذا، نحن ندعو إلى وحدة شعوبنا ووحدة أمتنا بكل أطيافها، الأقباط إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما علينا هذا ما يحفظه المسلمون يعني قديما ولذلك نحن ننكر كل الإنكار مثل هذه الأحداث.. الاعتداء على كنيسة الاعتداء على شخص يعني مسيحي هذا لأن الإسلام يعني يحمي معابد غير المسلمين، ده القرآن ذكر إن من أسباب يعني الإذن بالقتال أول ما أذن الله للمسلمين أن يقاتلوا {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} {الَذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ} وبعدين قال {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ} الصوامع والبيع ومعابد اليهود والنصارى الإسلام يقاتل دفاعا عنها.. مش بس يعني المساجد وحدها، فهذا ما يقرره الإسلام ولذلك ما حدث هذا خارج عن طبيعة المسلمين.. طبيعة الشعب المصري ولذلك يعني ينبغي الحذر من هذه الفتن التي يحاول بعض الناس أن يثيرها لسبب ولآخر، نحن نعيب على المسلمين ونعيب على الأقباط استجابتهم لهذه الدواعي، يعني بعض الأشياء أثارت المسلمين.. مسرحية مش عارف لماذا هذه الأشياء المثيرة؟ لابد أن يدخل العقلاء وأهل الرأي والحكمة في هذا الأمر في هذا الأمر ويوقفوا هذه الفتن التي لا يستفيد منها لا مسلم ولا مسيحي، إنما يستفيد منها أعداء الأمة، تستفيد منها إسرائيل والصهيونية والأميركان والقوى المعادية لهذه الأمة، نحن ننكر كل الإنكار هذه الأحداث ونعزي إخوانا الأقباط في من مات لهم ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنب أمتنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ عليها أخوتها ووحدتها ودمائها وأمنها ونحن نقرأ في القرآن أنه من {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}.
عبد الصمد ناصر: نعزي أيضا أسرة هذا القتيل المسلم الذي قتل في المواجهات أمس أيضا، هناك شخص مسلم أيضا قتل في المواجهات أمس.
يوسف القرضاوي: لم أسمعك.
عبد الصمد ناصر: مصري مسلم أيضا قتل في المواجهات أيضا..
يوسف القرضاوي: أه مصري، ما هو هذه الأشياء لابد أن تؤدى إلى أشياء أخرى، هذا الباب إذا فتح ليس وراءه إلا الشر..
عبد الصمد ناصر: باب فتنة..
يوسف القرضاوي: إذ الشرارة تتطاير وتصبح نارا يعني لا يطفئها يعني إلا يعني ما شاء الله من.. فنسأل الله سبحانه وتعالى..
عبد الصمد ناصر: حتى لا نتعرج عن موضوع الليلة، ما الدور الذي لعبه الأزهر كمؤسسة عبر التاريخ في التعايش بين المسلمين والأقباط؟
يوسف القرضاوي: الدور الذي لعبه الأزهر أنه أشاع روح التسامح وأشاع الأحكام الإسلامية التي تحترم غير المسلمين، الله تعالى يقول {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ} وبعدين الفقه الإسلامي بكل مذاهبه يعتبر أهل الذمة كما يسميهم الفقه يعتبرهم أهل دار الإسلام، معنى كلمة أهل دار الإسلام يعني ما نعبر عنه في عصرنا بالمواطنة، يعني يعتبرهم مواطنين في دار الإسلام في وطن الإسلام، فلهم حق المواطنة وهم أهل الدار كالمسلمين وخصوصا في بلادنا العربية المسيحي ليس مجرد مسيحي، لا هو يعيش في الثقافة العربية وفي الحضارة العربية فهو إن لم يكن مسلما بالعقيدة هو مسلم بالحضارة والثقافة، فهذه تضم في رحابها الجميع.
عبد الصمد ناصر: الملاحظ أن الأزهر ربما لم يلعب دوره بالشكل الذي مطلوب منه في هذه الأزمة، ما الذي يفترض أن يقوم به؟
يوسف القرضاوي: والله أرجو أن ترفع صوتك يا أخ عبد الصمد..
