شعار عيد الاضحى |
" الدنيا مليئة بالآمال و الآلام فإذا أردت أمالها تحمّل آلامها" قول مأثور يلخص دور "إئتلاف الخير" بالتعاون مع جمعية قلقيلية للتأهيل ، " معمل الأطراف الصناعية " الذي يساعد على تحمّل ألام فقدان الأطراف لإحياء الآمال و الإرادة بالنفوس المكسورة و الحزينة .
يعد معمل الأطراف الصناعية، احد أهم المشاريع التي تنفذها جمعية قلقيلية للتأهيل، وهي مؤسسة غير ربحية تأسست في مدينة قلقيلية العام 1992 ، ويشير نسيم الشنطي، مدير الجمعية، إلى أن مهمة معمل الأطراف منذ تأسيسه في العام 2003، اقتصرت على تقديم الفحوصات المجانية لمحتاجيها، وتقديم النصائح الخاصة بالأطراف اللازمة، كل حالة على حدا ، وتم حصر هذه الخدمات بسكان محافظة قلقيلية (المدينة وقراها)، واستفاد قرابة 300 شخص من هذه الخدمات، في الفترة الماضية، إلا أنه، وبعد أن تصل ماكينات تصنيع الأطراف من المانيا، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حيث سيتم في بداية الأمر الاستعانة بخبراء أجانب لتدريب قرابة الخمس عشرة شاباً فلسطينياً على هذه "المهنة الخاصة"، لتصبح، وخلال أشهر قليلة، صناعة الأطراف فلسطينية خالصة
عندها سنقدم خدماتنا إلى جميع الفلسطينيين في محافظات الضفة الغربية، ومن المتوقع أن يستفيد من خدماتنا قرابة الخمسين شخصاً شهرياً، كما أن تكاليف التصنيع ستكون منخفضة (600 دولار أميركي) بدلاً من (1750 دولاراً أميركياً)، هي معدل تكلفة الطرف الواحد في فلسطين، هذه الأيام، علاوة على أننا كنا، وسنستمر في توفير المواد الخام اللازمة لهذه الصناعة.
دعم المعاقين
دية المرأة |
ويضيف الشنطي : وجود المعمل لدعم ومساعدة المعاق كي يتجاوز محنته، لاسيما أن مجمل المعاقين في فلسطين، يعانون من الإهمال، ومن صعوبة دمجهم في المجتمع، وتحويلهم إلى أناس منتجين وفاعلين.
ويقدم المعمل خدماته للمعاقين خلقياً، ولمعاقي الانتفاضة، وضحايا حوادث السير، ومن فقدوا أطرافهم بسبب بعض الأمراض كالسكري، كما لا تقتصر خدمات المعمل على تقديم أطراف صناعية كاملة كالأيدي والأرجل، بل على أحذية خاصة لتقديم اعوجاج الأقدام (Flat Foot) عند الأطفال، وأجهزة لتقويم الأطراف، وأخرى لشلل الأطفال، وشلل الكبار.
وكون أن المعمل، جزء من حلقة خدماتية تابعة لجمعية قلقيلية للتأهيل، والتي تهتم بالمعالجة، والتأهيل، والتدريب، والدمج، فإن خدماته لا تقتصر على فئة دون أخرى، فالمعمل يقدم خدماته للأطفال، والشبان، والنساء، والمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات الحركية، وغيرهم، وإن كان يركز على ذوي الدخل المنخفض، ومتضرري الانتفاضة.
ويضيف مدير الجمعية نسيم الشنطي : اعتمدت الجمعية في بناء المعمل على تمويل من اللجنة القطرية المشتركة لدعم الشعب الفلسطيني، ومقرها الدوحة، في حين تكفلت هيئة الأعمال الخيرية في دولة الإمارات العربية المتحدة بتغطية تكاليف الأجهزة اللازمة لتصنيع الأطراف، وقيمتها 95 ألف دولار، متحدثاً عن دعم مرتقب للمعمل، وعموم نشاطات الجمعية، من مؤسسة الإسراء في هولندا.
ولضمان الاستمرارية والتمويل المستقبلي، سيعتمد العمل على "مساعدات أهل الخير" وتبرعاتهم، لتغطية نفقات المعمل بعد تشغيله، وسيتم توظيف أكبر قدر ممكن من إمكانيات الجمعية لتغطية جزء من نفقات المعمل، كما سيتم تقاضي أجرة رمزية من المراجعين، بحيث يتمكن المعمل من تقديم الخدمات للمرضى والمراجعين بأسعار التكلفة.
