نفى مكتب فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أن يكون فضيلته قد صرح بأن دخول الجنة جائز لكل من كسب رضا رب العالمين بغض النظر إذا كان مسلماً أو مسيحياً أو نصرانياً كما نشرت مجلة دير شبيغل الالمانية ونقلته عنها صحيفة الراية القطرية .

وكانت صحيفة الراية القطرية قد نشرت فى عددها الصادر أمس الاثنين 26 سبتمبر 2005 تصريحات محرفة لفضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي. وذكرت الصحيفة أن هذه التصريحات تأتى بالتزامن مع ما أوردته مجلة ( دير شبيجل ) الألمانية، ولما كانت هذه التصريحات محرفة، فقد رأي مكتب فضيلة الشيخ ضرورة الرد السريع على ما جاء بها.

وأكد الشيخ أكرم كساب مدير مكتب الشيخ بأن موقع الشيخ سيوافي جمهور ومحبي الشيخ بتفاصيل الحوار الذى نشرته مجلة دير شبيجل في أقرب وقت إن شاء الله .

وأوردت المجلة الألمانية فى حوارها مع فضيلة الشيخ بأنه قال : " يدخل الجنه من كسب رضا رب العالمين بغض النظر إذا كان مسلما أو مسيحيا أو نصرانيا" ، وهو ما نفاه مكتب فضيلته جملة وتفصيلاً.

يذكر أن الحوار الذى نشرته المجلة مع فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي تناول أحوال العالم الإسلام وعلاقة الإسلام بغير المسلمين.

وأكد فيه الشيخ على أن الإسلام رسالة عالمية، وأن محمدًا أرسل إلى الناس كافة، وأن رسالته صلى الله عليه وسلم للناس عامة، ولكن على المسلمين أن يبذلوا جهدهم أن تصل هذه الرسالة صحيحة مشوقة إلى العالم فمن وصلت إليه الرسالة ورفض أن يتبع هذا الرسول الذي بشرت التوراة وبشر به الإنجيل، لا لشبهة ولكن حرصًا على الدنيا والمصالح المادية هذا لن يدخل الجنة.

وفيما يلي نص البيان الصادر عن مكتب الشيخ بالدوحة :

الحمد لله و الصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم

وبعد

نشرت جريدة الراية القطرية بالأمس تصريحات لفضيلة العلامة يوسف القرضاوي، وذكرت الجريدة أنها تنشر ذلك بالتزامن مع مجلة ( دير شبيغل ) الألمانية، و لما كانت هذه التصريحات محرفة، فقد رأيت أن أكتب هذا الرد السريع على أن نوافي جمهور الشيخ ومحبيه بتفاصيل الحوار في أقرب وقت إن شاء الله .

و الذي أحب أن أنوه عليه في البداية أن ما جاء في الجريدة بالأمس إنما هو من باب من يستشهد لترك الصلاه بقوله تعالى ( فويل للمصلين ) وهو على غرار قول الشاعر الماجن:

ما قال ربك ويل للأولى سكروا بل قال ربك ويل للمصلين

و لهذا قالوا قديما : وما آفة الأخبار إلا رواتها .

أما بخصوص ما جاء في جريدة الراية) على لسان فضيلة الشيخ من أنه : ( يدخل الجنه من كسب رضا رب العالمين بغض النظر إذا كان مسلما أو مسيحيا أو نصرانيا) فهذا لم يقل به الشيخ لا من قريب ولا من بعيد ، وإنما كان كلام فضيله الشيخ عندما سئل كالآتي:

س: في الصيف الماضي آثار أحد الأئمة في ألمانيا: أن غير المسلم لن يدخل الجنة، فما رأيكم في هذا؟

وقد أجاب فضيلته : هذا الإطلاق غير مقبول، هذه الأشياء لها قيودها وضوابطها، نحن نعتقد أن الأديان السماوية السابقة، اليهودية والنصرانية، دينان سماويان، ونؤمن بالتوراة والإنجيل، وعقيدتنا الإسلامية لا تصح إلا إذا آمنا بكل كتاب أنزل وكل نبي أرسل، وأباح الإسلام للمسلم أن يتزوج بالكتابية، وتصبح أم أولاده ويصبح أهلها أصهاره.