عبد الصمد ناصر: يعني ما الدور الذي يفترض أن يلعبه الأزهر في هذه الأزمة؟
يوسف القرضاوي: الدور الذي يلعبه الأزهر هو أن ينكر يعني كل التجاوزات بصراحة وأن يوعي الناس بالحقيقة ويعرِّف المسلمين.. هو جمهور المسلمين والحمد لله يعني لا شك أنه يعرف ماذا يجب عليه ويعرف حق الأخوة الوطنية، بعض الناس كانوا بيسألني أن إزاي تقول على إخوانا الأقباط؟ قلت يا أخي ليست كل الأخوة أخوة دينية، هو بيقول الأخوة بين أهل الدين بعضهم ببعض إنما.. قلت له دي الأخوة الدينية إنما في أخوة وطنية وأخوة قومية وأخوة إنسانية، يعني الناس أولاد آدم كلهم أخوة بعضهم لبعض كما يقول الشاعر العربي إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي وكل العالمين أقاربي، القرآن قال عن الأنبياء وأقوامهم {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ (105) إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} {كَذَّبَتْ عَادٌ المُرْسَلِينَ (123) إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} {كَذَّبَتْ ثَمُودُ المُرْسَلِينَ (141) إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ} وهكذا لحد ما جاء عند شعيب يقول {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ المُرْسَلِينَ (176) إذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ} الله.. كلهم أخوهم وهنا قال شعيب، لماذا؟ لأن هؤلاء يعني أخوهم هود لأن هود منهم فلذلك يقول لهم يا قومي اعبدوا الله ما لكم.. كل واحد يقول لقومه يا قومي، هنا شعيب لم يكن من أصحاب الأيكة ولذلك لم يقل لهم يا قومي، قال {أَوْفُوا الكَيْلَ ولا تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرِينَ} إنما هو كان مدين ولذلك القرآن يقول {وإلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً} فالأخوة هنا إيه؟ أخوة قومية، فليست كل الأخوة دينية ولذلك نحن نعتبر الأقباط إخوانا لإخوانهم المسلمين في مصر ولهم من الحقوق المشتركة ما يجب أن يراعي ويعتبر.
عبد الصمد ناصر: طيب لو عدنا إلى موضوع الأزهر، الأزهر.. تحدثنا قبل قليل عن موضوع الملتقى، أريد فقط تذكير بالسؤال يعني هل هي محاولة لاستعادة الأزهر مكانته كمرجعية للعالم الإسلامي من خلال هذه الملتقيات؟
يوسف القرضاوي: لا شك أن الأزهر يعني كجامع وجامعة وأنا يعني حريص على كلمة الجامع لأن الجامع فيه روح التعبد ولذلك كان الدراسة تبدأ مع صلاة الفجر، دراسة كده مرطبة بذكر الله ويتلقوا نسيم الصباح طاهرا قبل أن تلوثه أنفاس العصاة فيبدأ مع الفجر ويتغدون ويأخذون قيلولة يجيء العصر يصلوا العصر وتبدأ الدراسة، هذا معنى الجامع وكل جامعاتنا الإسلامية بدأت تحت سقوف الجوامع، جامع الزيتونة في تونس، جامع القرويين في المغرب..
عبد الصمد ناصر: المغرب، فاس..
يوسف القرضاوي: فبدأت في شكل الجامع، روح الجامع، هم الآن يقولوا شيخ الأزهر.. أنا حريص إني أقول شيخ الجامع الأزهر، لا ننسى كلمة الجامع وهو جامع جامعة وكانت جامعة الأزهر هذه تتميز بعدة مزايا.. من هذه المزايا أن التعليم كان فيها مجانيا مفتوحا لأبناء المسلمين خصوصا للنابهين منهم، يعني اللي عنده ولد يشوف فيه ذكي يقول أنا وهبته للعلم، للقرآن، للسنة..
عبد الصمد ناصر: يتكفل الأزهر به..
يوسف القرضاوي: يفرغه، يغني يهبه، ينذره نذر، نذرت ابني هذا ليتعلم القرآن والعلم مجانا وغير إنه مجانا كان يسع الناس الذين لا يستطيعون أن يتعلموا في غير الأزهر مثل المكفوفين، شوقي في قصيدته الشهيرة عن الأزهر يقول والله ما تدري لعلك في فهم يوما يكون أبا العلاء المبصر ولذلك رأينا في شيوخنا الشيخ يوسف الدجوي العلاَّمة، كان عندنا في معهد طنطا مدرس الفقه الشيخ محمود الدفتار.. علاَّمة في الفقه الحنفي، كان في كلية أصول الدين الشيخ الكومي علاَّمة في التفسير، فكان هذا من مزايا الأزهر، من مزايا الأزهر أيضا أنه كان مستقل.. لا يتحكم فيه أحد، لماذا؟ لأن له أوقاف تصرف عليه، لا تدخل الحكومة وتفرض عليه سياسة معينة أو منهج معين أو كتاب معين أو أستاذ معين، لا الأستاذ.. من اللي بيجيب الأستاذ؟ الطلبة.. التلاميذ، يتجمع حوله التلاميذ خلاص، يقول لك أستاذ بكرسي.. بيجيب الكرسي بجانب العامود ويجلس، إذا جاء له طلبة يبقى أستاذ ناجح، إذا كانت طلبته قليلة يبقى نصف ونصف، إذا كثر الطلبة عليه.. يعني النظام اللي هو بيقولوا عليه الآن..
عبد الصمد ناصر: يعني لم تكن هناك هيئة تعين الأستاذ أو ترشحه..