إنجازات و طموحات
للمعمل أقسام مساندة منها قسم العلاج الطبيعي، ويقدم خدمات مجانية للمرضى من أبناء محافظتي قلقيلية وسلفيت، وقسم الرعاية والتأهيل، ويقدم خدمات مجانية للمرضى والأطفال المعاقين من أبناء "قلقيلية"، وقسم توفير الأجهزة الطبية المساعدة (عكازات، عربات، فرشات طبية، وغيرها) .. ويأمل القائمون على المعمل، التمكن من توسيع الرقعة الجغرافية للمستفيدين من هذه الخدمات المجانية، مستقبلاً.
ويستعين المعمل باختصاصيين في الأطراف الصناعية، لحين تدريب طاقم للعمل كموظفين في الجمعية، إضافة إلى موظف إداري تقع على عاتقه مهمات عدة، من بينها تسجيل وفتح ملفات المرضى، وتوفير الخدمات الطبية لهم، والاتصال مع المرضى والمراجعين من كافة المناطق، للاستفادة من الخدمات التي يقدمها، وسيقدمها، المعمل، كما يشتمل طاقم العاملين في المعمل على باحث ومرشد اجتماعي، ومحاسب، ومساعد للاختصاصيين، وعامل للنظافة والخدمات.
وعن تجربة معمل الأطراف، قال الطبيب نضال الشافعي- المتخصص في جراحة العظام- ، والذي يعمل ليومين في الجمعية: إنها تجربة رائدة نتمنى لها أن تكتمل بعد قدوم الآلات اللازمة للتصنيع .. كل ما نقوم به الآن هو فحص الحالات وتشخيصها وتقديم النصائح لها .. هناك حالات صعبة، وتحتاج إلى أطراف صناعية بأسرع وقت ممكن، ولا نملك المبالغ اللازمة لذلك .. الجمعية تقدم جزءاً من ثمن الأطراف أحياناً، لكن ربما ذلك لا يكفي .. لابد من تضافر الجهود.
وأضاف الشافعي: عموماً أنا متفائل من قدوم الآلات اللازمة لتصنيع الأطراف، والعمل على تدريب شبان فلسطينيون ليعملوا عليها .. إنه مشروع رائد سيحقق حلم الكثيرين ممن فقدوا أطرافهم، أو ولدوا دونها.
وشدد على خصوصية معاقي الانتفاضة، الذين فقدوا أطرافهم فداء للوطن، حيث قال: هؤلاء منسيون .. فعلوا ما فعلوا من أجل الوطن والقضية، والآن لا أحد يأبه لهم .. إنهم لا يعانون فقط من مشاكل صحية وجسدية، بل من مشاكل نفسية كبيرة، خاصة بسبب الإهمال.
ويضيف زميله قاسم درويش: دورنا لن يقتصر على التشخيص والإرشاد، فعند وصول الآلات سنعمل مع الخبراء الأجانب، بحيث نتعرف على طرق التعاطي مع هذه الآلات، ونقدم خبرتنا كاختصاصيين للشبان المتدربين.
ويؤكد درويش أن أكثر الحالات التي تصلهم هي تلك التي تعرف بـ"الفلات فوت"، وأن أكثر فاقدي الأطراف هم من ضحايا الانتفاضة.
وحسب إحصائيات المعمل، فإن نسبة المراجعين الأكبر هي لمن يعانون من (Flat Foot) بواقع (25%)، تليها وبنسبة (20%) أولئك من يحتاجون لتركيب أطراف صناعية كاملة، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع كثيراً، فور وصول آلات تصنيع الأطراف من المانيا، في حين كانت نسبة المراجعين للحصول على احذية طبية (20%) أيضاً، و(15%) بخصوص أجهزة الشلل.
أمل معقود
تعول أم عمر (من قلقيلية) على قدوم الآلات الألمانية للجمعية، لعلها تتمكن من رؤية ابنها الثاني سلامة، يمشي على قدميه، كما كان قبل تعرضه لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال، خلال مداهمتهم المصنع الذي كان يعمل به في مدينة نابلس، خاصة أنه يعاني من مشاكل نفسية كبيرة، لاسيما بعد أن تخلت عنه خطيبه، وفصل من عمله.
وهذا هو حال أبو سفيان (من طوباس)، الذي لا يزال "يتعلق بقشة"، بخصوص والدته المصابة بالسكري، والتي فقدت يدها اليمنى، ومعرضة لفقدان قدمها اليمنى، وكذلك ابنته (شذى) التي تعاني مما يعرف بـ"شلل الأطفال".