ناقش الباحث سيد هريدي سيد محمد أطروحته لدرجة الماجستير حول الطابع الأدبي في خطابة الدكتور العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. دارت الرسالة التي نوقشت 22-2-2006م بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر حول المكانة البارزة للشيخ في هذا المجال. وقد أوضح الباحث حاجة الناس بصفة عامة والخطباء بصفة خاصة إلى الوقوف على سمات الطابع الأدبي الذي يؤثر في نفوس السامعين ويستميل عقولهم، مؤكدا على مكانة الشيخ القرضاوي لدى رجال الأزهر. وكشف الباحث عن أن حبه لفضيلة الشيح كان أحد دوافعه لدراسة تراث القرضاوي، وتتبع مؤلفاته وما كتب عنه وأحاديثه من خلال قنوات الإعلام المختلفة. وكشفت الرسالة النقاب عن جوانب الموهبة المتميزة لدى فضيلة الشيخ منذ الصغر، والتي من مظاهرها أنه يعد أحد شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، وقد نظم قصائد وأناشيد رددها دعاة الإسلام فأيقظت القلوب بالإيمان وأشعلت الأرواح بالجهاد، ومن شعره قصيدته النونية، وهي أشبه بملحمة تصور محنة وآلامه ومنها هذه البيات:

ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكين

لن تستـطيع حصار فكري سـاعة أو نزع إيمـاني ونور يقيني

فالنـور في قـلبي وقلبي بيـدي ربي وربـي نـاصـري ومعيني

سـأعيش معتصـما بحبـل عقيدتي وأموت مبتسـما ليحيا ديني

وكما أورد موقع إخوان أون لاين، اشتملت الدراسة على مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة، أما المقدمة فتتضمن أهمية الموضوع وأسباب اختياره ومنهج البحث وخطته، وأما التمهيد فيشتمل على مولد القرضاوي ونشأته ونشاطه في تأليف الكتب وأعماله الرسمية والجوائز التي حصل عليها.

- وأما الفصل الأول فعنوانه: روافد الثقافة الأدبية عند القرضاوي.

- والفصل الثاني بعنوان: الأسس الفكرية والموضوعية في خطابة القرضاوي.

- والفصل الثالث بعنوان: الخصائص الفنية في خطابة القرضاوي.

- والفصل الرابع بعنوان: خطبة القرضاوي في الميزان.

وأشارت الخاتمة إلى نتائج ما كان عليه الطابع الأدبي للشيخ القرضاوي في خطابته، وتدل على منزلته ومكانته بين الخطباء المعاصرين له من ذوي الأثر والتأثير في النهضة الخطابية المعاصرة، ومن أهم هذه النتائج:

- الإخلاص في تبليغ الدعوة، والتي اعتبرتها الرسالة من أهم أسباب نجاحها، في وقت هبط فيه مستوى كثير من الدعاة بسبب أن بعض الذين يلتحقون بميدان الدعوة كانوا يعدونها وظيفة ووسيلة من وسائل السعي على المعاش، ولا يعدونها رسالة يخلص الداعي في أدائها، ويتفانى في تبليغها ونشرها، وقد تبين ذلك من خلال كثرة الخطب التي تهتم بقضايا الأمة وآلامها، والتي كرس لها الشيخ زهرة عمره في التعبير عنها.

- خطب القرضاوي من الخطب الأصيلة التي تعالج قضايا الأمة الإسلامية ومشكلاتها، من وجهة نظر داعية إسلامي غيور على دينه وعلى أمته، بل على الإنسانية جمعاء.

- تعد خطب القرضاوي سجلا لصفحات مشرقات من تاريخ الأمة الإسلامية في جهادها ومحنها في حروبها ضد الإنجليز، وفي فلسطين ضد اليهود، وفي الحرب الأفغانية، وفي الحرب العراقية، وحرب الخليج وغيرها من المحن التي تمر بها أمتنا الإسلامية وما زالت تعاني من شرورها حتى الآن.

- اهتمام الشيخ بالجانب العلمي (مع مراعاة الجانب الفني التعبيري) بعيدا عن المعلومات النظرية التي سرعان ما تنسى وتهمل.

- مراعاة الخطبة لمقتضى الحال، فإما أن تكون قصيرة موجزة إن كان موضوعها سهل التناول خاليا من المعارضة والتنازع، أما إذا كان الموضوع شائكا يتعلق بأمر فيه اختلاف فتكون طويلة لتشمل سائر جوانب الموضوع.

- يلاحظ أن خطب الشيخ الدينية قد مرت بإعداد طيب حتى تتناسب مع المقام، مطابقة لأدلتها من القرآن، فالخطب الوعظية تحتاج إلى العناية والتجهيز والإعداد.

- الإحاطة بنوعية الموعظة، وهذه نقطة مهمة يحتاج إليها الخطيب؛ لأنها تمكنه من شمول النظرة في الموضوع وعمق الاستدلال والبيان.

- معرفة الشيخ بجمهور السامعين مكنته من التأثير والإقناع، والوصول إلى القلوب والنفوس، فمعرفته الشاملة جعلته يصنع التناسب بين غرض الدعوة والمدعوين سواء كانوا في القرية أو في المدينة أو في أي مكان.

- إتقان إلقاء الألفاظ بشكل يجعل المعاني مصورة من خلال الألفاظ، وذلك بإبراز الكلمات ذات الإيقاع الصوتي الخاص، كما يقوم الشيخ بالتصرف في درجات الصوت ارتفاعا وانخفاضا بما يكون مناسبا مع طبيعة المعنى المراد التعبير عنه حسنا أو قبيحا كما يحقق الأثر البالغ في نفوس السامعين.

- أهمية تجديد الخطاب الديني شكلا ومضمونا بما يتلاءم وروح العصر وما يستجد في حياة الناس من أمور معاشهم في حدود ما شرع الله، وبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم-.
ولعل إغفال هذا الجانب كان من أسباب ضعف مستوى الخطابة الدينية لدى كثير من الخطباء المعاصرين، ممن التزموا بنظام الخطب التقليدية القديمة التي لا تصلح تعبيرا عن قضايا العصر، وما استحدث من مستجدات في حياة الناس.