|
|
التقى فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي الأربعاء الموافق 7-9-2005 وفدا إعلاميا مثّل كلا من هيئة علماء المسلمين والحزب الإسلامي بالعراق. جاء اللقاء بمكتب فضيلة الشيخ بمركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر بالدوحة. وكان الوفد الإعلامي قد عبّر لفضيلة الشيخ عن حب وتقدير الشعب العراقي لكل ما يقدمه الشيخ تجاه قضايا العراق. وقد أوصى الشيخ الوفد الإعلامي ومَن وراءهم من أهل العراق بضرورة وحدة الصف، والبعد عن الخلافات الدينية والمذهبية والعرقية والطائفية.
وقام الوفد بتسجيل كلمة ألقاها الشيخ للمعتقلين والمغيبين وراء القضبان، وأوصاهم فيها بأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا ويتقوا الله، وأن يكونوا على يقين من النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرا، وأن بعد الليل فجرا، مؤكدا على أن دوام الحال من الحال، مستشهدا بقول الله تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.
وكان الشيخ وفريق من العلماء والدعاة المسلمين البارزين في العالم الإسلامي قد تبنوا دعوة الأمة لضرورة نبذ الخلافات وتعزيز التقارب بين المذاهب الإسلامية خاصة في ظل ما يحدق بالأمة من أحداث ومخاطر تحتم على المسلمين ضرورة الوحدة لمواجهة التحديات.
جاء ذلك في ندوة "الوحدة الإسلامية الثانية" التي اختتمت أعمالها الثلاثاء في 10-5-2005 تحت عنوان "سبل وحدة المسلمين ومناهج التقريب بينهم"، والتي استضافتها العاصمة السورية دمشق وحملت شعار "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ".
وفي كلمته بالندوة دعا الداعية الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس مجلس الإفتاء الأوربي إلى "عدم الاستماع إلى الدعوات التي تمزق الأمة الإسلامية من خلال تسميات متعددة خاصة فرض واقع السنة والشيعة"، مشددا على أن "اختلاف المذاهب لا يبرر أبدا أن تحول الأمة إلى أمم: أمة الشيعة وأمة السنة".
وتابع: "جميعنا يؤمن بالله الواحد الأحد، والعقيدة والفرائض والكتب والرسل واليوم الآخر ونجتمع على شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ ولذا فإن بعض الخلافات البسيطة لا يجوز أن تفرق الأمة التي هي أحوج ما تكون للوحدة في حالات الشدة واجتماع الأعداء علينا وفي ظروف الخطر حيث نواجه معركة عسكرية وسياسية وثقافية".
واعتبر القرضاوي أن "وحدة الأمة الإسلامية فريضة وضرورة يوجبها الدين خاصة في الأوقات الحالية"، مستشهدا بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}.
وشدد القرضاوي على أن "العبادة لا تتم ولا تدخل التقوى (القلوب) إلا بوحدة الأمة وأن الله تعالى سماها الأمة وليس أمما.. والأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، وهي حقيقة دينية وتاريخية وجغرافية بل هي حقيقة سياسية ولمصلحة المسلمين".
وأضاف القرضاوي: "إن الأمم عادة تختلف في الأحوال العادية، ولكن عندما تكون البلاد مهددة فإن المطلوب تجاوز الاختلاف ومواجهة العدو الذي يتربص بالأمة".
يذكر أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي كان قد أصدر بيانا أيضا الجمعة 19-11-2004 ينص على أن مقاومة الاحتلال في العراق "واجب شرعي على كل مستطيع، داخل العراق وخارجه"، لكنه دعا "المقاومين الشرفاء إلى لالتزام بالأحكام الشرعية في جهادهم ضد المحتلين".
وقال: إنه "لا يجوز لأي مسلم تقديم الدعم للمحتلين ضد الشعب العراقي ومقاومته الشريفة"، ودعا العراقيين الذين تدفعهم ظروفهم إلى العمل في الجيش أو الشرطة إلى تجنّب إلحاق الأذى بمواطنيهم.
جاء ذلك في البيان الختامي للاجتماع الثاني لمجلس أمناء الاتحاد في بيروت الذي استمر يومين.
واعتبر البيان أن "مقاومة الشعب العراقي بغية تحرير الأرض واسترجاع السيادة تعدّ واجبا شرعيا على كل مستطيع، داخل العراق وخارجه، ما دام ينتمي إلى أمة الإسلام. وهذا القتال هو من باب جهاد الدفع الذي لا يلزم له وجود قيادة عامة وإنما يُعمل فيه بحسب المستطاع".
وفي شأن المتعاونين مع المحتلين في العراق رأى الاتحاد أنه "لا يجوز لأي مسلم تقديم الدعم للمحتلين ضد الشعب العراقي ومقاومته الشريفة؛ لأن في ذلك إعانة لهم على الإثم والعدوان وموالاة للمعتدين ضد شعب مسلم مظلوم. وإذا كانت ظروف بعض العراقيين تدفعهم إلى العمل في الجيش أو الشرطة فإن عليهم أن يسعوا جهدهم لتجنّب إلحاق الأذى بمواطنيهم، وعلى المقاومة الشريفة ألا تتعرض لهم بسوء ما داموا لا يحاربون شعبهم ولا يوالون عدوهم".
ودعا "المقاومين الشرفاء إلى الالتزام بالأحكام الشرعية في جهادهم ضد المحتلين، والابتعاد عن التعرض للمدنيين غير المقاتلين من النساء والأطفال والشيوخ، حتى لو كانوا من جنسية القوات الغازية ما داموا لا يتعاطون أعمالا عدائية ولا سيما إذا كانوا يقومون بمهمات إنسانية أو إعلامية، وإذا وقع بعض الأعداء في الأسر فيجب الإحسان إليهم طوال مدة الأسر، وتقديمهم إلى محاكمة عادلة لإطلاق البريء منهم. ولا يجوز احتجاز الرهائن والتهديد بقتلهم من أجل الضغط لتحقيق هدف معين".
كما ناشد الاتحاد "المقاومين الشرفاء أن ينتبهوا إلى وجود طوابير متعددة ممن يريدون سوءا بالإسلام وأهله، يقومون بأعمال ظاهرها المقاومة وهي في حقيقة الأمر امتداد للعدوان، وتشويه لصورة المقاومة الشريفة، وربما ترتبط بعض هذه الطوابير بأجهزة الاستخبارات الصهيونية والعالمية".
واعتبر أن "على المقاومة الشريفة أن تستنكر أعمالهم وتفضح عمالتهم واختراقهم". كما دعا العراقيين إلى "نبذ خلافاتهم ووقوفهم صفا واحدا من أجل طرد الاحتلال وبناء عراق موحّد لجميع أبنائه".
وأهاب الاتحاد بحكومات الجيوش الغازية للعراق "بلا استثناء أن تنسحب من العراق انسحابا فوريا، بعد تسليم السلطة مؤقتا إلى هيئة دولية معترف بها، تقوم بالإشراف على انتخابات حرة ونزيهة، يتولى بعدها الشعب العراقي إدارة شئون بلاده بنفسه".
كما دعا الاتحاد إلى "إحياء المصالحة الشاملة بين فعاليات الأمة كافة وتعزيز مناخ الحريات وتوسيع قاعدة المشاركة والتزام النهج السلمي قولا وعملا وتأكيد دور العلماء في إصلاح الأمة".