واصل فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي الحديث عن جوانب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة ما يتعلق بالجانب الجهادي، الذي ارتأى أن الحديث عنه ضرورة في ظلال واقع المسلمين اليوم.
وأكد فضيلته على أن اليهود ومن خلال تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين من بعده معهم لا يلتزمون بعهد ولا ميثاق، جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم أمس بجامع عمر بن الخطاب.
وقال فضيلته: جعل الله في الرسل السابقين عدة جوانب للاقتداء، أما رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقد جعل جانب الأسوة والاقتداء في حياته وسيرته لا يعد ولا يحصى، فكل إنسان يستطيع أن يجد في السيرة والسنة ما يكون له نبراساً يضيء حياته، سواء كان ذلك الإنسان شاباً أو كهلاً أو شيخاً، أو كان حاكماً أو محكوماً، غنياً أو فقيراً، مسالماً أو محارباً، منتصراً أو منهزماً، أبا كان أو جداً، عزباً أو متزوجاً، زوج الواحدة أو المعدد، المتزوج بالصغيرة أم بالكبيرة، المتزوج بالثيب أو المتزوج بالبكر.
وأضاف فضيلته أن كل ذلك يعود إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة الكاملة العامة الخالدة التي امتدت مكاناً وزماناً وإنساناً، فعلى سبيل المثال لا يجد المحارب في حياة المسيح عليه السلام قدوة كاملة لأنه لم يحارب، ولا يستطيع الحاكم أن يجد فيه أسوة لأنه لم يحكم، ولا يستطيع المتزوج أن يجد فيه ذلك لأنه لم يتزوج، ولن يجد فيه بالطبع مثالاً لابن أو لأب أو لجد.
وقال فضيلته: وأكبر مجال للأسوة في حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو الجهاد.وما أحوجنا في هذا العصر أن نتحدث عن الجهاد بعد أن أصبح دم المسلمين أرخص من التراب، يهدر ويهراق هنا وهناك ولا نجد من يحمى ولا من يغار على هذه الدماء، وما أحوجنا أن نتحدث عن هذا الجهاد.
وعن الدور الجهادي الذي قام به الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته قال د. القرضاوي: تحدثنا في الجمعة الماضية عن الرسول المجاهد الذي اشترك بنفسه في سبع وعشرين غزوة وأرسل من أصحابه بضعاً وخمسين سرية، أي أنه عاش حياته كلها في الجهاد، فقد كان جهاده في مكة من نوع يتمثل في الصبر على الأذى والاحتمال والدعوة والتبليغ وكان جهاده في المدينة يتمثل في مقارعة الأعداء، وما كان أكثرهم فقد كان عليه الصلاة والسلام يحارب في عدة جبهات.