يوسف القرضاوي: في أول الأمر ما كان وبعدين بعد ذلك نظموا الأمر وأصبح في امتحانات وفي كذا، إنما أول الأمر هم الطلبة اللي بيحكموا على الأستاذ فكان الأزهر مستقل هذه.. مزية أخرى، مزية ثالثة أن الأزهر كان مفتوح لأبناء المسلمين في المشرق والمغرب والشمال والجنوب، يعني في الأزهر إلى الآن أماكن كده اسمها أروقة، رواق الأكراد، رواق الأتراك..
عبد الصمد ناصر: المغاربة..
يوسف القرضاوي: رواق دارفور، رواق الشوام، رواق المغاربة، مش بيقولوا في المثل إيش جمع الشامي على المغربي؟
عبد الصمد ناصر: الأزهر.
يوسف القرضاوي: الأزهر كان بيجمع الشامي على المغربي ويجمعوا على الجاوي ،أنا كان معي في كلية أصول طلبة من جاوا وسومطرة حتى قبل أن تسمى إندونيسيا وطلبة من الملايو اللي هي أصبحت الآن ماليزيا وطلبة من الفلبين وطلبة من أفغانستان، الشيخ صبغة الله المجددي اللي هو الآن رئيس مجلس شورى وكان رئيس الدولة في وقت من الأوقات كان زميلي في الأزهر وهكذا فكانت هذه مزية للأزهر أنه للعالم الإسلامي كله ولذلك المحاولة التي حضرناها هذه محاولة لتجميع أبناء الأزهر بعد أن يتخرجوا، في كل سنة يتخرج آلاف من الأزهر خصوصا بعد اتساع الأزهر الآن واتساع معاهدة، الآن أنا أقول لك..
عبد الصمد ناصر: معاهد حتى خارج مصر طبعا؟
يوسف القرضاوي: خارج مصر وفي داخل مصر، في الأزهر الآن ستة آلاف طالب يدرسون في الأزهر من ماليزيا، بعضهم يدرس في المعاهد بعضهم يدرس في الكليات.. من ماليزيا ستة آلاف طالب، فالأزهر جامعة كبيرة ولذلك هذه الجامعة للأسف بعد أن يتخرج الطالب لا تتصل بخريجيها وكم من مدة وأنا أقول متى يستطيع الأزهر أن يتصل بخريجيه؟ أن يكوِّن منهم شيء؟ ولذلك هذا الملتقى محاولة لإيجاد آلية للتواصل بين أبناء الأزهر بعضهم وبعض بعد أن يتخرجوا في أنحاء العالم ولذلك أنا اقترحت في كلمتي التي قلت فيها أن تنشأ جمعية أو رابطة..
عبد الصمد ناصر: لخريجي الأزهر..
يوسف القرضاوي: لخريجي الأزهر تجمع شتاتهم وتضم شملهم أينما كانوا في البلد الواحد، بعض البلاد فيها عشرات من الأزهريين، بعض البلاد فيها مئات من الأزهريين، بعض البلاد فيها آلاف من الأزهريين، فهؤلاء المفروض نعمل لهم رابطة بين بعضهم وبعض.. يلتقون ويبحثوا في أمور دينية أمور علمية أمور اجتماعية..
عبد الصمد ناصر: كهيئة علمية نعم..
يوسف القرضاوي: آه يعني..
أسباب اكتساب الأزهر مكانته التاريخية
عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ حتى نسترسل كثيرا لأن الوقت ضيق جدا، حينما نتحدث عن الأزهر كمؤسسة كجامع يعني نتحدث عن مؤسسة رائدة لعبت أدوار كثيرة وفاعلة في تاريخ العالم الإسلامي وفي مراحل تاريخية شتى فكنا نرى الناس مثلا في بعض الحقب التاريخية يهرعون إلى شيخ الأزهر وإلى علماء الأزهر يستنجدوا بهم في أوقات الشدة والأزمات، السؤال هنا لماذا اكتسب هذا الجامع هذه المكانة العظيمة بين العامة والخاصة وكيف؟
يوسف القرضاوي: لماذا تقلص..
عبد الصمد ناصر: لا لماذا اكتسب هذه المكانة؟ كيف اكتسبها؟
يوسف القرضاوي: اكتسب آه، لماذا اكتسب هذه المكانة، اكتسب هذه المكانة لعدة أسباب.. أولا أن أمتنا بطبيعتها وبجوهرها وبروحها أمة دينية الجذور، يعني كلمة الدين لها سلطان على الأمة، الأمة كونها الدين مش ربنا يقول {وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسَطاً} يعني الأمة هذه لم تنبت نبات بري زي ما بنقول إحنا نبات شيطاني، يعني نبت لوحده كدة، لا هذه أمة غرسها الله {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} من الذي أخرجها؟ الله الذي أخرجها فالأمة دينية بطبيعتها وروحها ولذلك كان لعالم الدين أثر في هذه الأمة، ثم من ناحية أخرى عالم الدين كان يتميز بالإخلاص، العلماء في الزمن الماضي كانوا ربانيين، من هو الرباني؟ السلف قالوا الرباني من عَلِم وعمِل وعَلَّم، لازم يتعلم..