ولكن هناك حقيقة: أن الإسلام رسالة عالمية، وأن محمدًا أرسل إلى الناس كافة {وما أرسلناك إلا رحمة} الأنبياء: {ليكون للعالمين نذيرا} الفرقان: {إني رسول الله إليكم جميعا} الأعراف: رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة، ولكن على المسلمين أن يبذلوا جهدهم أن تصل هذه الرسالة صحيحة مشوقة إلى العالم فمن وصلت إليه هذه الرسالة ورفض أن يتبع هذا الرسول الذي بشرت التوراة وبشر به الإنجيل، ولكن رفض أن يتبعها لا لشبهة ولكن حرصًا على الدنيا والمصالح المادية هذا لن يدخل الجنة.

وكل صاحب دين يعتقد أنه صاحب الحق، وأن عنده الحقيقة المطلقة فكذلك اليهود عندهم أن النصارى لا يدخلون الجنة، وكذلك النصارى وكذلك المسلمون، ولكن عندنا نحن المسلمين، لا بد من شروط، منها أن يأتيه الهدى، ويتبين له، قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ...}الآية.

وإذا كان هذا هو كلام الشيخ في تلك المقابلة؛ فإن للشيخ كذلك كلاما يرى فيه كفر اليهود والنصارى، كما رأى اليهود والنصارى كفر المسلمين، وللشيخ رسالة صغيرة بعنوان (موقف الإسلام العقدي من كفر اليهود والنصاري ) والشيخ في تكفيره لليهود والنصارى , لم يكن مبتدعاً لهذا الأمر، بل هو متبع لا مبتدع, وهو خلف لمن سبقه من السلف .

لكن الشيخ وإن كان يعتقد كفر أهل الكتاب من اليهود والنصارى , فإنه وضع عدة حقائق منبهاً إلى عدم الإغفال عنها , وهذه الحقائق هي :

1 ـ أن كفر أهل الكتاب ليس كفر إلحاد وجحود بالله , ولكنه كفر تحريف وتبديل للدين , وتشويه لعقيدة الألوهية والنبوة .

2 ـ أننا وإن قلنا بكفر اليهود والنصارى فلا يجوز أن نناديهم بـ " يا أيها الكفار أو الكافرون " لأن القرآن لم يستخدم هذا اللفظ قط إنما استخدم ] يا أيها الناس [ و ] يا بني آدم [ .

أما قوله تعالى: ] يا أيها الذين كفروا [ في سورة التحريم فإنما نداء للكفار بعد دخول النار , وقوله: ] قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [ فقد كان رداً حاسماً لسد الباب أمام الكفار حين طالبوا الرسول بالإيمان بآلهتهم ليؤمنوا بإلهه . [1]

وأما بالنسبة لمحاكمه أسامة بن لادن والزرقاوي فإن كلام فضيلة الشيخ كان ردا على سؤال قال فيه الصحفي:

س: ألمانيا بعد الحرب حاكمت بعض المسؤولين من (مجرمي الحرب) هل هناك بعض علماء المسلمين يدعو لمحاكمة أسامة ومن معه لارتكابهم بعض الجرائم؟

ج: لم تثر هذه القضية بعد، ولكن يمكن بعد أن تهدأ الأمور،أن تحدث محاكمة، لكن ستكون هناك ضوابط، ولكن من الذي يحاكم؟ ومتى؟ وأين؟ لا بد أن يحاكم أمام محكمة إسلامية، مكونة من علماء مسلمين.

ثم قال الشيخ: ومن حق أسامة أن يدافع عن نفسه، ويقول: إن معه فتوى من مشايخ وعلماء. ونحو ذلك.

وقد حاول الصحفي أن يتهم أسامه بن لادن بالكفر فرفض الشيخ ذلك وقال في رده عليه: س: هل علماء الدين يدينون أسامة في هذه الأفعال، ويقولون أنه لا يعتبر مسلما؟

ج: جمهور المسلمين يدينون هذه الأفعال، ولكن لا يقولون: إنه ليس بمسلم أو إنه كافر، لا. هذه قضية خطيرة، لأن أساس الغلو هو: قضية التكفير، فلا نريد أن نقع في ما وقع فيه أسامة بن لادن وجماعته، ولكن نقول: هذا عمل غير مشروع، والإسلام حريص كل الحرص على عصمة الدماء، لأن الدماء لها عصمتها في السلم والحرب. وعلماء المسلمين لم يكفروا الخوارج برغم استباحتهم دماء المسلمين.

أكرم كساب

مكتب الشيخ القرضاوي

_________________

[1]] - انظر : موقف الإسلام العقدي / ص 59 وما بعدها باختصار, وانظر : فتاوى معاصرة / ج3 ص 182 وما بعدها باختصار.