د. القرضاوي.. قال: استنكر بشدة ما حدث من تفجير في قطر، وأراه أمرا ينكره الدين، وينكره العرف، وينكره القانون.

أما الدين ونعني به دين الإسلام، الذي يدين به المجتمع القطري فلأنه يحافظ علي دماء الناس وأموالهم وحرماتهم وأمنهم، ويري الاعتداء عليها من أعظم الجرائم التي تستوجب عقوبة الله في الدنيا والآخرة.

حتي ان الرسول الكريم حرم ان يروع المسلم أخاه المسلم عن طريق المداعبة والمزاح، فقال: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما .

فكيف بهذه التفجيرات التي تسفك فيها الدماء بغير حق، ويؤخذ فيها البريء بالمسيء، وقد قال (صلي الله عليه وسلم) لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امريء مسلم بغير حق .

وقد قرر القرآن مع الكتب السماوية الأخري: أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا (المائدة: 32).

والإسلام كما يستنكر القتل الذي يستوجب لعنة الله تعالي وغضبه وعذابه في نار جهنم: يستنكر إهدار الأموال، وتخريب المنشآت، فإن هذا مال المجتمع، ومن اعتدي علي شيء منه، فقد اعتدي علي المجتمع كله، وخصوصا المال العام، فهو في حرمة مال اليتيم في نظر الشرع.

أما انكار العرف فلأن المجتمع القطري مجتمع أنعم الله عليه بنعمة الأمن كما أنعم عليه بالكفاية من العيش، وهما النعمتان اللتان امتن الله بهما علي قريش، وطلب منها ان تقوم بشكرهما بعبادة الله وحده فيلعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (قريش: 4،3).

والمجتمع القطري حريص علي استمرار نعمة الأمن، ولا يسمح لأحد أن يسلبه هذه النعمة، أو يعكر عليه صفوها، وهو مجتمع متعارف متآلف متواد، يعرف بعضه بعضا، ويألف بعضه بعضا، ويود بعضه بعضا، وهو ينكر بشدة هذه الأعمال الإجرامية التي تهدد المجتمع في أمنه واستقراره وتماسكه، ولا يستفيد منها الا اعداء الأمة وأعداء الدين، ولا يقوم بها إنسان له دين، أو حتي له عقل، فإن العاقل لا يضر نفسه ابلغ الضرر لفائدة عدوه!.. وقال فضيلته:

وكأن هؤلاء الحمقي استكثروا علي المجتمع القطري جو الأمان الذي يتمتع الناس في ظلاله بحرية الحركة والنشاط، دون قيود ولا عوائق، فأرادوا ان يدخل هذا المجتمع في إجراءات التشديد والتضييق والاحتياط الزائد، وفي هذا ما فيه من ضرر علي مجموع الناس.

إن هذا (الفيروس) الخطر: دخيل علي جسم قطر، غريب عنها، وليس من شأن أهلها ولا المقيمين فيها، لا من فكرهم ولا من أخلاقهم، ولهذا أهيب بكل من في قطر مواطنين ومقيمين: ان يقفوا صفا واحدا ضد هذا الوباء، وأن يتعاونوا علي صده ومقاومته، والكشف عنه، وتتبع آثاره، حتي لا تنتقل عدواه إلي أحد، ولا تسري في البلد الآمن مسري النار في الحطب.

أما انكار القانون، فكل قوانين الدنيا تدين هذه الأعمال اللامسؤولة، الأعمال الدموية التخريبية التي لا تبالي بإزهاق الأرواح، ولا بتخريب الديار، كل القوانين تقابلها بما تستحق من العقوبات الرادعة التي تردع الباغين عن بغيهم، وترد الشواذ عن الصراط المستقيم الي سواء السبيل، واختتم د. القرضاوي تصريحاته قائلا: اني باسمي وباسم اخواني من علماء قطر ندين هذه الجريمة المنكرة، التي نرجو ان تكون أولي الجرائم واخراها، وان يحفظ الله هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، وكل بلاد العالم، وان يرد هؤلاء الشاردين المضللين الي رشدهم، وأما العملاء والخونة فأدعو الله ان يأخذهم أخذا أليما شيديدا ويريح منهم البلاد والعباد.

المصدر: د. حسن على دبا

جريدة الراية القطرية