عبد الصمد ناصر: ويعمل..
يوسف القرضاوي: وبعدين يعمل بما علم، لا يكون مجرد مستشرق واحد يقرأ بقى في الكتب فقط.. لا لازم يحول العلم إلى عمل، سلفنا كانوا يقولون علم بلا عمل كشجر بلا ثمر أو كسحاب بلا مطر، لابد أن يقترن العلم بالعمل وعالم بعلمه لم يعمل معذب من قبل عباد الوثن.. يعني فكانوا يتميزون بالإخلاص وبالسلوك الإسلامي وكانوا يتميزون بالحرص على مصلحة الناس، بالاتصال بالمجتمع، لم يكونوا يعيشون في برج عالي أو في صومعة منعزلة.. لا، المولود يولد على يد العالم، يروح الأب يأخذ ابنه يروح يقول له سميه.. لازم يقول له سميه محمد أو أحمد أو عبد الرحمن أو عبد الله أو كذا، يحنكه.. يعمل له تمرة ويعمله، يدعو له.. ادع له بالبركة أن ينبته الله نباتاً.. يولد المولود على يده، يتزوج المتزوج أيضاً على يده، يموت الميت.. المحتضر يجيبوا العالم عشان يقول له قل لا إله إلا الله ويصلي عليه إذا مات، يعني فكان العالم متغلغل في حياة المجتمع وبعدين إذا ألمت الأزمات بالأمة يقولوا ادع الله لنا يا شيخ كذا، كانوا يعتقدون..
عبد الصمد ناصر: أن دعائه يستجاب..
يوسف القرضاوي: الخير والصلاح وأن دعواته مستجابة وأنه يستنزل به الغيث وفعلاً حينما يحدث القحط.. تعالى صلي بنا صلاة الاستسقاء، في الأزمات السياسية يلجأ الناس أيضاً إلى العالم، حينما احتل الفرنسيون القاهرة أو احتلوا مصر..
عبد الصمد ناصر: ساعة الحملة الفرنسية بقيادة نابليون.
يوسف القرضاوي: عام 1797 أو 1798..
عبد الصمد ناصر: 1789..
يوسف القرضاوي: 1798، فكان.. من الذي كان يقود المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي؟ هم علماء الأزهر وكان التجمع في علماء الأزهر وكانت المآذن تأذن الاجتماع في صحن الأزهر..
عبد الصمد ناصر: هم الذين قادوا ثورة القاهرة الأولى والثانية..
يوسف القرضاوي: هم اللي قادوا الثورة ولذلك صب الفرنسيون جام غضبهم على الأزهر، ضربوه بالمدافع والقاذفات ويعني صدعوا بعض جدرانه وبعض البيوت اللي حواليه انهارت ولذلك يعني بعد هذه الثورات.. ثورات القاهرة مرة بعد مرة بقيادة الأزهر والمشايخ والعلماء وجد نابليون الذي حاول أن يخدع الناس ويدعي إن هو مسلم ويلبس عمامة ويعمل كذا، خرج من مصر بالليل وخلفه بعده كليبر، من الذي قتل كليبر؟ شاب من الأزهر اسمه سليمان الحلبي، أيضاً يعني لم يكن مصرياً لأن الأزهر للجميع، سليمان الحلبي هو الذي قتل مع بعض زملائه من المصريين يعني دبروا هذا الأمر وقتل الذي قام بالتنفيذ هو سليمان الحلبي ولذلك حكموا بالإعدام عليه ونفذوا الإعدام يعني عدموه بالخازوق، يعني قتلوه شر قتلة ومع هذا صبر على هذا ولم يتراجع بحمد الله.
عبد الصمد ناصر: حول الدور الذي كان يمارسه الأزهر الشريف على ذكر الأزهر الشريف والدور السياسي والممارسات السياسية التي كان يقودها شيوخ الأزهر استطلعنا الآراء التالية على هامش الملتقى العالمي الأول لخريجي الأزهر بالقاهرة، فلنتابع معاً
حارث الضاري- الأمين العام لهيئة علماء المسلمين- العراق: كان الأزهر ملاذ أهل مصر والعرب والمسلمين، حينما يتعرض المصريون وغيرهم من العرب إلى الأذى من الآخرين.. إلى الاحتلال، إلى الغزو، إلى الاجتياح، فكان صوت الأزهر عالياً وكان علماء الأزهر يحشدون الأمة ويدفعون الأمة إلى الثبات وإلى الدفاع.
