في زيارة عكست الكثير لاهالي هذه المنطقة الجزائرية البعيدة ، قام فضيلة الدكتور القرضاوي بزيارة منطقة القبائل بشرق الجزائر وذلك في سابع أيام زيارته للجزائر .

وقال أهالي المنطقة أن الإقبال الجارف على المحاضرة التي ألقاها القرضاوي في المدينة يوم 30-3-2006 يعبر عن "تعطش دعوي" تعاني منه المنطقة منذ تدني الأوضاع الأمنية في البلاد في التسعينيات من القرن الماضي.

وأظهرت الزيارة التى قام بها فضيلة الشيخ لمنطقة القبائل بالشرق الجزائري، تفاعلات عديدة لا تزال أثارها تتوالى. وكان الشيخ قد حظي خلال الزيارة باستقبال حافل من طرف سكانها ذوي الأصول الأمازيغية، الذين غالبا ما يقدمهم الإعلام الغربي على أنهم معادون للعروبة والإسلام.

وألقى الشيخ القرضاوي محاضرة يوم الخميس 30 مارس 2006 تجاوزت الساعتين بدار الثقافة بمدينة تيزي ووزو عاصمة القبائل الكبرى (110 كلم شرق الجزائر العاصمة)، حضرها عدد كبير من الدعاة وطلبة العلوم الشرعية ومسئولي المنطقة ومواطنين عاديين من الرجال والنساء ضاقت بهم القاعة.

وسارع منظمو المحاضرة إلى تزويد الأماكن المجاورة بمكبرات الصوت ليتمكن من لم يسعفه الحظ بالدخول من متابعتها، خاصة أن هناك المئات من سكان الولايات القريبة توافدوا على القاعة.

تحية امازيغية

واستهل القرضاوي خطابه بتحية أمازيغية: "أزول فلاون"، نالت استحسان الحاضرين، وتعني بالعربية "السلام عليكم".

وتناول في محاضرته حملات التنصير التي تستهدف منطقة القبائل، ودافع عن "إسلامية القبائل" وضرورة "ألا تنفصل عن الدين الإسلامي وألا ينفصل الإسلام عنها". كما ندد بـ"دعاة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد بسبب اختلاف اللسان".

وقال: "إن من تكلم العربية فهو عربي حتى ولو كان أعجميا"، مستدلا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن العربية ليست بأب ولا بأم ولكن العربية اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي".

واعتبر متابعون ذلك الحديث إشارة ضمنية من الشيخ إلى حركة أمازيغية تدعى "حركة انفصال القبائل" تطالب باستقلال المنطقة عن السلطة المركزية، بدعوى أن أهلها ينطقون بغير العربية وأصولهم غير عربية.

وأضاف القرضاوي: "إن الذين يحاولون أن يخرجوا هذا الشعب من دينه وهويته يعبثون ومحاولاتهم فاشلة"، معربا عن سعادته لتواجده في القبائل، "أرض الرجال الأشاوس الأحرار الذين اعتنقوا الإسلام في اليوم الأول من دخوله هذه الديار". وتابع قائلا: "لقد كانت ولاية تيزي ووزو دائما أرض القرآن والزوايا والعلم والجهاد الإسلامي".

وتحدث في هذا السياق عن مناقب المنطقة في الذود عن الإسلام، وقال: "إن سكان منطقة القبائل لم يتخلوا يوما عن الدين الإسلامي رغم المحاولات المتكررة للمستعمر الفرنسي"، مستشهدا بمآثر "لاله فاطمة نسومر" ابنة المنطقة التي "قهرت جنرالات فرنسا وهي لم تتجاوز الـ35 سنة، وهي التي نشأت في أسرة محافظة".

"قلعة الإسلام"

وعبر القرضاوي عن سعادته أيضا لأن زيارته للمنطقة تزامنت مع حلول ذكرى استشهاد البطلين المناهضين للاستعمار الفرنسي: "العقيد عميروش" و"سي الحواس"، وهما أيضا من أبناء منطقة القبائل التي وصفها الشيخ بـ"قلعة الإسلام بلا منازع".

وذكر أيضا بالدور البطولي لسكان القبائل في توسيع دائرة الفتوحات الإسلامية، مستشهدا بدور "طارق بن زياد" الأمازيغي الذي كان له شرف نقل الإسلام إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط.

وحول حركة التنصير التي تستهدف منطقة القبائل أكثر من غيرها قال القرضاوي: "إن الذين يحاولون عبثا تنصير هذه المنطقة نقول لهم لقد أخطأتم في اختيار الهدف.. فالقبائل لن تبيع أبدا إسلامها".

وخلال جولة له في شوارع تيزي ووزو، استغرب الشيخ الكتابة بالفرنسية على واجهات المحلات التجارية بدل اللغة العربية "مع أن الجزائري أقرب إلى العربية منه إلى لغة موليير"، كما قال.

ودعا الداعية الإسلامي "كل مسلم أمازيغي غيور على دينه إلى محاربة ما يمس بشرف المجتمع"، وتابع: "لا بد من صون ثوابت شعبنا المسلم المستمدة من دين الإسلام".

وخلال زيارته أيضا، قام الشيخ بزيارات إلى عدة أماكن أثرية بالمدينة بالإضافة إلى بعض الزوايا الدينية التي تدرس القرآن.

ويتابع الشيخ القرضاوي خلال زيارته الحالية للجزائر جولاته في عدد من المدن الجزائرية.