د. يوسف القرضاوي
من العلوم الدينية التى اشتهرت عند المسلمين: علم الحديث، وهذا يتعلق بما رُوى عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف خِلقى أو خُلُقى، أو سيرة، وقد قسموه إلى علم الحديث رواية، وعلم الحديث دراية.
وعلم الحديث رواية: هو ما يتّصل بالمصادر التى جَمعت هذا الحديث، أو حاولت أن تجمعه من مظانّه، من الكتب الصحاح والحسان والمسانيد والمصنفات والجوامع والأجزاء، وغيرها، وهى ذخائر هائلة، حاولت الأمة أن تجمعَها وتصُونها، وتميّز بين صحيحها، وضعيفها، وموضوعِها، وبذلتْ فى ذلك جهودا شتى قديمة وحديثة.
وعلم الحديث دراية: ما يبحث حول هذه المرويات، وتنويعها، وتصنيفها وشرحها، والاستنباط منها، وما هو مقبول، وما هو مردود، وما هو صحيح، وما هو ضعيف، وما هو مختلف فيه، وما هو مكذوب وموضوع، وما لا أصل له، وما هو مشترك بين ذلك كله، وما هو مستقل بجنس واحد، إلى تقسيمات شتّى تتصل بالحديث وأهلِه ورجاله، وأصنافِهم، حتى جعلوا كل قسم منهم أو منها صنفا بعينه من الحديث، ، حتى وصّل بعضهم علوم الحديث إلى تسعين.
ويكفى أن عندنا: الكتب الستة، ومعها موطأ مالك، ومسند أحمد، وأضف إلى ذلك مسند الدارمى، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومسند أبى يعلى، ومستدرك الحاكم، ومعجمات الطبرانى، التى يعمل كثير من المعاصرين لاستخراج صحيحها من سقيمها، وإفادة الأمة مما فيها، وحسبنا ما يتبناه أخونا العالم والباحث السعودى الشيخ عبد الرحمن بن عقيل من مشروع كبير لخدمة السنة، يتفرغ للعمل فيه عدد كبير من العلماء بالقاهرة، وهم ينجزونه من عدة سنوات، ويُرجى أن يكون له أثر كبير.
ــــــــ
- عن كتاب "موقف الإسلام من العقل والعلم" لفضيلة الشيخ.