حسن الشافعي- أستاذ الشريعة في كلية دار العلوم- القاهرة: أما تاريخ الأزهر فهو يؤكد أن دور العلماء لم يكن أبداً قاصراً على الحلقات التعليمية فقط وإنما كان يخرج إلى ساحات الكفاح والجهاد عندما تقف الأمة في موقف شديد أو تتعرض لأزق تاريخي، فحدث هذا في كل العصور كما نعلم جميعاً وأقربها ما حدث في الحملة الفرنسية، أكثر الشهداء هم العلماء الأزهريون وهم الذي واجهوا نابليون وواجهوا جيوشه ثم بعد ذلك امتد هذا كما سمعنا اليوم حتى كان في مواجهة الطغيان الداخلي أيضاً، يعني الذين واجهوا توفيق وأفتوا بخروجه على الأمة لوقوفه إلى جانب الإنجليز ضد عرابي في أواخر القرن التاسع عشر هؤلاء هم علماء الأزهر.
فضيلة الشيخ كنا نتحدث قبل قليل عن الدور الذي اضطلع به الأزهر عبر التاريخ، دور ليس فقط علمي ثقافي اجتماعي وإنما دور سياسي حيث كان للأزهر دور كبير في قيادة ثورة لإخراج المستعمر سواء الفرنسي أو البريطاني أو حتى لعب دور سياسي مهم في عهد العثمانيين، الآن نسأل ونحن نشاهد واقع الأزهر اليوم، لماذا تراجع هذا الأزهر عن هذا الدور؟ ما الذي تغير؟ أين نحن من ذلك الواقع المزدهر التي مر به الأزهر؟
يوسف القرضاوي: هناك يعني أسباب يعني عدة أدت إلى تراجع دور الأزهر منها أن الأمة كلها تراجعت فتراجع معها الأزهر لأنه الأزهر هو جزء من المجتمع الذي يعيش فيه ومنها يعني جمود بعض المشايخ، يعني هناك من الناحية العلمية والفكرية من أسباب تراجع الأزهر أنه لم يتطور علميا كما ينبغي، هناك لنا ملاحظات على كثير مما يدرس في الأزهر، نحن ندرس مثلا علم التوحيد أو يسمى علم الكلام، ندرسه على الطريقة القديمة، علم التوحيد وعلم الكلام كان يؤدي دوره في الزمن الماضي لأنه يعيش في فلسفة معينة وفي طريقة جدلية معينة وبيناقش يعني فئات معينة، تغير الوضع الآن، يعني إحنا لم يعد يهمنا الجهمية أو الخطابية أو الكذا، إحنا نعيش في..
عبد الصمد ناصر: واقع آخر..
يوسف القرضاوي: يعني الملل والنِحَل كما عبر عنها علمائنا الآن وعلمائنا القدامى.. الملل والنِحَل لابن حزم أو الملل والنحل للشهرستاني أو الفرق للبغدادي أو كذا، أصبحنا الآن أمام نحل جديدة وملل جديدة وفرق جديدة لا نعرفها كما ينبغي، لابد أننا نرد على هذه النحل، لابد أن نعرفها أولا ثم ندرس دراسة مقارنة بينها وبين الإسلام ابتداء من اليهودية والنصرانية والأديان الوضعية البوذية، الهندوسية، الكونفشيوسية، الشينتاوية أو هذه الأشياء وبعدين الفلسفات المادية المعاصرة، الماركسية، الوجودية، العدمية، العبثية، يعني هذه الأشياء لابد أن ندرسها يعني وبعدين حتى علم العقيدة نفسه لم يعد يكفي فيه الطريقة القديمة، لابد أن ندرسه من خلال العلم الحديث واستخدام وتوظيف العلم الحديث بما قرر من مقررات وحقائق علمية، هناك كتب يعني مثل الله والعلم الحديث، مثل العلم يدعو للإيمان، مثل الله يتجلى في عصر العلم، فيه أشياء أخرى تعتمد على مقررات العلوم والرياضيات والطبيعيات في إثبات وجود الله، لماذا لا نستفيد من هذه؟ وبعدين نعتمد على القرآن والسنة، على منطقيات القرآن والسنة، مش بس نقول قال الله تعالى كذا.. لا القرآن فيه منطق، لما بيناقش الأشياء {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ} {أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ والأَرْضَ} بيناقش قضية قضايا في غاية.. {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} يعني من غير علة، هل فيه معلول؟ من غير علة؟ هل فيه مسبب من غير سبب؟ إلى آخره، المهم علم التوحيد لابد أن.. علم الفقه لم ندرسه في الكتب القديمة وبعدين ننسى الواقع، الآن حتى يعني ما عدش حتى الكتب القديمة يدوسوه في مذكرات ولا تنتمي إلى التراث ولا يستطيع الطالب أن يدرس كتب التراث وأن يفقهها.. ففيه هذا شيء، الشيء الأخر من خارج الأزهر السياسة لعبت بالأزهر، يعني لعبت بالأزهر بعدة أشياء أولا حرمت الأزهر من أوقافه، كان الشيخ محمد عبده في زمانه يشكو أن الأوقاف أن الأزهر له أوقاف كثيرة ولم يحصل منها إلا الأقل من القليل، بعد ذلك أخذت الأوقاف يعني كلها من الأزهر وأصبح الأزهر موظفا عند الحكومة، يعني شيخ الأزهر موظف عند الحكومة، رئيس جامعة الأزهر موظف، المفتي موظف عند الحكومة..
