محمد صبرة

كاتب هذه السطور لا يزعم أنه متحدث باسم جهة رسمية، ينفي شائعة ترحيل الشيخ القرضاوي من الدوحة وتسليمه لمصر، لمحاكمته من تهم هو منها براء.

وكاتب هذه الكلمات، لايدعي شرف الدفاع عن فقيه وعالم، في هامة وقامة وحجم العلامة د. يوسف القرضاوي.

لكن جينات العدل والحق والإنصاف، تتحرك في جسد أي حر شريف، وتدفعه ليكتب أو ليقول كلمات، يدافع بها عن مظلوم، نسجوا له تهما هو منها بريء، كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.

عشت في قطر قرابة 20 عاما، ورأيت فيها حفاوتها بالعلماء، وتكريمها لهم.

ورأيت فيها احتضانها للمظلومين والمضطهدين، من العرب والعجم، تحنو عليهم بكرمها، وتحيطهم بسياج أمنها، وتظلهم بغطاء أمانها.

وشاهدت ولمست بنفسي، احترام ولاة أمورها، وأبناء شعبها لشيخنا د. يوسف القرضاوي .

وسمعته ونقلت عنه وهو يؤكد أن " قطر منه وهو منها، يحبها وتحبه " يحترمه ويحبه أبناؤها كبارا وصغارا .

وأستطيع أن أقول غير حانث ولا كاذب أن قطر "كعبة المضيوم "، التي يجد فيها المظلومون والمضطهدون من كل أجناس الأرض، الأمن والأمان،لا يمكن أن تٌسلم أحد مواطنيها الأبرياء الأتقياء الشرفاء، لدولة ظالمة لفقت له تهما كاذبة، وحاكمته غيابيا أمام قضاء فاسد، وطالبت بالقبض عليه، عن طريق شرطة دولية غير عادلة إسمها "الإنتربول".

لا يصدق عاقل أو عارف بأحوال هذا البلد الطيب الكريم المضياف، أنه سيتخلى عن أحد أبنائه، خاصة عندما يكون في حجم وقامة العلامة د. يوسف القرضاوي، رائد الدعوة للوسطية الإسلامية، وأحد أبرز فقهاء الإسلام في عصرنا .

أي حر منصف عاقل يعتبر القرضاوي خطاً أحمر، ويرى أن أي مساس به سيعتبره مئات الملايين المحبين له، من طلاب العلم والدعاة والعلماء الصادقين المخلصين، مساسا بهم واعتداء عليهم. و مساسا بتيار الوسطية الذي تبناه ودعا إليه وعاش من أجله، طوال عمره المديد الذي ناهز "88" عاما".

شخصيا.. اعتبرت يوم استجابة الشرطة الجنائية الدولية " الإنتربول"، لطلب حكومة الإنقلاب في مصر، بتوقيف القرضاوي، يوما أسود في تاريخ الدعوة الإسلامية عموما، وفي تاريخ الأزهر الذي تخرج منه، وصار أحد أشهر علمائه.

هو يوم أسود، في زمن انقلبت فيه الموازين فأصبح الداعية للوسطية إرهابيا، و الداعي للانحلال مستنيرا ومعتدلا، وصار من يقول كلمة الحق متهما بالكذب ،وأضحى المنافق والكذاب صادقا.

وفي زمن انقلاب الموازين، جاءت واقعة وضع اسم د. يوسف القرضاوي، ضمن قائمة المطلوب القبض عليهم، بواسطة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول".

الإنتربول وضع اسم القرضاوي على قائمة المطلوبين بطلب من حكومة الانقلاب في مصر، التي تتهمه بارتكاب جرائم: الاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب القتل العمد، ومساعدة السجناء على الهرب والحرق والتخريب والسرقة.

أي عاقل أو منصف لايصدق التهم الساذجه الموجهة للقرضاوي، الذي عاش 88 عاما طاهر القلب، نقي السريرة، نظيف اليدين، لم يقترف جريمة تستدعي مجرد التحقيق معه، حتى لوكانت ذبح دجاجة.

ومما يؤسف له أن السبب الأكبر في التهم الموجهة للقرضاوي، لم يأتِ من عسكر مصر، ومن يسايرهم ويسبح بحمدهم، وإنما جاء من أناس يقال عنهم أنهم علماء، على رأسهم ثالوث النفاق باسم الدين: أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعلى جمعة مفتي مصر السابق، ومحمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، ربيب أمن الدولة، الجاسوس على إخوانه العلماء.

دفاعنا عن القرضاوي، ليس حبا في شخصه، ولا سعيا لغنيمة أو مصلحة عنده، وإنما هو وقوف مع الحق، و دفاع عن مظلوم.. دبروا له تهما، هو منها بريء .

شائعات طرد القرضاوي من قطر، لن تتوقف، وشائعة تسليمه لمصر لن تكون الأخيرة، لكن المؤكد أنه سيظل آمنا مطمئنا في قطر "كعبة المضيوم".