السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم الذين يقيمون الصلاة أثناء دوام العمل لزمن يتجاوز -في أحيان كثيرة- نصف الساعة، وأحيان أخرى تصل إلى الساعة، مما يؤخِّر مصالح الناس وأشغالهم؟ ولكم كلُّ التقدير والاحترام.

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:

فمن الظواهر المحمودة في دوائر العمل المختلفة، حكومية أو غير حكومية: أن يتاح للعاملين فيها فرصة لأداء الصلاة المفروضة على المسلم والمسلمة أثناء العمل. وهذا هو الواجب على المجتمع المسلم بالنسبة لفريضة تعتبر هي عمود الإسلام، وإقامتها من دلائل صلاح الأمة، وصلاح الدولة، كما قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} (الحج:41). وكان سيدنا عمر يقول لولاته: إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمَن ضيعها، فهو لما سواها أشدّ تضييعا*.

ولكن يجب على المسلم الملتزم بالصلاة: أن يعين إدارة الشركة أو المؤسَّسة على القيام بتيسير الصلاة في مكان العمل، ذلك بتقليل المدَّة التي تستغرقها الصلاة ما أمكن ذلك. وهنا أنصح المسلم الموظف أن يذهب إلى العمل متوضِّئا، ليصلِّي بوضوئه، فإن كان يصعب عليه ذلك، فعليه أن يلبس جوربه على وضوء، فإذا انتقض الوضوء أثناء العمل، أمكنه أن يمسح على الجوربين، دون أن يخلعهما ففي ذلك توفير كثير للوقت. وقد أفتى بجواز ذلك بضعة عشر صحابيا، وأنا أفتي بمشروعية ذلك بكلِّ اطمئنان. وحتى لا تستغرق الصلاة أكثر من عشر دقائق.

أما التطويل والتمطيط في الوضوء، وفي إقامة الصلاة، وفي ختام الصلاة، وفي إقامة السنن، فهو ليس مطلوبا في ساحة العمل. الذي تحسب فيه كلُّ دقيقة، ولا سيما في دائرة الأعمال غير الحكومية وشبه الحكومية.

والله الموفق

.....

* رواه مالك في وقوت الصلاة (6)، وعبد الرزاق في الصلاة (1/536)، والبيهقي في الكبرى في جماع أبواب المواقيت (1/445)، والطحاوي في شرح معاني الآثار كتاب الصلاة (1/193)، وضعفه الألباني في مشكاة المصابيح (585).