عبد الصمد ناصر: العلماء كمان، الأساتذة..
يوسف القرضاوي: يعني أقول لك بصراحة حينما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران سألوني الناس لماذا لم تقيموا أنتم يا علماء السنة دولة إسلامية كما قامت أقام علماء الشيعة دولة؟ قلت لهم لا إحنا للأسف يعني إحنا علماء السنة موظفون عند الدولة، يعني تستطيع أنها تعزل من تشاء وتحرمه يعيش، لا يجد ما يأكله، الشيعة.. العالم الشيعي يجئ له الخمس، الشعب يأتيه طوعا ويعطيه خمس، خمس يعني ضريبة 20% من صافي الدخل يأخذها العلماء المراجع، ليس عندنا نحن هذا..
عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ..
يوسف القرضاوي: أنا أقول لك مثل تاريخي، الإمام الحسن البصري وهو من أئمة التابعين الكبار وكان في عهد بني أمية وكان شديد النقد لولاة بني أمية، لا يخاف منهم، فبعض الولاة قال لهم ما سر يعني جراءة هذا الرجل؟ ما سر قوته؟ فقال الناس لهذا الوالي قال له احتاج الناس إلى دينه واستغنى عن دنياهم، الناس كلها محتاجين إلى علمه ودينه وهو مع ربنا أغناه بمال، فإذا كانت البلوى بقى حينما يكون العالم محتاج إلى دنيا الناس والناس مستغنيين عن دينه، تكون هذه البلوى وبعدين من ناحية أخرى السياسة تجيء تتحكم في مسار الأزهر، لا تعين إلا من يواليها، اللي يمشى في الراكب ويتمسح بالأعتاب ترضى عنه، لو واحد قال كلمة نقد أبعدوه، فهذه هي الخطورة حينما تتدخل السياسة في أهل العلم وأهل المشيخة تفسد السياسة هذا الأمر، أنا أقول لك بصراحة أنا تحدثت مع واحد مسؤول مصري قريب من صنع القرار جدا كان هنا في قطر مع أحد الشيوخ الكبار وعزمني معه وجلست معه ويعني تكلمنا عن الأزهر وقلت له يعني الأزهر لماذا لا يُسَاعَد على أن يقوم بدوره؟ يعني قلت له كنا نتحدث قبلها عن كولورادو ومؤتمر كولورادو، المبشرين الأميركان البروتستانت الذين اجتمعوا ليقرروا تنصير المسلمين في العالم وأنشؤوا معهد سموه معهد زويمر ورصدوا لذلك ألف مليون دولار، فلماذا لا يقوم الأزهر بنشر الإسلام؟ قال لي أنا أقول لك بصراحة نحن نريد للأزهر أن يقوى ولكن على ألا يكون مؤسسة في مواجهة الدولة، قلت يا أخي هذه نظرة خاطئة، لماذا تعتبرون الأزهر في مواجهة الدولة؟ لماذا لا تعتبرونه قوة للدولة؟ أنتم حينما تقوون الأزهر تقوون مصر، مصر في العالم الإسلامي كله سمعتها بأنها بلد الأزهر، قووا الأزهر، اجعلوا الأزهر.. اجعلوا من مسؤوليته نشر الإسلام في العالم وأعفوه من السياسة الداخلية..
عبد الصمد ناصر: ربما السياسي يخشى من أن يستعيد الأزهر تلك المكانة التي كان علماء الأزهر لا يخشون في الله لومة لائم ويواجهون الساسة بكل جراءة ومعهم الشعب وبالتالي دور السياسي هنا ينحصر؟
يوسف القرضاوي: لا هنا لأنه يعني حينما كان يعني شيخ الأزهر ينتخب من أكبر الناس وهيئة كبار العلماء ينتخبها العلماء أنفسهم وهو ينتَخب من هيئة العلماء أو هو يعيَّن لا ينتخب حقيقة يعيَّن من هيئة كبار العلماء يعني وهيئة كبار العلماء ينتخبها العلماء أنفسهم فكان يأتي شيوخ لا يخافون في الله لومة لائم، هم دول اللي قالوا.. أيدوا أحمد عرابي وقالوا إن الخديوي توفيق خائن لدينه ووطنه وقد مرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أنا رأيت شيخ الأزهر وأنا طالب في تخصص تدريس الشيخ محمد الخضر حسين العلامة وهو أصله تونسي، شوف الأزهر وأنا في التخصص كان شيخ الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين تونسيا ووكيل الأزهر الشيخ محمد نور الحسن سودانيا وعميد كلية الشريعة الشيخ عيسى منون شاميا، يعني كانوا يختارون الناس..
عبد الصمد ناصر: الكفاءة قبل كل شيء..
