ودعت المملكة المغربية مساء الخميس 2 أبريل 2015 العالم والمؤرخ واللغوي والدبلوماسي الدكتور: عبد الهادي التازي، الذي وافته المنية عن عمر يناهز 94 عامًا، قضاها في العلم والتأليف وخدمة قضايا بلاده وأمته.

والدكتور التازي حفظ القرآن في الكُتَّاب في سن التاسعة, ثم ترقى في سلم التعليم من المدرسة إلى جامعة القرويين التي حاز فيها على الإجازة سنة 1947م، ثم واصل تعليمه إلى أن حصل على دبلوم الدراسات العليا من جامعة محمد الخامس، ثم دكتوراه الدولة من جامعة الإسكندرية، حيث كان موضوع أطروحته (جامعة القرويين). وبذلك كان الدكتور التازي ممن جمع بين الثقافتين: ثقافة القرويين بأصالتها الدينية واللغوية، والثقافة الحديثة بتوجهاتها الحديثة نحو المنابع الغربية.

اتجه د. التازي إلى السلك الدبلوماسي, فكان سفيرًا لبلاده في العراق ثم ليبيا.

شغل التازي عدة مناصب علمية في المغرب وخارجه، منها: إدارة المعهد الجامعي للبحث العلمي. وعضوية كل من أكاديمية المملكة المغربية, ومجمع اللغة العربية بالقاهرة،

والمجمع العلمي العراقي، والمعهد العربي الأرجنتيني، ومؤسسة آل البيت، ومجمع اللغة العربية بالأردن، ومجمع اللغة العربية بدمشق. كما عين عضوًا في المعهد الإيطالي الإفريقي والشرق، ومقره في العاصمة الإيطالية روما، واختير عضوا بالمجلس العلمي لهيئة المعجم التاريخي للغة العربية، وعين رئيسا للمؤتمر العالمي السادس للأسماء الجغرافية بنيويورك.

للدكتور التازي عدة مؤلفات تؤرخ للمغرب ثقافة ومجتمعا، منها: (جامع القرويين: المسجد والجامعة)، و(أعراس فاس)، و(قصر البديع بمراكش من عجائب الدنيا) و(أوقاف المغاربة في القدس) و(دفاعا عن الوحدة الترابية)، و(الإمام إدريس مؤسس الدولة المغربية). و(المرأة في تاريخ الغرب الإسلامي). وأخرى في العلاقات الدبلوماسية والسياسية منها: (جولة في تاريخ المغرب الدبلوماسي) في خمسة عشر مجلدًا، و(تاريخ العلاقات المغربية الأمريكية)، و(العلاقات المغربية الإيرانية)، و(الرموز السرية في المراسلات المغربية عبر التاريخ). و(إيران بين الأمس واليوم). 18- الموجز في تاريخ العلاقات الدولية للمملكة المغربية وله في الأدب العربي (آداب لامية العرب)، وفي التحقيق: (تاريخ المن بالإمامة) لابن صاحب الصلاة، و(الفريد في تقييد الشريد) لأبي القاسم الفجيجي.

كما ألف في الدعوة والثقافة الإسلامية: (تفسير سورة النور) و(في ظلال العقيدة)، بالإضافة إلى ترجمته عدة أبحاث بالعربية والفرنسية والإنجليزية، منها: (حقائق عن الشمال الإفريقي) للجنرال دولاتور، و(ساعات من القرن الرابع عشر في فاس) لديريكح دي صولا برايس، و(لو أبصرت ثلاثة أيام) للكاتبة الأمريكية كيلير هيلين أدامس، و(الحماية الفرنسية: بدؤها ونهايتها) لمجموعة من الدبلوماسيين والساسة، بالإضافة إلى نشره العديد من المقالات في عدد من المجلات.

لقيت الدكتور التازي كثيرا في المؤتمرات العلمية، وفي المجامع والندوات الفكرية والثقافية، التي شارك فيها في عدد من البلاد العربية: في المغرب، وفي قطر، وفي المجمع اللغوي في مصر، وفي المجمع الفكري لآل البيت في الأردن، وفي ملتقى الفكر في الجزائر، وفي غيرها.

وقد سرني منه حرصه على الأصالة الثقافية الإسلامية والعربية، وعراقته في اللغة العربية، وتمكنه من التراث التاريخي للأمة. وهو يعتبر من القامات العالية، التي قربت بين المغرب والمشرق، واعتزت بشموخها وعراقتها، ولم تداهن في دينها وعقيدتها. وقد ساعده على ذلك سعة ثقافته وتنوعها، وطول باعه في معرفة العربية، كما كان يعرف الفرنسية والإنجليزية، ويترجم عنها. وكان بيني وبينه مودة عميقة، نشأت من هذا الارتباط الثقافي، والوقوف في وجه المخرفين والمحرفين.

ندعو الله عز وجل أن يتغمد أخانا الدكتور عبد الهادي التازي برحمته ومغفرته، وأن يرزق أهله ومحبيه الصبر والسلوان، وأن يعوض المغرب والعرب بمن يخلفه في دينه وثقافته وتماسكه. آمين.