يوسف القرضاوي: فرأيت الشيخ الخضر حسين.. محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر يزور الشيخ الخضر حسين في مكتبه وحينما يعني أرادوا أن يعني يقلصوا بعض أبواب ميزانية الأزهر رفض الشيخ الخضر حسين وقال لا والله لا أرضى هذا أبدا إن لم يزد الأزهر في عهدي فلا ينقص منه، إنما يكفيني كوب من لبن وكسرة خبز وبعد ذلك على الدنيا العفاء، هكذا كان الشيخ عبد المجيد سليم وهذا أيضا عاصرناه، الشيخ عبد المجيد سليم لما تتكلم عن أردوا أن يقطروا في ميزانية الأزهر فقال كلمة زلزلت عرش فاروق، قال تقطير هنا وإسراف هناك، كان الملك يصيف في كابري في إيطاليا، قال تقطير هنا.. هذه الكلمة زلزلتهم، جاءه من يقول له يا سيدنا الشيخ أنت قلت كلمة خطيرة عليك جدا، قال خطيرة هذه الخطورة تحول بيني وبين أن أتردد بين بيتي والمسجد؟ قال له لا، قال له إذا لا خطورة، فهكذا كان الشيوخ الكبار في ذلك الزمن..
عبد الصمد ناصر: نعم فضيلة الشيخ مواصلة للحديث فقط عن تراجع دور الأزهر وانحسار مكانته، استطلعنا أيضا بعض الآراء على هامش ملتقى خريجي الأزهر فلنتابعه.
محمد عمارة- مفكر إسلامي- مصر: أسباب كثيرة لتراجع الأزهر وتراجع دور الأزهر في العالم الإسلامي، أول هذه الأسباب هو افتقار الأزهر إلى الاستقلال المالي والأزهر كان مؤسسة تمثل المؤسسة الأم، عقل الأمة وفكر الأمة وعندما تحولت إلى مؤسسة حكومية لم تعد مؤسسة للأمة كما كانت في السابق وإنما أصبحت إحدى مؤسسات الحكومة وفقدان الأزهر لاستقلاله المالي قضية محورية في مسيرته وفي أسباب تراجعه، السبب الثاني وهو فيه قدر كبير من الطبيعية هو ظهور مؤسسات للعلم كثيرة تنافس الأزهر، قديما لم يكن هناك سوى الأزهر لكن الآن العالم مليء بالجامعات، أيضا الصحوات للقوى المعادية للإسلام وللأزهر ولدور الأزهر.
عبد اللطيف آل محمود- أستاذ الدراسات الإسلامية- البحرين: الأزهر كمؤسسة بقيت هذه الفترة الطويلة من العمر كانت لها هيئة استشارية ترشح شيخ الأزهر ثم يتم تعيينه، هذه القضية ابتعدت وحلت هذه الهيئة وأصبح الترشيح من قبل الأنظمة الحاكمة.
عبد الصمد ناصر: من بعض المداخلات حول أسباب تدهور الأزهر، فضيلة الشيخ هناك سؤال من مشارك عبر الإنترنت عبد العظيم المراغي من مصر يقول ما رأي فضيلة الشيخ يوسف فيما صار عليه الأزهر الآن بمعنى هل الأزهر يعتبر هيئة مستقلة يتخذ شيخه قرارات دون تدخل من أحد أم أن الأزهر يعتبر مصلحة كسائر مصالح الدولة لا يملك قراراه ولماذا لا يتم اختيار شيخ الأزهر عن طريق الانتخاب؟
يوسف القرضاوي: هو الأزهر لا شك إنه جزء من مؤسسات الدولة، يعني هذا أمر لا شك في ذلك وكما سمعنا الدكتور عمارة الآن يقول الاستقلال المالي وما ذكرنا إنه أخذ أوقاف الأزهر منه أفقده الاستقلال المالي فالاستقلال ولا يستطيع الأزهر أن يستقل إداريا كما يشاء وكما قلت تدخل السياسة، يعني يستطيع لو كان هناك شيخ أزهر قوي.. كلما وجد الأئمة أقوياء واستطاعوا أن يأخذوا قرارهم يستطيع حتى رغم هذا أن يتحرر من ربقة النواحي الإدارية والنواحي السياسية، يعني الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله كان له موقف في بعض الأشياء، اعتزل.. بس مجرد اعتزاله كان مشكلة، كان يعترض على قانون الأحوال الشخصية لم يستطيعوا أن يفعلوا شيء إلا بعد وفاته فنحن في حاجة إلى..
عبد الصمد ناصر: عفواً للمقاطعة فضيلة الشيخ، هناك مداخلة للدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر معنا الآن هو على الهاتف ينتظر، دكتور أحمد الطيب يعني من موقعك كرئيس لجامعة الأزهر تابعت معنا كل ما قيل لحد الآن، ما قولك في الموضوع؟
أحمد الطيب- رئيس جامعة الأزهر- القاهرة: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأحيي ضيفك الكريم مولانا الشيخ القرضاوي والحمد لله على سلامتكم..يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله يا دكتور..
أحمد الطيب: أهلا مولانا، معلش أنا ربما أستقل بوجهة نظر من منطلق أن يدي في المسألة، أقول يعني أن نعلق على شماعة السياسة والسياسيين كل مشاكلنا ربما كان في هذا شيء من يعني من تبسيط الأمور أكثر من اللازم، أنا من وجهة نظري وقد قضيت عام ونصف عام في دار الإفتاء والآن على وشك ثلاثة أعوام في رئاسة جامعة الأزهر والله ما أحسست ولا لمست أن هناك تدخل من أي جهة داخلية أو خارجية أو ما رُفعت يعني ما رفعت سماعة التليفون ووجدت شخص يقول لي نريد ذلك ولا نريد هذا أو نريد هذا ولا نريد ذاك، على الإطلاق وهذه شهادة يعني أنا مسؤول عنها أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، بل بالعكس ما نلمسه من أحاديث أحياناً هو نوع من العتاب على تقصيرنا نحن الأزهريين في قيامنا بدورنا تجاه قضيتنا وتجاه الإسلام والتعاليم الإسلامية..
عبد الصمد ناصر: طيب دكتور أحمد يعني قد يقول قائل إن تدخل السياسي لا يكون بهذا الشكل بشكل مباشر مثلما تقول، إنما هناك طرق ووسائل أخرى.
أحمد الطيب: أنا كل ما أقوله لحضرتك إن أنا أتحرك بحرية، هي مشكلتنا نحن الأزهريين أنفسنا نحن المشكلة..
عبد الصمد ناصر: طيب دكتور إذا كنتم أنتم المشكلة إذاً أنتم تتحملون المسؤولية عن تدهور جماعة الأزهر، هل تعترفون بذلك؟
أحمد الطيب: أنا عندي الشجاعة كاملة لكي أقول لك نحن علماء الأزهر وأبناء الأزهر أول من نتحمل مسؤولية التقصير وفضيلة مولانا الشيخ القرضاوي ضرب مثلاً بالشيخ شيخ الأزهر الذي قال أنا يكفيني كوب من اللبن وكسرة خبز، يوم أن تجد في علماء من أبناء الأزهر ومننا ومن أساتذة الكليات ومن خريجي جامعات الأزهر مَن يصل إلى هذا المستوى في تحمل المسؤولية سيعود الأزهر بشكل تلقائي إلى مسؤولياته، اليوم يا سيدي نحن نعاني مما تعاني منه أي جامعة، يعني مثلاً الكثرة مع عدم وجود الأماكن، أيضاً الأساتذة الذين يهمهم بناء المستقبل المالي وليس بناء المستقبل العلمي، هل تدخلت مثلاً السياسة وألزمتنا إن إحنا ما ندخلش المحاضرة؟ أو إن أنا أعمل مذكرة ولا أقرر على طلاب كتاباً تراثياً؟ هل ألزمتني بأن أنا أجيب امتحان سهل؟ الكلام ده لم يحدث بالعكس أنا الآن مع مجموعة من إخواننا.. ومولانا وقلت لمولانا الشيخ القرضاوي ويعني هو شجعنا على هذا، عدنا بمقرراتنا الأزهرية في الكليات لابد أن تكون الكتب المقررة فيها كتب تراثية سواء في علم الكلام أو في التفسير..
عبد الصمد ناصر: نعم دكتور أحمد عفواً للمقاطعة، لم يتبق من وقت البرنامج إلا دقيقة، أشكرك على هذه المداخلة، أترك التعليق الأخير لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي على ما قاله الدكتور أحمد الطيب.
يوسف القرضاوي: أنا يعني أود أن أقول.. لا نريد طبعاً أنا مع الدكتور الطيب في إننا لا نجعل كل شيء على السياسة وحدها، يعني الأزهر يتحمل، أنا قلت لك مثلاً في الجمود، التراجع الدراسي والعلمي في أبناء الأزهر، الأزهر بيخرج أربعين ألف كل سنة كما سمعت في هذه الملتقى وأنا علقت على هذا قلت لهم هل نجد من الأربعين ألف يعني أربعين عالماً حقيقياً، أربعين داعية حقيقياً، هم مش كلهم علماء شريعة إنما يعني في الأطباء وفي مهندسين وكان القصد من تطوير الأزهر أن يخرج الطبيب الداعية والمهندس الداعية والزراعي الداعية والصيدلي الدعية ويطلقهم الأزهر في أسيا وأفريقيا مبشرين ودعاة للإسلام، لم ينجح الأزهر للأسف في هذا فنحن نحمل الأزهر مسؤولية ونحمل أيضاً الدولة مسؤولية، إنها لم تحاول إنها تأتي بالأكفاء.. بالكفايات لأن الأزهر في حاجة إلى كفايات تجمع بين القوة والأمانة من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله حتى يستطيعوا أن ينهضوا بالأزهر.